«الأطلسي» يقصف غرب طرابلس.. والمعارضة تعلن مقتل 5 جراء قصف قوات الحكومة لميناء مصراتة

أوكامبو يطالب بإصدار 3 مذكرات اعتقال * سيف الإسلام القذافي: بشرت أبي وأمي بأنهما أصبحا والدي شهيد بعد اغتيال سيف العرب

TT

أعلن التلفزيون الليبي أمس أن قوات حلف شمال الأطلسي قصفت منطقة الهيرة غرب العاصمة طرابلس مما أدى إلى وقوع إصابات.

وأضاف «عدوان التحالف الاستعماري الصليبي قصف قبل قليل منطقة الهيرة مما أدى إلى وقوع خسائر بشرية ومادية وأضرار بالبنية التحتية».

واتهم التلفزيون الليبي قطر والإمارات الدولتين العربيتين الوحيدتين اللتين تشاركان في عمليات حلف الأطلسي في ليبيا بتمويل الحملة العسكرية على العقيد معمر القذافي، ودفع ثمن كل قنبلة يسقطها «الصليبيون»، قائلا إن كل صاروخ يكلف مليوني دولار. ومن جانبه، أطلق الجيش الليبي وابلا من الصواريخ على بلدة الزنتان التي تسيطر عليها المعارضة في منطقة الجبل الغربي مواصلا حملته التي خلقت أزمة إنسانية في الوقت الذي قالت فيه الأمم المتحدة إن الحرب الأهلية في ليبيا أجبرت الآلاف على الفرار إما برا أو بحرا.

وقال متحدث باسم المعارضة الليبية المسلحة إن قوات القذافي قصفت الزنتان بأكثر من 40 صاروخا من طراز غراد في وقت متأخر من يوم أول من أمس.

وفي طرابلس، قال شهود لـ«رويترز» إنهم سمعوا دوي انفجارين الليلة قبل الماضية لكن لم يتوفر أي تفسير للسبب.

ولم يظهر القذافي في العلن منذ الهجوم الصاروخي الذي شنه حلف شمال الأطلسي يوم السبت على منزله في طرابلس أدى إلى مقتل ابنه الأصغر و3 من أحفاده.

ويعتقد مسؤولو المخابرات الأميركية أن القذافي حي، وقال ليون بانيتا، مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية «سي آي إيه» لقناة «إن بي سي» الإخبارية التلفزيونية: «لحد علمنا ما زال حيا». وتعهد القذافي بالقتال حتى الموت ولم يحذ حذو رئيسي تونس ومصر اللذين تنحيا بعد احتجاجات شعبية.

وصرح خالد الكعيم، نائب وزير الخارجية الليبي بأن القذافي بصحة جيدة ولم يصب «على الإطلاق» في غارة الحلف، وذكر أنه استقبل أمس عددا من زعماء القبائل.

وسئل الكعيم متى سيظهر القذافي علنا وسط تساؤلات عن نجاته من الغارة فرد قائلا إن ذلك الأمر يرجع له وللمسؤولين عن أمنه لأنه استهدف 4 مرات.

وفي أقوى تصريحاته على الإطلاق عن الصراع الدائر في ليبيا، قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إن على «القذافي أن يتنحى فورا ويترك الإدارة للشعب الليبي». وقال أردوغان، في مؤتمر صحافي عقده في إسطنبول «ليبيا ليست ملكا لشخص بعينه أو أسرة بعينها». وناشد القذافي أن يدرك حجم المعاناة التي يتكبدها شعبه.

إلى ذلك، قال متحدث باسم المعارضة الليبية إن قوات القذافي قتلت 5 أشخاص أمس في تجدد قصف ميناء مصراتة، المدينة الليبية المحاصرة.

وذكر جمال سالم، المتحدث باسم المعارضة لـ«رويترز» أن «القصف أدى لسقوط الكثير من الضحايا بين الليبيين وجنسيات أخرى ينتظرون الإجلاء» من المدينة. وأضاف «حتى الآن هناك 5 قتلى وعربات الإسعاف تهرع للمكان لنقل الضحايا».

وقال سالم إن القصف مستمر وأصاب حي قصر أحمد، وهي منطقة صناعية وسكنية، فضلا عن منطقة مجمع الحديد والصلب في المدينة.

وعلى صعيد ذي صلة، قالت منظمة الهجرة الدولية إن سفينة إغاثة تابعة لها رست أمس في ميناء مصراتة لإجلاء 1000 مهاجر أفريقي وآسيوي وعدد كبير من المدنيين الجرحى الذين حوصروا في الصراع.

وصرحت متحدثة باسم المنظمة بأن السفينة «رد ستار وان» التي استأجرتها منظمة الهجرة الدولية، وظلت تقف قبالة سواحل المدينة المحاصرة منذ يوم السبت الماضي بسبب قصف قوات القذافي للمدينة ستبدأ قريبا في تفريغ حمولتها.

