احتفالات كرنفالية فلسطينية في شوارع الضفة وغزة وأعلام حماس وفتح تتعانق

السلطة تسمح بـ «الأقصى».. و«المقالة» بنشاط «تلفزيون فلسطين»

شباب فلسطينيون في مدينة نابلس شمال الضفة يعبرون عن فرحتهم ازاء اتمام المصالحة الفلسطينية في القاهرة أمس (أ. ف. ب)
TT

شهدت الأراضي الفلسطينية أمس، احتفالات «كرنفالية» حاشدة ابتهاجا بتوقيع اتفاق المصالحة بين حماس وفتح في القاهرة. وخرج عشرات الآلاف للشوارع في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل بدء الاحتفال بتوقيع الاتفاق، وهتفوا «بدنا وحدة وطنية ودولة فلسطينية، ووحدة وطنية.. غزة وضفة غربية» كما رددوا أناشيد وطنية وإسلامية.

ورقصوا ودبكوا وأطلقوا ألعابا نارية، ومئات البالونات بألوان العلم الفلسطيني ووزعوا الحلويات.

وفرضت أجواء المصالحة نفسها على الشارع، وعلى الأجهزة الأمنية أيضا التي لم تتدخل لا من قريب ولا من بعيد. وتحرر أنصار حماس في الضفة من القيود السابقة كما تحرر أنصار فتح في غزة، وانطلقوا بالآلاف يرفعون أعلام الحركتين في مسيرات في مشهد استثنائي غير معهود منذ نحو 4 سنوات في غزة والضفة.

وقال سليم هندي، أحد نشطاء فتح في غزة لـ«الشرق الأوسط»: «إنها لحظة تاريخية في مسيرة الشعب الفلسطيني، أجمل ما فيها تعانق الرايات، رايات فتح وحماس، وأعلام فلسطين في عنان السماء». وأردف «كان مشهدا أبكى الكثيرين، لقد افتقدنا الحب والتكافل خلال 4 سنوات، ونأمل أن يعود ذلك الآن، لأن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، وجراحنا أكبر من أفراحنا».

وكان هذا رأي الناشط الحمساوي إبراهيم أبو عمر في الضفة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «إنها لحظة تاريخية، أكاد لا أصدق، وآمل أن ينتهي هذا الكابوس». وأضاف: «نتطلع لأن تفتح المصالحة آفاقا جديدة على كل الصعد، السياسية والأمنية والاقتصادية أيضا».

ويأمل الفلسطينيون بتجاوز مرحلة الانقسام التي دمر فيها النسيج الاجتماعي في غزة والضفة وحرم آلافا من أعمالهم وعرض آلافا آخرين للاعتقال والتعذيب والملاحقة.

وتبادل مسؤولون في فتح وحماس التهنئة قبل وبعد توقيع المصالحة، عبر الاتصالات الهاتفية أيضا، وهاتف رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية، مهنئا الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، رمضان شلح. وأكد هنية الاستعداد التام لبذل كل الجهود اللازمة لتطبيق المصالحة على الأرض سواء في الضفة أو غزة. وفوجئ الفلسطينيون أمس بـ«تلفزيون فلسطين» الرسمي يبث من غزة لأول مرة منذ منتصف 2007، كما فوجئوا بقناة «الأقصى» التابعة لحماس والمحظورة في الضفة تصول وتجول.

وبثت الفضائيتان لقاءات مع قيادات في حماس وفتح، ومع الجماهير المحتفلة، كما بثتا أغاني وأناشيد للوحدة وفلسطين، وشعارات مركزية مثل «ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا». ووصف يوسف الأستاذ عضو الأمانة العامة لنقابة الصحافيين وأحد مذيعي «تلفزيون فلسطين»، البث المتبادل من غزة و«الأقصى» من الضفة بخطوة تاريخية. وقال: «نتطلع في هذه اللحظات لرفع القيود عن الصحافيين».

وقال عماد زقوت مدير الأخبار والبرامج السياسية في قناة «الأقصى» الفضائية «إننا لم نتسلم أي كتاب رسمي من السلطة لكن أجواء المصالحة فرضت نفسها.. سننزل إلى الشارع لإجراء المقابلات».

