سقوط 6 قتلى على الأقل في درعا.. وإصرار على الاستمرار في التظاهر في «أسبوع فك الحصار»

حصيلة «جمعة الغضب» 62 قتيلا مدنيا.. ونداءات استغاثة لنجدة أطفال درعا والسماح بإدخال المواد الغذائية.. ومظاهرة نسائية في دمشق

صورتان مأخوذتان من موقع «يوتيوب» لسوريين في مواجهة الامن في مدينة درعا أمس (إ.ب.أ)
TT

سقط أمس 6 قتلى مدنيين على الأقل في مدينة درعا التي لا تزال تحت حصار عسكري محكم، في وقت كشف فيه ناشطون حقوقيون أن حصيلة «يوم الغضب» أول أمس بلغت 62 قتيلا مدنيا. وأكد ناشطون في درعا قيام عناصر الأمن بإطلاق النار على نجل الشيخ أحمد الصياصنة، أسامة الصياصنة، لأنه رفض إرشادهم إلى مكان والده، في وقت لا تزال فيه عشرون دبابة تربض في محيط الجامع العمري مع مئات من عناصر الأمن وقوى الجيش.

وقال شاهد عيان في درعا لـ«الشرق الأوسط»، في اتصال هاتفي أجري معه من لندن، إن قوات الأمن السورية اقتحمت جوامع البلد، أمس، ومنها الجامع العمري حيث كان يحتمي مواطنون عاديون، بحثا عن إمام الجامع، الشيخ أحمد الصياصنة. وأضاف الشاهد أن قوات الأمن أطلقت الرصاص على رأس ابن الشيخ الصياصنة، وهو طالب في العشرينات من العمر، وقتلته، لأنه رفض الإفصاح عن مكان والده.

ويلعب الشيخ الصياصنة دورا بارزا في درعا في تشجيع المتظاهرين على المطالبة بحقوقهم، إلا أن السلطات تتهمه بإثارة القلاقل ضد النظام.

وكشف الشاهد أن إطلاق المدفعية والصواريخ في درعا بدأ يوم الاثنين الماضي بين الكتيبتين؛ الرابعة في قوات النخبة السورية، والكتيبة الخامسة التي رفضت الأوامر بقمع المظاهرات في درعا بالقوة. وأضاف الشاهد، الذي رفض الكشف عن اسمه خوفا من ملاحقة السلطات له، أن القوة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري، اشتبكت مع الجنود المنشقين والبالغ عددهم 40 إلى 50 جنديا، وقتلت معظمهم، وقال: «كانت الخطة أن يتم اجتياح درعا، وعندما انقلب العسكر عليهم بدأ قتال عنيف منذ صباح الاثنين». وأضاف أن القصف العشوائي كان يصيب المواطنين المدنيين في بيوتهم، وهو ما تسبب برفع عدد الجرحى والقتلى.

وروى الشهد أيضا أن القوات الأمنية دخلت الجامع العمري ونشرت فيه أسلحة وأجبرت سائقي شاحنات، ألقت القبض عليهم، على الاعتراف بأن خلية إرهابية، وأنهم المسؤولون عن القتال. وتحدث عن حصار قاتل، وانتشار كبير للقناصة على أسطح الأبنية الرسمية والجوامع.

وقال إن هناك نقصا كبيرا في الماء والكهرباء والمواد الغذائية، وقال: «تم ضرب خزانات المياه على أسطح البيوت، ولكن هناك خزانات داخلية، ومنذ الخميس مساء جاءتنا أمطار غزيرة جدا، ما ساعدنا لكي نتمون».

وقتل الأشخاص الستة خلال قصف للجيش وإطلاق نار من قناصة في مدينة درعا التي تعاني نقصا في الماء والغذاء والدواء منذ تدخل قوات الأمن، الاثنين، بحسب ما قال ناشط سوري لوكالة الصحافة الفرنسية. ويحاصر الجنود المدينة التي تبعد مائة كيلومتر جنوب دمشق، ويمنعون الدخول أو الخروج منها، بينما تتعرض لقصف مدفعية ثقيلة منذ صباح السبت على ما أضاف الناشط استنادا إلى شهود.