وتحمل السفينة المسجلة في ألبانيا 180 طنا من الأغذية والمياه للسكان المحاصرين في المدينة الواقعة في غرب ليبيا.

وقال مسؤولو منظمة الهجرة الدولية إن اثنين من المصابين لفظا أنفاسهما الأخيرة في المستشفى خلال فترة انتظار عملية الإجلاء.

وذكرت المنظمة أن ما لا يقل عن 23 صحافيا طلبوا إجلاءهم من مصراتة إلى جانب نحو 36 جريحا حيث تعاني وحدات الرعاية المركزة من نقص في الأسرة والإمدادات.

ويعتبر ميناء مصراتة شريان الحياة الرئيسي للمدينة المحاصرة التي تعرضت لقصف عنيف من جانب قوات الحكومة الليبية. ويقول معارضو القذافي إن الطعام والإمدادات الطبية بدأت تنفد. ووقف من قبل عدد من سفن الإغاثة قبالة مصراتة لكن لم ترد تقارير فورية عن تحركاتها.

وقامت كاسحات ألغام تابعة لحلف شمال الأطلسي بتفتيش مداخل ميناء مصراتة يوم الاثنين بحثا عن لغم انجرف وعرقل إمدادات المساعدات للمدينة الليبية المحاصرة وأوقف إجلاء الأجانب والجرحى الليبيين.

وقال بيان لحلف الأطلسي إن الحلف دمر لغمين من 3 ألغام وضعتها قوات القذافي قبالة المدينة التي يسيطر عليها المعارضون يوم الجمعة الماضي.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أن أكثر من ألف مهاجر غالبيتهم يعملون في قطاعي الإنشاء والنفط هم من النيجر وغانا وتشاد ونيجيريا والسودان ومالي ومصر وبنغلاديش ينتظرون في ميناء مصراتة لإنقاذهم ومن بينهم 71 من النساء والأطفال. وأجلت المنظمة أكثر من 5500 شخص من مصراتة حتى الآن. وهذه هي مهمة الإنقاذ السادسة لها.

من جهة أخرى، قال الثوار الليبيون أمس إن الانفجار الذي وقع أول من أمس في بنغازي قرب مقر المجلس الوطني الانتقالي ناجم عن «حادث» وليس اعتداء بسيارة مفخخة كما كان يعتقد، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وأعلن جلال القلال، المتحدث باسم الثوار أن «مالك السيارة جاء مطالبا بها»، وأشار إلى أن كمية من المواد المتفجرة كانت بداخلها وأنه لا يعرف سبب انفجارها.

من جانبه، قال متحدث باسم الجناح العسكري للمجلس الوطني الانتقالي أحمد عمر باني إن المتفجرات وخصوصا مادة «تي إن تي» غالبا ما يتم استخدامها من قبل الشبان الليبيين للاحتفال.

وكان باني صرح الثلاثاء بعد الانفجار بأنه ناجم عن «سيارة مفخخة». وأدى الحادث إلى إصابة شخصين بجروح طفيفة، حسب مصادر رسمية وطبية.

ووقع الانفجار في منطقة تبعد 200 متر عن محكمة المدينة، التي تضم مقر المجلس الوطني الانتقالي على شاطئ البحر.

وسارع مئات الأشخاص إلى المكان، واتهم بعضهم قوات العقيد معمر القذافي بالوقوف وراء الهجوم.

وكان البعض منهم مسلحين ببنادق ومسدسات ورشاشات كلاشنيكوف وهم يرددون شعارات ضد القذافي حول هيكل السيارة المنفجرة.

وفي غضون ذلك، قال أندرس فو راسموسن، أمين عام حلف شمال الأطلسي أمس إن قوات القذافي أصبحت أكثر ضعفا الآن مما كانت عليه عندما بدأ الحلف عمليته ضدها، حسب ما أفادت وكالة رويترز. وتابع في إفادة صحافية «كل أسبوع. كل يوم، نحرز تقدما جديدا، ونصيب أهدافا هامة ولكني غير قادر على أن أحدد إلى أي مستوى أضعفنا قدرات القذافي العسكرية إلا أنها بالتأكيد أكثر ضعفا الآن مما كانت عليه عندما بدأت العملية».

من جهة اخرى اعتبر سيف الإسلام، النجل الثاني للعقيد القذافي خلال لقائه مساء أول من أمس أسر الضحايا الذين سقطوا نتيجة لغارات الناتو، أن دماء من وصفهم بالشهداء لن تذهب هدرا، وأن دماء جميع الليبيين اختلطت دفاعا عن الوطن.

وأضاف: «والدي (القذافي) كان يتألم جدا عندما يسقط شهيد في ليبيا، لكنني بشرته هو وأمي بأنهما أصبحا والدي شهيد بعد اغتيال سيف العرب»، مؤكدا على أن أسرة القذافي ما زالت تقدم المزيد من الشهداء.

وخاطب نجل القذافي أنصاره وأسر الضحايا قائلا: «أبناؤكم أطلقوا عليهم اسم المرتزقة، وهم أبناء ليبيا الشرفاء، وأولئك الخونة سيلعنهم التاريخ».

