إسلاميو لندن لـ «الشرق الأوسط» : في انتظار نعي «القاعدة».. والظواهري سيخلفه

المواقع الأصولية أحجمت عن التعليق في انتظار بيان مؤسستي «سحاب» و«الفجر»

TT

عقب إعلان الرئيس باراك أوباما عن قتل زعيم تنظيم القاعدة، تساءل محللون سياسيون عن مصير الرجل الثاني في تنظيم القاعدة الدكتور أيمن الظواهري. ولم تتوافر بعدُ تفاصيل بشأن عملية اغتيال بن لادن، أبرز المطلوبين لدى الولايات المتحدة، توقع إسلاميون في لندن أن يصدر تنظيم «قاعدة الجهاد» بيانا يؤكد أو ينفي خبر مقتل بن لادن. وفي حالة تأكيد خبر مقتله فإن مجلس شورى تنظيم القاعدة سيجتمع لشرح ملابسات الحادث، وفي الوقت نفسه اختيار أمير جديد لقيادة التنظيم والغالب أن يكون الدكتور أيمن الظواهري الأمير الجديد للتنظيم، واختيار نائب له.

وقال الإسلامي المصري الدكتور هاني السباعي، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أمس: لوحظ أنه في الساعات المبكرة من إعلان الرئيس أوباما خبر مقتل بن لادن أحجمت جميع المنتديات الإسلامية، لا سيما المتعاطفة مع تنظيم القاعدة، عن نشر أي بيان نعي لبن لادن، ويرجع ذلك إلى انتظار هذه المنتديات والمواقع الإسلامية إصدار بيان من مؤسسة «سحاب» أو «الفجر» المقربتين من تنظيم القاعدة. وأكد السباعي أنه كان لزاما على تنظيم «قاعدة الجهاد» أن يصدر بيانا عاجلا على الأقل للتأكيد أو النفي ثم يصدر بيانا تفصيليا في حالة تأكيد خبر مقتل بن لادن.

وأوضح الإسلامي المصري من ناحية موقع التنظيم على الساحة الدولية ومدى تأثره بمقتل زعيمه: أعتقد أن مثل هذه التنظيمات العقدية لا تموت بموت زعمائها وأمرائها، وأن بن لادن على مدار 20 سنة تقريبا قد خلف أجيالا تحمل فكرة الجهاد وقتال المحتلين لبلاد الإسلام وأنه لا حاجة لهذه الأجيال أن ترتبط عضويا بالتنظيم الأم، لكن يكفيها أن ترتبط فكريا وعقديا، ومن ثم تكون مجموعات محلية تقوم بنفس دور تنظيم القاعدة الأم كما في باكستان وإندونيسيا والعراق وتنظيم القاعدة في اليمن وتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، بالإضافة إلى الأنصار والمتعاطفين كما في طالبان باكستان ومجاهدي الشيشان وشباب المجاهدين في الصومال وجموع غفيرة، لكنها صامتة، من المحبين لشخص بن لادن كرمز للبطل الذي تحدى الهيمنة الأميركية في العالم. وكتب أحد المشاركين على المنتديات الجهادية عبر الإنترنت: بدأت من الآن التهديدات الموجهة إلى الولايات المتحدة، بينما هدد أعضاء في منتديات جهادية بالانتقام إذا كان «خبر مقتل تنظيم القاعدة أسامة بن لادن صحيحا»، في حين توقعت وزارة الأمن الداخلي الأميركية «تهديدات» انتقامية لمقتل زعيم تنظيم القاعدة. وقال أعضاء في منتدى جهادي باللغة العربية: «إننا ندعو الله ألا تكون هذه الأنباء صحيحة». وتوعد هؤلاء في الرسالة المنشورة الأميركيين بالاستمرار في الجهاد، وقالوا: «إن بن لادن ربما يكون قد قُتل، لكن رسالته للجهاد لن تموت أبدا».