وأوضح أن قناصة متمركزين على الأسطح يطلقون الرصاص على كل من يغامر بالخروج إلى الشارع. وأضاف «سقط ستة قتلى»، مؤكدا أنهم «قتلوا في قصف بدأ فجرا على المنازل أو برصاص قناصة». وقال أحد الشهود إن «المدينة محاصرة وينقصها الماء والغذاء والدواء». وتحدث الناشط أيضا عن «انشقاق» بعض عناصر الجيش، لكن لم يتسن التأكد من هذا الخبر من مصدر مستقل. وأضاف أن «بعضهم يرفض الامتثال لأوامر إطلاق الرصاص، وانضموا إلى السكان واختبأوا في منازلهم».

واستمرت أمس قرى ومدن حوران في الاحتجاجات، في ظل حصار محكم منع وصول الغذاء للأهالي. وأطلقت يوم أمس نداءات استغاثة لنجدة أطفال درعا والسماح بدخول الحليب والخبز والمواد الغذائية الأساسية. وأصدر عدد من الفنانين والمثقفين في سوريا بيانا يناشدون فيه الحكومة السورية السماح بدخول المواد الغذائية للأطفال في درعا. ونبه ناشطون في موقع «فيس بوك» إلى قيام النظام السوري بإدخال أسلحة إلى الجامع العمري وإحضار عدد من أبناء درعا وإجبارهم على القول إنهم ينتمون إلى جماعة إرهابية.

وسمع يوم أمس صوت قصف مدفعي على مدينة الكرك، وتحدثت أنباء عن قتلى ومصابين بينهم نساء وأطفال. وفي اللاذقية، تم تشييع الطفلة رهف بطيخ، وقال ناشطون إن رصاصة أصابت رهف وهي في منزلها في حي الصليبة يوم أول أمس، وذلك أثناء قيام قوات الأمن بتفريق للمتظاهرين الذي خرجوا في الصليبة.

وفي دمشق، أعلن ناشطون حقوقيون عن قيام السلطات السورية باعتقال المعارض السياسي حسن عبد العظيم، الأمين العام للاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، والمتحدث باسم التجمع الوطني المعارض، وذلك مع استمرار حملة اعتقالات واسعة. ووفق مصادر محلية تم اعتقال المئات في ريف دمشق خلال اليومين الماضيين.

وشهد يوم أمس مظاهرة لنحو خمسين امرأة بعد الظهر، قبالة مجلس الشعب في قلب دمشق تضامنا مع سكان درعا ودوما اللتين يحاصرهما الجيش منذ نحو أسبوع، وفق ما قالت ناشطة في حقوق الإنسان لوكالة الصحافة الفرنسية. وارتدت المتظاهرات مناديل بيضاء وحملن أوراقا كتب عليها «أوقفوا المجازر» و«أوقفوا الحصار». ونقلت الناشطة عن إحدى المتظاهرات قولها «ما دام الرجال صامتين، فإن النساء يتكلمن!». وأضافت الناشطة أن الأجهزة الأمنية تدخلت واعتقلت 11 من المتظاهرات على الأقل. وتحاصر قوات الأمن السورية درعا ودوما (15 كم شمال دمشق) منذ بداية الأسبوع.

وقالت منظمات حقوقية إن قوات الأمن السورية اعتقلت، أمس، اثنين من شخصيات المعارضة البارزة، ومجموعة من المحتجات، في إطار حملة على نشطاء يطالبون بالديمقراطية.

جاءت هذه التقارير بينما قالت منظمة «سواسية» السورية لحقوق الإنسان إن قوات الأمن قتلت 560 مدنيا على الأقل منذ أن بدأت الاحتجاجات، قبل ستة أسابيع.

وقال المركز السوري للدفاع عن سجناء الضمير إن ضباط أمن اعتقلوا حسن عبد العظيم (81 عاما) في دمشق، وعمر قشاش (85 عاما), في حلب. وقال نشطاء حقوقيون آخرون إن قوات الأمن اعتقلت 11 امرأة سرن في مظاهرة صامتة في منطقة الصالحية بدمشق، أمس السبت. وكانت المسيرة تضامنا مع سكان مدينة درعا التي أرسل إليها الرئيس بشار الأسد دبابات لسحق انتفاضة هناك على حكمه.

