المعارضة الليبية لـ«الشرق الأوسط»: لن نتفاوض على أي شيء سوى رحيل القذافي وأسرته ونظامه

العقيد يسعى لقمة أفريقية طارئة وجلسة عاجلة لمجلس الأمن.. وممثل الجامعة العربية في أديس أبابا: التحرك الأفريقي متأخر وفات أوانه

أحد الثوار الليبيين يحمل سلاحه امام مبنى شبه مدمر في مصراتة أمس (إ.ب.أ)
TT

سعى الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، أول من أمس، إلى محاولة قلب الطاولة على حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي صعد من وتيرة هجماته الجوية ضد قوات القذافي والكثير من المنشآت العسكرية التابعة له، حيث طلب القذافي الذي نجا بأعجوبة من غارة جوية دمرت مكتبه وقتلت وجرحت عشرات من حراسه ومساعديه قبل ثلاثة أيام في باب العزيزية بالعاصمة الليبية طرابلس، من روسيا أن تتحرك دبلوماسيا لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن كما دعا عبر وزير الخارجية الليبي عبد العاطي العبيدي إلى اجتماع طارئ لدول الاتحاد الأفريقي لمناقشة العدوان على ليبيا بهدف إحراج الناتو.

ولم تتمكن ليبيا، التي لا يوجد لديها حاليا ممثل دائم لدى الأمم المتحدة، من الطلب من المنظمة الدولية عقد هذا الاجتماع، بعدما تحفظت السلطات الأميركية على تعيين القذافي لوزير خارجية كولومبيا في منصب مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة خلفا لعبد الرحمن شلقم، وجاء الطلب الليبي المفاجئ لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، خلال اجتماع عقده الدكتور أحمد جرود مدير الإدارة الأوروبية بوزارة الخارجية الليبية قبل يومين في طرابلس مع القائم بأعمال سفارة روسيا لدى ليبيا.

وقالت مصادر ليبية إن جرود طلب من القائم بالأعمال الروسي، إبلاغ بلاده باتخاذ الإجراءات الدولية اللازمة لدعوة مجلس الأمن لعقد جلسة طارئة لمناقشة ما وصفه بالتمادي الصليبي في قصف المواقع المدنية الليبية، بل ومحاولته استهداف القذافي، وشدد جرود على أن هذا التحول يعتبر جريمة ويشكل خرقا ومخالفة لقراري مجلس الأمن بخصوص الأزمة الليبية، معتبره انتهاكا صريحا للمواثيق والقوانين الدولية.

وعبر جرود عن شكر بلاده لروسيا على مواقفه التي قال إنها تعبر عن الإدانة المستمرة لهذا التطاول العدواني، والازدواجية في المعايير، وتجاوز المعتدين لقراري مجلس الأمن بشأن ليبيا.

ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن القائم بأعمال سفارة روسيا في طرابلس إبداءه حرصه على سرعة إبلاغ بلاده بأهمية العمل على دعوة مجلس الأمن لعقد جلسة طارئة لمناقشة هذا التطور الخطير من قبل قوات حلف الناتو ضد ليبيا.

وبينما طلبت ليبيا عبر وزير خارجيتها عبد العاطي العبيدي عقد اجتماع طارئ لرؤساء وقادة الدول الأفريقية، قال علي العيساوي مسؤول الشؤون الخارجية للمجلس الوطني الانتقالي لـ«الشرق الأوسط» إن الوفد الذي أرسله المجلس إلى مقر الاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لم يذهب للتفاوض مع أي ممثلين عن نظام القذافي سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

وأبلغ العيساوي «الشرق الأوسط» بأن «المجلس الانتقالي يناقش مع الاتحاد الأفريقي فقط مسألة تنحي القذافي عن السلطة التي يقودها منذ 42 عاما على اعتبار أنها مطلب شعبي لا يمكن التنازل عنه».

وأكد العيساوي أن محاولة القذافي عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن ستنتهي بالفشل لأن المجتمع الدولي بات الآن يعرف حقيقة هذا الرجل ونظامه، مشيرا إلى أن المجلس الانتقالي يقوم أيضا باتصالات وصفها بالمضادة لإحباط هذا التحرك.

من جهته قال أحمد صلاح الدين نوح، ممثل الجامعة العربية لدى الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، إنه ليس من المتصور أن تجتمع هذه القمة بشكل وشيك، وقال نوح لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من أديس أبابا «هناك قمة اعتيادية للاتحاد الأفريقي في شهر يوليو (تموز) المقبل ولا أعتقد أنه سيكون ممكنا الاستجابة لطلب ليبيا، خاصة أنه ليس هناك أي جديد يطرح للنقاش على الساحة».

وأضاف نوح، الذي شارك في الاجتماعات التي عقدها الاتحاد الأفريقي في مقره بأديس أبابا على مدار اليومين الماضيين، أن الاتحاد الأفريقي ربما تكون لديه فرصة للتحرك وتطوير المواقف، لكنه يعاني، على حد قوله، من بطء آلية اتخاذ قراراته.

وكشف نوح النقاب عن أن الاتحاد الأوروبي أعرب خلال هذه الاجتماعات عن أن القذافي ونظامه ليس محاورا مقبولا وأنه يتعين عليه أن يرحل، فيما أوضح تأكيد الجامعة العربية أن أي حل سياسي للأزمة الليبية يجب أن يتماشى مع التطورات الراهنة على أرض الميدان في ظل المعارك المحتدمة بين قوات القذافي والثوار المناوئين له.

