وزير خارجية المجلس الانتقالي يشكك في رواية مقتل نجل القذافي وأحفاده

العيساوي لـ «الشرق الأوسط»: مجموعة الاتصال الدولي ستبحث اليوم في روما تقديم الدعم المالي للشعب الليبي وتسليحه

ثوار ليبيون يرفعون علم ليبيا في العهد الملكي فوق نصب أقيم في ساحة بمدينة بنغازي أمس (أ.ف.ب)
TT

قال الدكتور على العيساوي، وزير خارجية المجلس الانتقالي الليبي: إن الاجتماع الثاني لمجموعة الاتصال الدولية الذي سيعقد في إيطاليا اليوم (الخميس) ستنبثق عنه آلية لتقديم الدعم المالي للشعب الليبي من خلال أرصدته المجمدة في الخارج وبحث إمكانية الاستفادة منها لتوفير احتياجات المواطنين في عموم ليبيا.

وأوضح العيساوي، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» خلال وجوده في القاهرة قبل توجهه إلى روما، أن الاجتماع سيركز على أمرين أساسيين، الأول هو إيجاد آلية مالية لحصول الشعب الليبي على احتياجاته من غذاء ودواء، والثاني هو إمكانية تسليح الليبيين للدفاع عن أنفسهم. وقال: «يمكن التطرق أيضا إلى مرحلة ما بعد العقيد معمر القذافي، وكل العالم يتعامل معنا الآن على أن القذافي انتهى، ويجب التفكير في مراحل التحول الديمقراطي»، مضيفا «أما مسألة طلب الاعتراف بالمجلس الانتقالي فنحن نطالب كل الدول بذلك، لأنه يشكل الاعتراف بحقوق الليبيين المشروعة في التغيير واختيار من يمثلهم». وأكد العيساوي أن المبدأ الأساسي لدى المجلس الانتقالي، هو عدم التدخل البري في ليبيا أو عدم وجود أي احتلال على الأرض. وقال «هذا أمر حرصنا على تضمينه في قرار مجلس الأمن، الذي ينص على استخدام كل الوسائل القانونية دون وجود أي احتلال من أي نوع على أرض ليبيا، ولكن إذا استمر هذا الوضع فنحن نقول إن كل الاحتمالات مفتوحة أمام الليبيين، ولن نقبل باستمرار عمليات القتل والإبادة دون أن نفعل شيئا».

وأبدى العيساوي تشككه في رواية مقتل «سيف العرب» نجل القذافي وثلاثة من أحفاده، قائلا: «نحن نشكك في أن هذه الرواية هدفها كسب التعاطف، فنحن نعلم أن أسرة القذافي مفككة، ولا تجتمع في بيت واحد منذ سنوات، ولا تربطهم علاقات تدفعهم للسهر معا في بيت واحد، كما أنهم قالوا إن الأحفاد الذين قتلوا في الغارة تتراوح أعمارهم بين أربعة أشهر وعامين، ولكن الصور التي ظهرت في التلفزيون الرسمي الليبي التابع للقذافي أظهرت أن الجثث لأجساد كبيرة، وليست لأطفال».

واعتبر العيساوي أن الحل السلمي الوحيد للأزمة الليبية هو خروج القذافي وتنحيه عن السلطة. وقال «الحل السلمي يعتمد على القذافي وكل المبادرات التي طرحت لم تحظ بأي مصداقية منه، ولم يتعامل معها لأنه يعلم أن الحل هو مغادرته، وليس هناك حل آخر، وحتى عندما أعلن المجلس الانتقالي قبول وقف إطلاق النار في حضور الأمم المتحدة رفضه هو، فالقذافي يحاول أن يصور الأمر على أنه حرب أهلية، ومن ثم يذهب إلى حل تقسيم البلاد».

وأضاف أن القذافي «أعلن أربع مرات بعد صدور قراري مجلس الأمن 1970 و1973 أنه يريد وقف إطلاق النار، ولكنه في واقع الأمر كان يصعد من هجماته واعتداءاته، ويستخدم أسلحة جديدة في قتل الليبيين، وهو دائما يقول شيئا ويفعل عكسه».

واعتبر العيساوي أن القذافي كان يخطط لفصل الغرب عن الشرق، وتنفيذ ما ورد في خطاب نجله سيف الإسلام، من تقسيم للبلاد، لذلك تحاول قواته السيطرة على مصراتة والجبل الغربي، ولكنها لن تتمكن، وستظل محاصرة في طرابلس فقط.

وأشار إلى أن طرابلس شهدت بالفعل مظاهرات معارضة للقذافي، إلا أن القوات الحكومية تعاملت معها بشكل وحشي باستخدام كل الأسلحة، وقال: «نصحنا إخواننا في طرابلس بعدم الخروج في مظاهرات، لأنها ستكون مذبحة كبيرة، ولكنهم يقومون بتحرك محدود على سبيل المثال، رفع الأعلام في مناطق بالكامل خلال الليل، وفي الصباح يفاجأ الموالون للقذافي بعلم الاستقلال يرفرف على المؤسسات الحكومية».

