أوباما أعلن «تحقيق العدالة» بمقتل بن لادن ويحذر من استمرار المواجهة مع «القاعدة»

الرئيس الأميركي ينتهز العملية ليقوي وضعه الداخلي ويحرص على العلاقات مع المسلمين

TT

أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما «تحقيق العدالة» بمقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن ليل أول من أمس، في خطاب مزج بين دعوة الشعب الأميركي لـ«الاتحاد» مع إلقاء الضوء على جعل أوباما قتل زعيم الفكر المتطرف «أولوية» منذ تسلمه الرئاسة. وكان هناك جانب آخر مهم في الخطاب يتعلق بالعلاقات مع المسلمين التي حرص أوباما على تحسينها ضمن برنامجه السياسي منذ تولي الرئاسة، وشدد أوباما أمس على أن بن لادن «ليس قائدا للمسلمين». وكان خطاب أوباما مقتضبا مساء أول من أمس حيث وقف بمفرده للإعلان عن الإنجاز الأمني الأميركي الأبرز منذ توليه الرئاسة، عاد أوباما أمام الإعلام أمس ولكن هذه المرة في غرفة مليئة بالمستشارين ومع جنود أميركيين لمنح وسامي شجاعة لعائلات جنديين أميركيين قتلا في حرب كوريا السابقة.

وبدأ أوباما خطابه التاريخي من القاعة الشرقية في البيت الأبيض مساء أول من أمس بالقول: «يمكنني إخبار الشعب الأميركي والعالم بأن الولايات المتحدة أنهت عملية قتل أسامة بن لادن، زعيم (القاعدة) وإرهابي مسؤول عن مقتل الآلاف من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء». وبينما سرد أوباما ما حدث في سبتمبر (أيلول) 2001 من هجمات على الولايات المتحدة وتبعاتها على الذاكرة الجماعية للبلاد، قال إن «المناظر الأسوأ هي تلك التي لا يراها العالم والتي تأتي من الفراغ الذي تركه وفاة نحو 3 آلاف مواطن أميركي قضوا في الهجمات». وأشاد أوباما بشجاعة القوات الأميركية في مواجهة «القاعدة»، بينما لفت إلى دوره هو كرئيس للولايات المتحدة بتوجيه مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) لجعل قتل أو إلقاء القبض على بن لادن الأولوية القصوى في حربنا على «القاعدة» بينما نواصل جهودنا لعرقلة وتفكيك شبكته وهزمها. وشرح أوباما دوره في الاطلاع على الاستخبارات التي أدت إلى حصول معلومات حول بن لادن، ليضيف: «بتوجيهي أطلقت الولايات المتحدة عملية محددة» ضد مجمع بن لادن.

وكان هناك حرص من البيت الأبيض على إظهار أوباما مرتبطا مباشرة بالاستعداد للعملية التي قتلت بن لادن، حيث عقد 5 اجتماعات على الأقل مع القادة العسكريين والأمنيين استعدادا لهذه العملية، بينها اجتماعان في خلال 24 ساعة قبل إطلاق العملية. كما أنه راقب تنفيذ عملية الهجوم على مجمع بن لادن من «قاعة العمليات» الخاصة في البيت الأبيض. وشدد مسؤولون في البيت الأبيض على دور أوباما في تقييم المعلومات الاستخباراتية حول المجمع الذي كان يقيم فيه بن لادن وإصداره أمر استهدافه يوم الجمعة الماضي.

وقال أوباما بأن «بلدنا التزم بوعده وتحققت العدالة، اليوم نحن نتذكر بأنه يمكننا القيام بأي أمر كبدل عندما نتذكر الشعور الذي يحدد هويتنا».

وشدد أوباما على أهمية مقتل بن لادن، قائلا إنه يشكل «الإنجاز الأكثر أهمية حتى الآن في جهود بلادنا لهزم (القاعدة)». ولكنه في الوقت نفسه أكد أن «مقتله لا يعني نهاية جهودنا، لا يوجد شك في أن (القاعدة) ستواصل سعيها لمهاجمتنا، وعلينا أن نبقى واعين في وطننا وفي الخارج». وبينما تعهد أوباما بمواصلة القتال ضد «القاعدة»، قال بأن «علينا التأكيد بأن الولايات المتحدة ليست في حرب ضد الإسلام ولا تكون أبدا في مثل هذه الحرب، لقد أوضحت مثل ما أوضح الرئيس (السابق جورج) بوش عقب 11 سبتمبر بأن حربنا ليست ضد الإسلام». وأضاف: «بن لادن لم يكن قائدا مسلما بل كان قاتلا جماعيا للمسلمين، فقد ذبحت (القاعدة) العشرات من المسلمين في دول عدة بما فيها بلدنا». وتابع: «يجب أن يرحب كل من يؤمن بالسلام والكرامة الإنسانية بمقتله». ولفت إلى أن «الشعب الأميركي لم يختر هذه الحرب، جاءوا إلى أراضينا وبدأوا في الذبح اللاعقلاني لمواطنينا، وبعد حوالي 10 سنوات من الخدمة والنظام والتضحية، نعرف جيدا تكلفة الحرب».

واستمر أوباما أمس في التركيز على الحرب والإشادة بدور القوات المسلحة الأميركية. واختار الرئيس الأميركي صباح أمس وبعد 12 ساعة من إعلان مقتل بن لادن لتكريم جنديين قتلا في الحرب الكورية لكن وجه أوباما خطابه في المناسبة للقول لعائلات ضحايا تفجيرات 11 سبتمبر 2001. وقال أوباما: «دعوني أقول للعائلات التي فقدت أحباءها يوم 11 سبتمبر بأننا لم ننس أبدا خسارتكم». وأضاف أن «العالم بات أفضل وأكثر أمنا مع وفاة بن لادن».

ورغم أنه ما زال مبكرا لرصد استطلاعات الرأي حول نسب شعبية أوباما، فإنه من المؤكد بأنه سيلاقي ارتفاعا في نسبة شعبيته. ولفت أوباما إلى الوضع السياسي الداخلي الأميركي خلال خطابه، داعيا الشعب الأميركي «للوحدة» كتلك التي شهدتها الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001. واعتبر بيل غالستون، وهو مساعد سابق للرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، أن مقتل بن لادن «يمكن تصويره كنموذج آخر حول استعداد الرئيس لاتخاذ الرؤية الأبعد حول النجاح وتحقيقه». وأضاف في تصريح لوكالة «إم تي سي» الأميركية أن مقتل بن لادن «من المتوقع أن يؤدي على إعادة تقييم آليات عمل السياسة الخارجية التي يتبعها أوباما، التي لم تحصل بالضرورة على الثناء» في الفترة الأخيرة.