وكانت لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى الخاصة بليبيا قد عقدت في أديس أبابا اجتماعا على المستوى الوزاري، كما عقدت سلسلة اجتماعات مع ممثلي ليبيا وممثلي المجلس الوطني الانتقالي، وكذلك ممثلو دول الجوار والشركاء الدوليون للاتحاد الأفريقي بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.

وقال الاتحاد الأفريقي في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه «أن ممثلي القذافي أكدوا خلال هذه الاجتماعات قبول حكومته غير المشروط لخارطة طريق الاتحاد الأفريقي»، لافتا إلى أن المجلس الانتقالي الوطني المناهض للقذافي شكر الاتحاد الأفريقي على جهوده المبذولة لمعالجة الوضع في ليبيا.

وأوضح البيان أنه تم خلال المشاورات مع دول الجوار والدول الأخرى بالمنطقة، الإشارة إلى بعض المخاوف بشأن تفسير وتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973 وكذلك امتداد تأثير الأزمة في ليبيا وآثارها على الأمن والاستقرار بالمنطقة على المدى الطويل. وقال البيان «تعتزم هذه اللجنة الخاصة خلال الأيام القليلة المقبلة اتخاذ عدد من الخطوات ضمن متابعتها لمهمتها، تتضمن عقد مشاورات مع الأطراف الليبية والشركاء متعددي الأطراف بهدف العقد المبكر لمفاوضات لوقف إطلاق النار تتم مراقبته من قبل آلية دولية موثوقة وفعالة، وكذلك حول الجوانب الأخرى بالأزمة الليبية وخاصة الإصلاحات الضرورية لمعالجة الأسباب التي أدت إلى الوضع الحالي».

وطلبت اللجنة الأفريقية للوساطة من وفدي الحكومة الليبية والمجلس الوطني الانتقالي، بعد اجتماعات منفصلة، إرسال وثيقة توضح مواقفهما بشأن شروط وشكليات تنفيذ عناصر خارطة طريق الاتحاد الأفريقي.

وكان عبد العاطي العبيدي وزير الخارجية الليبي قد التقى أمس كلا من وزير الدولة لشؤون الأمن في جنوب أفريقيا، والوزير المكلف بالاتحاد المغاربي والشؤون الأفريقية الجزائري، ومفوض مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي.

وقال العبيدي «ثمنت هذه الأطراف استجابة ليبيا لقراري مجلس الأمن وكذلك لمبادرة الاتحاد الأفريقي وخارطة الطريق التي وضعتها اللجنة الأفريقية، وأكدت تضامنها مع ليبيا في تصديها للعدوان الأطلسي ومحاولاته التي تستهدف فرض حصار بحري على ليبيا وشبعها».

واتهم العبيدي الغرب باستمرار معاقبة أفريقيا من خلال ليبيا وسرقة ثرواتها واستعمارها مرة أخرى، حيث أبلغ اجتماع مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الأفريقي الذي يضم 53 دولة أن على الاتحاد تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك ردا على الضربات الجوية الليبية. وقال إن الوفد الممثل لنظام القذافي يقترح عقد جلسة غير عادية للاتحاد الأفريقي بأسرع ما يمكن بغرض التعرف على السبل التي تمّكن قارة أفريقيا من تعبئة قدراتها لمواجهة القوات الأجنبية التي تعتدي عليها.

وبدا أمس مجددا أن الاتحاد الأفريقي ينحاز إلى نظام القذافي، حيث اتهم الجزائري رمضان العمامرة مفوض الاتحاد الأفريقي للأمن والسلم الدول الغربية بتقويض جهود الاتحاد لإيجاد حل أفريقي للصراع في ليبيا، وقال إن الحرب الأهلية الدائرة هناك تواجه خطر الدخول في حالة من عدم الحسم.

وأضاف العمامرة «أريد أن أشير إلى أن السعي لتطبيق أولويات أخرى في ليبيا من جانب أطراف غير أفريقية كان له أثر على تنفيذ خارطة الطريق التي أعدها الاتحاد الأفريقي».

وقال في جلسة مفتوحة للصحافيين «هناك محاولات لتهميش حل أفريقي للأزمة خاصة فيما يتعلق بأن تنفذ خارطة الطريق التي وضعها الاتحاد الأفريقي في الوقت المناسب وبشكل يتماشى تماما ويكون تكميليا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة».

وبعدما اعتبر أن تدخل التحالف الغربي وحلف الناتو لم يوجد حلا للأزمة، خلص إلى أن «فرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا والقصف الجوي من جانب التحالف والآن حلف شمال أطلسي لم يأت بحل للأزمة».

وأضاف «في الواقع فإن الحل العسكري على الأرض يبدو أنه يسير باتجاه الدخول في مأزق».

من جهة أخرى، وصل إلى العاصمة الليبية طرابلس أمس، المصري بسيوني محمود شريف رئيس لجنة التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة والوفد المرافق له، في زيارة تستهدف تقصي الحقائق حول طبيعة المظاهرات الشعبية التي اجتاحت مختلف المدن الليبية اعتبارا من السابع عشر من شهر فبراير (شباط) الماضي ضد القذافي لمطالبته بالتخلي عن السلطة. ولفتت وكالة الأنباء الليبية الرسمية أمس إلى أن أمانة مؤتمر الشعب العام (البرلمان الليبي) أجرت اتصالات مع البرلمانات الإقليمية والدولية، وكذلك مع منظمات المجتمع المدني الدولية والجمعيات الأهلية والنقابات وغيرها، وكذلك مع منظمات حقوق الإنسان العالمية، ومجلس حقوق الإنسان، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، ومنظمة حقوق الإنسان الأميركية، وذلك لإيضاح ما جرى في ليبيا وحجم ما وصفته بالمؤامرة التي تتعرض لها حتى الآن.