القذافي يدعو لوقف النار من دون شروط.. ومفاوضات لحل الأزمة دون المساس بوضعه

قال إن الشعب الليبي يقدسني أكثر من إمبراطور اليابان.. ولن أرحل حتى لو تعرضنا للضرب بالقنابل الذرية

ليبيون في طرابلس يتابعون خطاب القذافي على التلفزيون مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

وجه العقيد الليبي معمر القذافي، في أحدث ظهور تلفزيوني له، عدة رسائل متناقضة، إلى المجتمع الدولي، والغرب خصوصا، وإلى الداخل، المتمثل في ثوار ليبيا الذين يقاتلون لإسقاط نظامه. ودعا القذافي حلف شمال الأطلسي (الناتو) وحكومات دول التحالف الغربي، التي تقود الهجمات الصاروخية والجوية ضد قواته العسكرية، إلى التفاوض غير المشروط، لكنه اعتبر في المقابل أن هناك أربع نقاط ينبغي عدم الجدال فيها؛ تتعلق بوضعه كرمز مقدس لدى الليبيين.

ووصف القذافي قادة التحالف الغربي ضده بأنهم هم حفنة من فرق الإعدام، وأن قادة الأطلسي هم «فرقة الإرهاب الدولي الرسمي».

وهدد بإطالة أمد الصراع، وقال: «كل يوم غارات في الليل وفي النهار، ولكن استمروا، نحن نريد أن تستمر هذه المعركة، ما لم تقبلوا بهذا الحل، الذي طرحته أنا عليكم، استمروا حتى تأتي الانتخابات لديكم.. نريدكم أن تسقطوا أثناء المعركة حتى نشمت فيكم.. فلتستمر هذه المعركة، إلى غاية ما تجيء انتخابات كل الدول الأوروبية وأميركا، لكي تسقطوا في أثناء المعركة، حتى نشمت فيكم».

وأضاف في لهجة تحد صريحة: «نحن (موسعين) بالنا، (مستوعبين) كل ضرباتكم، حتى بالقنبلة الذرية، وأعتقد أن مساحة ليبيا لا تؤثر فيها قنبلة ذرية أو اثنتين أو ثلاث، إذن أنتم تنطحون في الحائط برؤوسكم، أنتم تحرثون في البحر». وسعى القذافي إلى إغراء الليبيين الرافضين لحكمه والمطالبين بتخليه عن السلطة التي يقودها منذ نحو 42 عاما، بالمال والسيارات والقروض البنكية، كما لوح باستعداده للدخول في مفاوضات مع حلف الناتو وحكومات بريطانيا وإيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة لتقاسم عائدات النفط. واعتبر القذافي نفسه من المقدسات الخاصة بالشعب الليبي، لافتا إلى أنه حتى أكثر قدسية من إمبراطور اليابان بالنسبة لليبيين.

وكرر القذافي مقولاته السابقة بأنه لن يغادر السلطة حيا، وأنه لن يرحل عن ليبيا، مهددا بالاستعانة بجيوش من الأطفال والنساء والشيوخ لحماية القوات العسكرية والكتائب الأمنية الموالية له، وقال: «بلادي لن أتركها، وببندقيتي أقاتل عن بلادي، لا أحد يجبرني على ترك بلادي، لا أحد يقدر أن يقول لي لا تدافع عن بلادك.. بندقيتي موجودة وسوف أدافع بها، هذه ليست منصبا ولا فيها استقالة منها ولا رحيل عنها.. أنا باق مع رفات أجدادي». وأضاف هناك أربعة أشياء «ايئسوا منها من الآن، ولا تخدعوا أنفسكم ولا تجروا وراء السراب، ولا تحرثوا في البحر.. مهما ضربتم من صواريخ ومن طائرات وغارات في الليل وفي النهار وروعتم المدنيين، وقتلتم المدنيين، ودمرتم المدارس، وضربتم المستشفيات والبنية التحتية، وحتى لو استخدمتم القنابل الذرية».

وقال القذافي، في خطاب مطول ألقاه في ساعة مبكرة من صباح أمس، ودام أكثر من تسعين دقيقة، إنه يجب على «الناتو» أن يتوقف عن قصف قواته العسكرية، وأنه مستعد للتفاوض على أي شيء بعد ذلك. وأعلن القذافي في الخطاب الذي تعرض ثلاث مرات للتشويش، استعداده للقبول بعضوية ليبيا في الاتحاد الأوروبي على أساس أن هذا يعطي الحق لأوروبا لكي تطلب من ليبيا تغيير قوانينها بما يتماشى مع قوانين الاتحاد على نحو ما تفعل تركيا حاليا».

وأكد القذافي أن النفط دونه الموت وأنه ولا بد أن يكون تحت سيطرة الشعب الليبي، ولا نسمح لعصابات أن تسيطر عليه، مشددا على أن النفط يجب أن يكون تحت سيطرة الدولة الليبية ومؤسستها الرسمية الشعب وجيشها. وأعلن القذافي أنه ما زال مستعدا للدخول في وقف لإطلاق النار، ولكن هذا لا بد وأن يضم كل الأطراف، وليس قواته فقط التي تقاتل معارضين في الشرق. وقال: «ليبيا ترحب بوقف إطلاق النار وأعلنت موقفها أكثر من مرة، ومستعدة في هذه اللحظة لوقف إطلاق النار من طرفها، ولكن لا يمكن وقف إطلاق النار من جانب واحد». وأضاف: «نتحداكم أن يلتزم الإرهابيون بوقف إطلاق النار، نحن أول من وافق على وقف إطلاق النار، ولكن هل وقف الهجوم الجوي الصليبي.. لم يتوقف».