وأضاف «أما الخروج في مظاهرات، فهذا أمر صعب للغاية، لأن هناك كاميرات رصد وقناصة فوق أسطح المنازل، وهو ما يعرِض حياة المواطنين للخطر، بالإضافة إلى المعاناة التي يعيشها سكان طرابلس والمتمثلة في النقص الحاد في السلع التموينية والأموال».

وأكد العيساوي أهمية دور الناتو وضرباته الجوية، على الرغم من أن آلية اتخاذ القرار في الحلف بيروقراطية وتأخذ وقتا، لكنه قال إن «ضربات الناتو الجوية منعت مذابح كثيرة كانت من الممكن أن تقع، خاصة في مدينة بنغازي عندما دخلت قوات القذافي يوم 19 مارس (آذار) الماضي، حيث كانت لدى تلك القوات تعليمات بتسوية المدينة بالأرض، وكان لفرنسا دور مهم جدا في حماية المدينة».

وعن دور جامعة الدول العربية، قال العيساوي إن الجامعة العربية «اتخذت قرارا واضحا، هو تعليق مشاركة نظام القذافي في الجامعة، وفتح باب الحوار والتواصل مع المجلس الانتقالي، وبالتالي هناك اتصال وتعاون مع الجامعة، ولكن حضور الاجتماعات لم يبت فيه بعد، ونحن طلبنا المشاركة في الاجتماعات باعتبارنا الممثل الشرعي للشعب الليبي». وأشاد وزير خارجية المجلس الانتقالي في ليبيا بدور مصر، وقال إن «القاهرة يمكن أن تقدم الكثير، وهي دولة جارة وتربطها علاقات وثيقة مع الشعب الليبي، وبإمكانها أن تقوم بدور كبير جدا، خاصة أن الثورة الليبية لم تبدأ إلا بعد الثورة المصرية».

وأضاف «كان هناك دائما سؤال هو: لماذا لم تنطلق الثورة الليبية بعد ثورة تونس مباشرة، والإجابة أنه لا يمكن أن تنجح أي ثورة أو تغيير في ليبيا، في ظل نظام كل من حسني مبارك في مصر وزين العابدين بن علي في تونس، لأن البلدين هما المتنفس لليبيا، ولذلك بدأت الثورة الليبية بعد سقوط مبارك، لأنه أصبحت لها مقومات النجاح، واستطاع الثوار في خلال أسبوع من المظاهرات السلمية السيطرة على نحو 70 في المائة من ليبيا، ولولا لجوء نظام القذافي إلى استخدام القوة والقصف بالطائرات والمدفعية لكان قد انتهى من وقتها وبشكل سلمي، ولكن القذافي اختار أن يقتل شعبه بدلا من أن يتركه يختار ويقرر مصيره بنفسه، فما يجرى الآن هو عملية انتقام وإبادة للشعب الليبي». وأقر العيساوي بصعوبة إعلان عدد معين للشهداء، مرجعا السبب في ذلك إلى «وجود مناطق كان من الصعب البحث فيها عن قتلى، مثل الزاوية وزوارة التي حدثت بها مجازر بشعة ومنع دخول الإعلاميين إليها، باستثناء عدد محدود جدا من مندوبي وسائل الإعلام الغربية الذين تمكنوا من الدخول ليفاجأوا بمجازر مرعبة».

وقال «تقديراتنا تشير إلى أن عدد الشهداء تجاوز العشرة آلاف بخلاف الجرحى الذين فاق عددهم 30 ألف جريح، أما المعتقلون والمختفون فتقديراتنا لهم في حدود الـ20 ألفا، إضافة إلى الخسائر والأضرار التي لحقت بالبنية الأساسية». وأضاف العيساوي «هذا القتال الذي يجرى الآن لم يكن من اختيار الشعب الليبي، وإنما فرض عليه فرضا، فاضطر للدفاع عن نفسه أمام الآلة الحربية التابعة للقذافي، فلم يكن هدف الليبيين القتال، وإنما كان هدفهم سلميا هو (الحرية والعدالة الاجتماعية والتغيير)».

وأشار العيساوي إلى أن المجلس الانتقالي تلقى وعودا من ثلاث دول بالاعتراف به، هي فرنسا وقطر وإيطاليا والكويت، وقال: «توجد ثلاث دول أخرى ستعترف بنا خلال أيام.. كما أن أميركا قطعت علاقتها بنظام القذافي، وفتحت اتصالا معنا ولديها مندوب مقيم في بنغازي هو القائم بالأعمال، الذي كان يعمل في السفارة الأميركية في طرابلس، الأمر الذي يعد اعترافا أميركيا بالمجلس الانتقالي بطريقة عملية، وكذلك نعتبر الدول التي أعلنت أن القذافي فقد شرعيته، قد اعترفت بنا بشكل أو بآخر».