ملك المغرب يزور مراكش.. وتشديد الأمن في كل أنحاء البلاد

تفجير ساحة الفنا تم التحكم فيه عن بعد.. وخبراء إسبان وفرنسيون يشاركون في التحقيق

الملك محمد السادس خلال تفقده ساحة جامع الفنا بمراكش، أمس (رويترز)
TT

زار العاهل المغربي، الملك محمد السادس أمس «ساحة جامع الفنا» في مراكش، وهي الساحة التي هزها تفجير مروع يوم الخميس الماضي بعد وضع مواد شديدة الانفجار في مقهى «أركانة»، أسفر عن سقوط 16 قتيلا من بينهم 14 سائحا ومغربيان و25 جريحا. كما زار العاهل المغربي جرحى الحادث في مستشفى «ابن طفيل» وكذا في المستشفى العسكري «ابن سينا» في مراكش. ويوجد في مستشفى «ابن طفيل» حاليا سبعة مصابين (مغربيان وخمسة فرنسيين)، في حين يوجد في المستشفى العسكري «ابن سينا» خمسة جرحى (هولنديان وفرنسيان ومغربي). وأطل العاهل المغربي من الطابق العلوي لمقهى «أركانة» على جمهور احتشد في «ساحة جامع الفنا»، حيث وجه لهم التحية من الطابق الذي شهد عملية التفجير.

وغصت «ساحة جامع الفنا» بجماهير، كانوا يلوحون بالأعلام المغربية وصور الملك، كما حملوا لافتات تدين الإرهاب. وقالت لور تانغي، وهي سائحة فرنسية كانت ضمن الحشود، لـ«الشرق الأوسط»: «كنت قريبة من مكان الانفجار، قضيت يومها لحظات صعبة، لكن، العودة السريعة للحياة في «ساحة جامع الفنا» أعطتني بعض الأمان، وخففت عني هول ما حدث». وقال رشيد حمامي، وهو يملك عربة لبيع الفواكه الجافة، توجد على بعد أمتار من المكان الذي شهد التفجير، لـ«الشرق الأوسط»: «زيارة الملك خففت آلامنا وأحزاننا، وهي تعبير عن تعاطفه ومواساته وتضامنه مع أسر الضحايا». وزاد: «من المؤكد أن هذه الزيارة ستخفف عنا الرعب الذي عشناه يوم الانفجار».

في غضون ذلك، شددت السلطات الإجراءات الأمنية في مختلف أنحاء البلاد، وذلك بعد ظهور مؤشرات على وقوف تنظيم القاعدة وراء التفجير.

وقال الطيب الشرقاوي، وزير الداخلية المغربي، إن «الطريقة التي تم بها تنفيذ هذا العمل الإرهابي تذكر بالأسلوب الذي يستعمله عادة تنظيم القاعدة، وهو ما لا يستبعد معه وجود مخاطر أخرى محتملة». وأوضح الشرقاوي خلال لقاء صحافي عقده الليلة قبل الماضية في الرباط، أنه استنادا للعناصر الأولية للبحث، فإن عملية التفجير وقعت بالطابق الأول لمقهى أركانة عن طريق استعمال مادة متفجرة، عبارة عن عبوة ناسفة تدخل في تركيبتها مادة «نترات الأمونيوم» ومتفجر «تي إيه تي بي»، مضيفا أن المؤشرات المتوافرة تؤكد استبعاد فرضية عملية انتحارية، كما أن فحص الشظايا بين أن التفجير تم التحكم فيه عن بعد. وأشار إلى أن قوة الانفجار تسببت في إحداث ثقب بحجم 70 سنتيمترا، مخلفا خسائر مادية مهمة داخل وخارج المقهى، كما تم العثور على مسامير حديدية في المكان نفسه وفي أجسام الضحايا. وقال الشرقاوي «البحث لا يزال جاريا وفقا لطلب النيابة العامة بمراكش من أجل تحديد الملابسات الحقيقية لهذا العمل الإجرامي الإرهابي الشنيع ومعرفة منفذيه والذين خططوا له بقصد تقديمهم للعدالة لتقول كلمتها فيهم». وأعلن وزير الداخلية أن حصيلة القتلى ارتفعت إلى 16 شخصا بينهم مغربيان و14 أجنبيا، وذلك بعد وفاة فرنسية، الليلة قبل الماضية، متأثرة بالجروح التي أصيبت بها في الانفجار. وحول هويات القتلى والجرحى قال الشرقاوي إنه تم تحديد هويات 13 من القتلى ضحايا الاعتداء. وأضاف أن الأمر يتعلق بمغربيين، وسبعة فرنسيين، وكنديين، وهولندي، وبريطاني، مشيرا إلى أن عدد الجرحى بلغ 25 مصابا، 14 منهم ما زالوا في المستشفى، في حين تم ترحيل أربعة إلى بلدانهم وهم سويسريان وروسيان، أما الباقي فغادروا المستشفى بعد تلقيهم العلاج. وأكد أن عملية تحديد هوية الضحايا الباقين ما زالت مستمرة ومتواصلة من قبل الشرطة العلمية التي تعتمد التقنيات الحديثة بما في ذلك تقنية الحمض النووي.