وأصدر حسن أبو حشيش رئيس المكتب الإعلامي بالمقالة، بيانا، أعلن فيه عن مبادرته بالسماح لـ«تلفزيون فلسطين» للعمل بشكل مباشر في غزة، وذلك استثمارا لأجواء التفاؤل التي تعم الأراضي الفلسطينية، وإثباتا لحسن النوايا وصدق الإرادة بإنهاء كافة أشكال الانقسام.

ودعا أبو حشيش في بيان، «الإخوة» في رام الله إلى الاستجابة لرغبة الرأي العام الفلسطيني والرد على بادرة حسن النية من قبلنا بإعادة السماح لوسائل الإعلام الممنوعة من العمل في الضفة وإعادة تداول الصحف. وناشد وسائل الإعلام والإعلاميين بضرورة التحلي بالمسؤولية الاجتماعية لتجاوز مرحلة الانقسام وتعزيز الوحدة والتوافق السياسي وترسيخه مجتمعيا، وذلك عبر التركيز وتسليط الضوء على جوانب الاتفاق والابتعاد عن لغة «الريبة والتشكيك».

وكانت فتح وحماس أمرتا أجهزتهما الإعلامية بوقف المناكفات والتحريض المتبادل، ولوحظ في هذه الوسائل أمس انقلاب كبير في طريقة التعاطي مع الأخبار.

ومن المفترض الآن السماح بعودة توزيع الصحف اليومية الصادرة في الضفة في غزة، والسماح بالمقابل بتوزيع صحيفة «فلسطين» الصادرة في غزة في الضفة.

وفي وقت عم فيه الفرح الأراضي الفلسطينية بتوقيع الاتفاق بين فتح وحماس، جدد رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، التأكيد على ضرورة البدء في تنفيذ الاتفاق بسرعة، بما يفضي لتشكيل حكومة وحدة وطنية تتحمل مسؤولياتها في إدارة شؤون البلاد دون تأخير.

وشدد فياض على «أن توحيد الوطن سيمكن من البدء في تنفيذ برنامج السلطة لإعادة إعمار غزة، الذي كان دوما أولوية عليا لشعبنا وسلطته الوطنية، وكذلك البدء في تنفيذ المشاريع التنموية، وخاصة في البنية التحتية في قطاعات المياه والكهرباء والتعليم والإسكان وغيرها».

وقال: «هذا يتطلب بطبيعة الحال رفع الحصار الإسرائيلي عن أهلنا في القطاع وفتح كافة المعابر، بالإضافة إلى تشغيل الممر الآمن لضمان تحقيق الوحدة الجغرافية بين شطري الوطن». وأضاف: «إن إنهاء الانقسام واستعادة وحدة الوطن ومؤسساته يضعنا أمام لحظة تاريخية للخلاص من الاحتلال الإسرائيلي الذي طال أمده. فنحن إذ نمضي قدما نحو إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، فإننا نعزز بذلك جاهزيتنا الوطنية لإقامة الدولة ونضع المجتمع الدولي حتما أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية والتاريخية والمتمثلة في تمكين شعبنا من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة».

وقال فياض موجها كلامه للحكومة الإسرائيلية بعد تجميدها أموال الضرائب: «الوحدة تشكل أولوية وطنية عليا لا تقايض بأي ثمن، وهي شأن داخلي فلسطيني نقرره نحن الفلسطينيين». وأضاف «وهذه الأموال التي تعودت الحكومات الإسرائيلية على احتجازها هي حق لشعبنا. فنحن لا نتحدث هنا عن منحة أو منة من الجانب الإسرائيلي. هذه عائداتنا الضريبية التي يدفعها الفقير قبل الغني من مواطنينا». وتابع: «لن نحشر شعبنا في زاوية المفاضلة بين الجوع والركوع. فشعبنا لن يجوع ولن يركع، وسنتحمل مسؤولياتنا للوفاء باحتياجاته» وأردف «لن نقايض وحدة الوطن بأي ثمن مالي أو اقتصادي. فمشروعنا الوطني هو مشروع تحرري بامتياز، ووحدتنا هي أساس القدرة على تحقيقه. وحتما سنعبر به نحو الحرية والكرامة والاستقلال الوطني».