وبنبرة لم تخل من التحدي، قال نجل القذافي مخاطبا المجلس الوطني الانتقالي الممثل للثوار في مدينة بنغازي: «أتحداكم أنتم الجالسون في دبي ولندن والدوحة وباريس بأن تأتوا إلى ساحة القتال أو أن تأتوا بأبنائكم، فأنتم غير قادرين على ذلك لأنكم جبناء وتقحمون الأبرياء في معركة خاسرة».

وشدد على أن الجيش الليبي الموالي لنظام والده العقيد القذافي يعمل من أجل ما وصفه بحماية المدنيين، لافتا إلى أن ما يمنعه من استعمال القوة في مدينة مصراتة، ثالث كبريات المدن الليبية، هو المدنيون.

وأضاف أن «القوات المسلحة الليبية تعمل كل ما في وسعها من أجل تجنب المدنيين وحمايتهم»، مشيرا إلى أن التعليمات كانت واضحة منذ بداية الثورة الشعبية التي اجتاحت مختلف المدن الليبية في 17 فبراير (شباط) الماضي مطالبة العقيد القذافي بالتنحي والتخلي عن السلطة، حيث كانت تشدد على ضرورة عدم إطلاق النار على المدنيين.

وأضاف: «وحتى (إطلاق النار) على المتمردين إلا في حالة الضرورة القصوى نصحنا أن يتم هذا على القدمين أو في اليدين لتكون أقل ضررا». وشدد على أن «وحدات الشعب المسلح (الجيش الليبي) رحيمة» وتعمل من أجل حمايتهم ممن وصفهم بـ«العصابات الإجرامية».

من جهتها، طالبت الحكومة الليبية الدول التي امتنعت عن التصويت على قرار مجلس الأمن، الذي تم بموجبه فرض حظر جوي على ليبيا إلى أن تطلب من المجلس «مراجعة» هذا القرار وتصحيح ما اعتبرته «انحرافات صاحبت تطبيقه».

وعقب اجتماع مفاجئ في طرابلس ترأسه رئيس الوزراء الليبي الدكتور البغدادي المحمودي، لبقية أعضاء الحكومة الذين ما زالوا موالين للقذافي ولم ينشقوا عنه، قالت الحكومة الليبية في بيان لها إنها طالبت الدول الأعضاء في مجلس الأمن بالمراجعة الفورية للقرارين 1970 و1973 لأنهما «لا ينصان على الحظر البحري، وتجميد حسابات ثروة الشعب الليبي، وحظر استيراد السلع الغذائية للمواطن الليبي والقيام بأي أعمال عسكرية تقتل المدنيين وتدمر البنية التحتية ومقدرات الشعب الليبي».

وأكدت الحكومة مجددا على التزامها بما ورد في قراري مجلس الأمن خاصة فيما يتعلق بوقف إطلاق النار، داعية في المقابل حلف الناتو إلى وقف قصفه المستمر على ليبيا.

ورحبت الحكومة الليبية في البيان الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه بمشاركة مراقبين دوليين من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار والتأكيد على الالتزام بالتعاون الكامل مع كافة المنظمات الإنسانية وتسهيل مهامها وتقديم كافة المساعدات وتوفير الحماية اللازمة لها بما يمكنها من أداء واجباتها.

وسعت الحكومة الليبية أيضا في بيانها إلى التخفيف من حدة التوتر مع بعض دول التحالف الغربي التي تعرضت مقراتها وبعثاتها الدبلوماسية في طرابلس للاعتداء والحرق، حيث أكدت التزام السلطات الليبية بحماية مقرات البعثات الدبلوماسية المعتمدة، وتعهدت بتوفير كل الحماية لها طبقا لاتفاقية فيينا.

إلى ذلك، وفى تطور مفاجئ، دعا عبد الهادي الحويج، مسؤول شؤون الهجرة والمغتربين بوزارة الخارجية الليبية، من وصفهم بالمواطنين الليبيين النازحين في مصر وتونس من الراغبين في العودة الطوعية إلى ليبيا، إلى الاتصال بأقسام الشؤون القنصلية القريبة منهم للتنسيق في إجراءات عودتهم وأفراد أسرهم في ظروف آمنة وميسرة.

وقال الحويج، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الليبية، إنه سيتم تأمين أماكن إقامة لائقة وآمنة لهؤلاء العائدين، وإنه تم التنسيق مع جهات الاختصاص لتوفير السلع التموينية والأدوية لجميع العائدين وصرف مرتباتهم والمزايا المستحقة عن فترة نزوحهم. كما تعهد بتمكين أبنائهم من الانتظام في الدراسة بالمؤسسات التعليمية بمختلف مستوياتها حفاظا على العام الدراسي الحالي.

وقال الحويج مخاطبا مواطنيه: «باستجابتكم لهذا النداء تحفظون كرامتكم وكرامة بلادكم وتساعدون في التئام شمل عائلاتنا الليبية داخل وطننا الواحد».