إلى ذلك، قال الإسلامي المصري ياسر السري، مدير المرصد الإسلامي، وهو هيئة حقوقية تتخذ من لندن مقرا لها وتهتم بأخبار الأصوليين حول العالم: «غالب ظني أن الخبر صحيح»، مشيرا إلى أن بن لادن «كان يريد إحدى الحسنيين: إما النصر وإما الشهادة». وقال: «إن زعيم (القاعدة) لقي ربه مقبلا غير مدبر»، أي أنه «مات ميتة مشرفة». وقال: «إن بن لادن تعرض إلى خيانة من المخابرات الباكستانية التي أرشدت إلى مكان وجوده في المجمع السكني في مدينة أبوت آباد الباكستانية». وأشار إلى أن «بن لادن نجح في تجييش الشباب المسلم بربطهم بفكر القاعدة». وزعم أن هناك «مجموعات كبيرة من الشباب مرتبطة فكريا بمنهج بن لادن ودعوته، من دون الارتباط بالتنظيم الأم».

وأكد السري أبو عمار المصري لـ«الشرق الأوسط» أنه «سيتم اختيار الوقت الملائم بعد اجتماع مجلس شورى التنظيم لاختيار خليفته، ومن المرجح أن يكون نائبه أيمن الظواهري، وقد يستغرق ذلك بعض الوقت، إلا أن هناك إجراءات أمنية معينة تتبع في مثل تلك الحالات».

إلى ذلك، توقع مسؤول أميركي بارز أن يكون أيمن الظواهري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، هو خليفة بن لادن الذي قتلته القوات الأميركية في باكستان أمس. ورأى المسؤول أن الظواهري، وهو طبيب مصري، يفتقر إلى الكاريزما التي كان يتمتع بها بن لادن، كما أنه لا يتمتع بنفس التقدير بين عناصر التنظيم. وقال المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه: إن بن لادن ظل طوال عمر التنظيم الذي يمتد لـ22 عاما هو قائده الأوحد والمسؤول إلى حد كبير عن شكل التنظيم لما يتمتع به من تأثير على عناصرهم. وانضم الظواهري إلى صفوف تنظيم بن لادن أواخر تسعينات القرن الماضي، ويعتقد أنه يختبئ في باكستان. وتشير التقارير إلى أنه نجح في الهروب من عدد من الغارات التي كانت تستهدفه على مدار الأعوام القليلة الماضية. وبطبيعة الحال يحتل الظواهري مكانة في قائمة أخطر المطلوبين للولايات المتحدة التي أدانته في تفجير سفارتين للولايات المتحدة في أفريقيا عام 1998. وأعلنت الولايات المتحدة مكافأة 25 مليون دولار لمن يرشد عن مكانه. إلى ذلك، ذكرت القناة العاشرة الإسرائيلية، في تقرير لها، أن أيمن الظواهري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، ما زال على قيد الحياة، وأنه سيقود التنظيم بعد مقتل بن لادن، ونقلت القناة عن بوعاز جانور، الخبير العسكري في معهد مكافحة الإرهاب بهرتسليا، أنه لا يستبعد أن يقوم الظواهري بشن هجمات انتقامية على إسرائيل، ردا على مقتل زعيم القاعدة؛ حيث إنه وجه تهديدات لتل أبيب في الآونة الأخيرة، كما أنه حاول تفجير طائرة بولاية ديترويت، وأنه صاحب عمليات الطرود المفخخة التي كانت ترسل إلى واشنطن وإلى دول أوروبية.

وأشار بوعاز إلى أنه «من الضروري التفرقة بين بن لادن و(القاعدة)، على الرغم من أنهما من نواة واحدة، وبين الشبكة الدولية للجهاد التي لن تتأثر بمقتل بن لادن، لكن الرد السريع لعناصر (القاعدة) سيكون متوقعا نظرا لتصفية قائدهم».

وأوضح أن «الردود الفورية لـ(القاعدة) لن تكون مدروسة بشكل كبير؛ كونها تأخذ الشكل الانتقامي أكثر من كونه شكلا تنظيميا يقوم على التخطيط؛ لذا ربما يكون ضرر هذه الهجمات أقل في حالة إذا تمكنت أجهزة الأمن المختلفة من رصد تحركات (القاعدة)». وتوقع جون غيرسون، مدير مركز دراسات الدفاع في كينغز كوليدج في لندن، أن «القواعد العسكرية والسفارات (الغربية) في العالم ستكون في حالة تأهب لبعض الوقت»، مضيفا: «الخطر يكمن في أن يخفف الأميركيون من يقظتهم، الأمر الذي قد يوفر لما تبقى من تنظيم القاعدة فرصة لإعادة تشكيل صفوفه».