وتابع: «ترغبون في شراء النفط أهلا وسهلا»، داعيا إلى مفاوضات مع دول حلف الناتو لإنهاء الغارات الجوية على ليبيا.

وقال إنه إذا كانت دول الائتلاف تسعى وراء النفط فلا توجد مشكلة في التفاوض على العقود، لكنه رفض أي محاولة لتغيير نظام حكمه، وقال: «في كل فرد ليبي يتجسد النظام الجماهيري إلا إذا أحضرتم شعبا آخر؛ لا يمكن يرجع للوراء، لا معمر القذافي ولا أي شخص بإمكانه تغيير النظام الجماهيري إلا إذا اجتمعت المؤتمرات الشعبية بعيدا عن الرشاشات والسلاح».

وأضاف: «ولا غارات جوية وصاروخية من الخارج، بعيدا عن هذا الإرهاب الخارجي والداخلي المؤتمرات الشعبية فقط تستطيع تقرر شيئا، لا حاكم إلا الشعب الليبي، لا أحد يمكنه تغيير النظام الجماهيري، ولا أنا أستطيع ذلك، ولا المريخ ولا فرنسا ولا أميركا».

وتابع: «المؤتمرات الشعبية هي الشعب الليبي؛ أي محاولة لاستبدال الشعب الليبي، وحتى القذافي لا يستطيع التدخل فيه، ونترك أي جهة تستفتي الشعب الليبي فيه أي نظام تبغونه وأي نظام يقرره الشعب الليبي».

وقال: «لا عندي سلطة ولا منصب حتى أتركه، تركت المناصب منذ عام 1977 يوم قيام النظام الجماهيري، وأصبحت مثل إخواني في مجلس قيادة الثورة».

وأضاف: «بلادي لن أتركها ولا أحد يقدر يجبرني على ترك بلادي، وبندقيتي موجودة أدافع عن بلادي، قاعد مع رفات أجدادي الذين قاتلوا ضد إيطاليا، سأموت إلى جوارهم».

وخاطب المطالبين بتنحيه قائلا: «لا تفتحوا ذلك، القذافي لن يترك بلاده، من لديه الحق ليقول اترك بلادك، لا تتحدثوا عنها، لأنها محل سخرية، لأنكم لا تفهمون النظام الليبي ولا معمر القذافي». وأضاف: «الشعب الليبي يحب معمر القذافي ويقدسه، لو كنت رئيس جمهورية لكان مصيري مثل رئيسي مصر وتونس، القذافي في وسط الشعب يحرضه على ممارسة السلطة، أما السلطة التنفيذية واللجان الشعبية هذه المؤتمرات الشعبية تغيرها في أي وقت وبالكامل».

وقال القذافي، الذي كان يقرأ من أوراق مكتوبة باللون الأحمر، يؤسفني جدا أن في الذكرى المئوية للغزو الإيطالي، بدل أن نحتفل بطي هذه الصفحة المئوية المؤلمة، نجد أن الاستعمار الإيطالي والغزو الإيطالي قد تكرر بعد مائة سنة، في هذا اليوم بالذات.

وتساءل؛ أين معاهدة الصداقة؟! أين معاهدة عدم السماح لأي عدوان ينطلق من إيطاليا على ليبيا؟! أين البرلمان الإيطالي؟! أين حكومة إيطاليا؟! أين صديقي برلسكوني؟! لقد تأسفتم واعتذرتم وأدنتم الاستعمار، كيف تكررون الآن غزو ليبيا مرة أخرى بطائراتكم؟! وفي تهديد علني وصريح بنقل الحرب إلى قلب الأراضي الإيطالية، قال القذافي: «أنا لا أستطيع أن أضع (فيتو) على الليبيين فهم أحرار في الدفاع عن أنفسهم؛ وفي نقل المعركة إلى أرض العدو إذا قرر الليبيون ذلك و(إن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به)، و(فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم)».

وتابع: «لا نملك إلا الأسف والحزن والألم في الحقيقة على اتفاق الصداقة التي ضاعت بيننا؛ وعلى العلاقة الماضية المفيدة للشعبين.. ولا نملك إلا الدفاع عن النفس طبقا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة؛ مبدأ الحق في الدفاع عن النفس».

واقترح القذافي، الذي قال إن قلبه الآن يتمزق مثلما تتمزق مدينة أجدابيا؛ أن تكون محرمة على العمليات العسكرية، وأن يمتنع الجيش الموالي له عن دخولها، مطالبا حلف الناتو بوقف غارته الجوية. ودعا الاتحاد الأفريقي لأن يأتي بمراقبين لحراسة المدينة من جميع الجهات، وتبقى مدينة منزوعة السلاح، معتبرا أن هذه خطوة في طريق السلام وحماية المدنيين. وأضاف مخاطبا حلف الأطلسي النظام الجماهيري: «هذا الجدار الذي اسمه ليبيا مستقرة، كان عازلا للهجرة عن أوروبا، وكان عازلا للإرهاب عن أن يتوطن ويستوطن ويتمركز في شمال أفريقيا». وقال: «أيها المغفلون تدمرون هذا الجدار الذي يوقف الهجرة ويوقف الإرهاب.. وإذا انهار هذا الجدار، الويل لكم من الهجرة بالملايين، والويل لكم من الإرهاب على طول شمال أفريقيا».