وأوضح الشرقاوي أيضا أنه تم اتخاذ جميع التدابير الأمنية في جميع أنحاء المغرب من أجل ضمان النظام والأمن في مواجهة أي تبعات لهذا المشروع الإجرامي والتصدي له بكل حزم ويقظة. وشدد على أن هذا العمل الإرهابي «لا يمكنه بأي شكل من الأشكال أن ينال من عزم والتزام المغرب بكل مكوناته على مواصلة السير وفقا للاختيارات الديمقراطية الكبرى، وإنجاح المشاريع المتعلقة بالإصلاحات الدستورية والسياسية التي من شأنها أن ترقى بالممارسة الديمقراطية لبلادنا إلى ما نطمح إليه جميعا في انسجام تام مع ثقافتنا وقيمنا المستمدة من تعاليم ديننا الحنيف تحت قيادة الملك محمد السادس». وأشار الشرقاوي في بداية اللقاء الصحافي إلى أن هذا اللقاء يندرج في إطار تطبيق توجيهات الملك القاضية بالتعجيل بإخبار الرأي العام بنتائج البحث حول هذا الاعتداء الإرهابي بما يقتضيه الأمر من شفافية وكشف للحقيقة، بيد أن الشرقاوي قال في ختام اللقاء للصحافيين «أعرف أن لديكم أسئلة كثيرة، إلا أنني صرحت بكل ما لدي من معلومات»، وبالتالي لم يتمكن الصحافيون من طرح أسئلتهم حول الحادث.

وفي سياق آخر، أعلنت الحكومة الإسبانية، الليلة قبل الماضية، أنها أرسلت فريقا من الخبراء إلى المغرب للتعاون في التحقيق الجاري بشأن الاعتداء الذي استهدف مقهى بمدينة مراكش، ونسبت وكالة الأنباء المغربية إلى ألفريدو بيريث روبالكابا، النائب الأول لرئيس الحكومة الإسبانية، قوله في لقاء صحافي عقد عقب الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء الإسباني، إن هذا الفريق يضم خبراء في الشرطة العلمية والوحدة المتخصصة في المتفجرات. ويشارك شرطيون فرنسيون من قسم مكافحة الإرهاب والشرطة العلمية في التحريات الجارية حول الحادث.

وفي موضوع منفصل، قال ياسر الزناكي، وزير السياحة والصناعة التقليدية المغربي، إن الاعتداء الذي عرفته مراكش لن يؤثر على مدينة مراكش كوجهة سياحية رئيسية. وأضاف أن «مراكش ستستمر في تألقها كوجهة متميزة في العالم»، وستكون أكثر من ذلك في السنوات المقبلة، مشيرا إلى أنه عقد عدة اجتماعات مع مهنيي القطاع السياحي بالمدينة، حيث تم وضع خطة عمل لتمكين المدينة الحمراء من التغلب على هذه الوضعية الصعبة.

وقال المسؤول المغربي إن هذه الإجراءات تشمل «تحسين الاستقبال في المطارات، وتنظيم مظاهرات ثقافية على مدار العام في ساحة جامع الفنا، وتعبئة المشاهير ورجال السياسة الذين يعشقون مراكش ليكونوا إلى جانبنا في هذه الظروف العصيبة». وأشار الزناكي إلى أن مراكش لا تزال تحتفظ بسيرها العادي والطبيعي كما يدل على ذلك وجود السياح في كل الأماكن، مضيفا «سنراقب الوضع اليومي لنرى كيف يتطور مع مرور الوقت».