وأفادت مصادر محلية في سوريا بأن يوم أمس شهد تشييع نحو 16 قتيلا سقطوا يوم «جمعة الغضب»، وأن قوات الأمن قامت بإطلاق النار لتفريق المتظاهرين المشيعين، مما أسفر عن سقوط عدد جديد من القتلى وعشرات الجرحى. وتحت شعار «أسبوع فك الحصار» ترحم «شباب الثورة السورية 2011» في صفحتهم على «فيس بوك» على أرواح الشهداء الذين سقطوا أمس في «جمعة الغضب» ضد نظام الرئيس بشار الأسد. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بسقوط 62 قتيلا مدنيا الجمعة، 33 منهم في مدينة درعا (جنوب) مهد حركة الاحتجاج، و25 في الرستن، واثنان في حمص، وفي شمال غربي البلاد قتل شخصان في اللاذقية وضواحيها.

وقال الناشطون على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» عن القتلى الذين سقطوا إن «دمكم أنار لنا طريق الحرية. نعاهدكم أن نحمل الراية التي بذلتم لأجلها دماءكم ونواصل المشوار. نعاهدكم أن دمكم الطاهر لن يذهب هباء». وأضافوا أن «الشهداء هم الخالدون. أما القتلة المجرمون فسيذهبون إلى مزابل التاريخ بعد أن يحاكمهم الشعب ويقتص منهم». وتابع النداء أن «الحرية قادمة لا محالة. هذا الشعب بذل دماءه وفلذات أكباده وزهرة أبنائه لأجل الحرية، وسينال الحرية قريبا قريبا. ستزهر دماؤكم الزكية يا شهداءنا الأبرار».

ووعد الناشطون بمظاهرات جديدة خلال «أسبوع فك الحصار»، لا سيما اليوم في درعا، والاثنين في ضواحي دمشق، والثلاثاء في بانياس وجبلة (شمال غرب)، والأربعاء في حمص وتلبيسة (وسط) وتلكلخ عند الحدود مع لبنان. وينوي المتظاهرون الخميس تنظيم «اعتصامات ليلية» في كل المدن، بينما تحاصر قوات الأمن درعا ودوما (15 كم شمال دمشق) منذ بداية الأسبوع. وتحدى عشرات آلاف المتظاهرين الجمعة قرار منع التظاهر، وخرجوا إلى شوارع عدة مدن مرددين «حرية» وداعين إلى «سقوط النظام». وظهر في أشرطة فيديو صورها المتظاهرون وبثت على «يوتيوب» كيف كان متظاهرون يفرون في مدخل درعا خوفا من رصاص كثيف.

وضمن إطار نفي ما يقال في الإعلام الخارجي عن الأوضاع في سوريا، ظهر مساء أول من أمس على شاشة التلفزيون السوري اللواء المتقاعد محمد الرفاعي، وكذب ما بثته الفضائيات عن كونه قائد الفرقة الخامسة المنشقة، مؤكدا أنه «متقاعد من الجيش وفق السن القانونية منذ عشر سنوات». وقال الرفاعي «إن النبأ الذي بثته بعض الفضائيات حول قيادته للفرقة الخامسة والتي تدعي أنها قد انشقت عن الجيش العربي السوري عار عن الصحة، لافتا إلى أن مهمته انتهت في قيادة هذه الفرقة بسبب إحالته إلى التقاعد لبلوغه السن القانونية في 1/7/2001». وأضاف «جيشنا البطل هو كتلة واحدة متماسكة وقوية وموضع ثقة كل أبناء الوطن، وهو المؤسسة الحريصة على أمن ووحدة وسلامة البلاد وحمايتها من الأعداء، وكل ما تبثه الفضائيات حول الجيش العربي السوري يندرج في إطار حملة الافتراءات والتضليل التي تستهدف هذا الجيش الوطني وشعبنا الذي أصبح واعيا لمثل هذه الأكاذيب المغرضة». وأكد اللواء الرفاعي أنه رغم إحالته إلى التقاعد منذ 10 سنوات فإن ولاءه ووفاءه مطلق للوطن وللجيش العربي السوري ما دام على قيد الحياة.