«جيرونيمو» اسم عملية قتل بن لادن

الهنود الحمر يحتجون.. والبيت الأبيض يشرح

TT

في حين يحتفل الأميركيون بقتل أسامة بن لادن، مؤسس وزعيم تنظيم القاعدة، وبينما قال الإعلام الأميركي إن اسم عملية القتل كان «جيرونيمو»، في إشارة إلى زعيم من زعماء الهنود الحمر في القرن التاسع عشر، احتجت منظمات للهنود الحمر على استعمال الاسم، وعلى ربطه بـ«أكبر إرهابي في تاريخ العالم».

وكشف البيت الأبيض أن قائد فرقة الكوماندوز التي قتلت بن لادن أرسل رسالة مشفرة تقول: «جيرونيمو آي كي آي إيه»، ومعناها أن العملية «قتلت العدو خلال المعركة».

كان «جيرونيمو» زعيم قبيلة الأباتشي، من أكبر قبائل الهنود الحمر، خلال القرن التاسع عشر. وقضى سنوات يقاتل الأميركيين البيض، حتى استسلم سنة 1886، خلال حروب توسعات الولايات المتحدة. ويعتقد أن آخر صورة له موجودة اليوم تعود إلى سنة 1887، ويظهر فيها وهو يحمل بندقية ويقف مستعدا للهجوم.

ولد في سنة 1829 في ما أصبحت الآن ولاية نيومكسيكو، وكانت في ذلك الوقت منطقة للهنود الحمر يتحارب حولها الأميركيون والمكسيكيون، وصارت المنطقة جزءا من المكسيك لفترة، ثم احتلتها القوات الأميركية مع ولايات أخرى مجاورة.

وقالت لوريتا لينو، مديرة لجنة شؤون الهنود الحمر في الكونغرس، أمس، إنه «من غير المناسب ربط اسم (جيرونيمو)، وهو واحد من أعظم الأبطال الأميركيين، بواحد من أكثر الأعداء بغضا من قبل الأميركيين». وأضافت: «هذه الاستخدامات غير مناسبة، وتحدث دائما لكثير من الرموز الأميركية الأصلية (الهنود الحمر)، وهي استخدامات صارت جزءا من الثقافات السائدة في مجتمعنا. وهي تؤثر على الأطفال الأصليين (الهنود الحمر) وغير الأصليين. وهي مدمرة».

وقالت بول أنطوان، من قبيلة «سيوكس» الهندية الحمراء في ولاية ساوث داكوتا: «إنها محاولة أخرى لوصف الأميركيين الأصليين بأنهم إرهابيون».

ورد البيت الأبيض على هذه الاتهامات أمس، وقال إنه تم استخدام «جيرونيمو» كاسم للعملية العسكرية التي قامت بها قوات الكوماندوز، ولم يكن اسما لأسامة بن لادن. وقال إن استعمال الاسم في هذه الحالة يوضح فخر القوات الأميركية المسلحة بالأميركيين من أصل هندي أحمر.

وكانت حروب جيرونيمو مع القوات الأميركية بدأت سنة 1872، عندما اعتبرته متمردا. وبدأت في إرسال فرق للقبض عليه. ومرة أرسلت فرقة من خمسة آلاف جندي. وسبب الرجل مرات كثيرة الحرج للقوات الأميركية عندما فشلت في القبض عليه. ولم يتم القبض عليه إلا بعد التعاون مع عملاء من قبيلة الأباشي، قبيلته.

غير أن استعمال القوات الأميركية للاسم فخرا لم يبدأ إلا بعد ذلك بمائة سنة تقريبا، خلال الحرب العالمية الثانية، عندما قال قائد لقوات مظلات إنه سيقاوم العدو مثلما قام جيرونيمو أعداءه. ومنذ ذلك الوقت، صار نداء «جيرونيمو» نداء شجاعة.

واليوم، توجد كتيبة مظلات سميت «جيرونيمو»، وحاربت في العراق وأفغانستان. واختارت فرقة الكوماندوز رقم 509، التي قتلت بن لادن الاسم من قبل أكثر من سنتين، عندما زاد البحث عنه.

وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن جهود البحث عن بن لادن اتخذت شعارات لها صلة بالحروب الأميركية مع الهنود الحمر. وكان الرئيس السابق بوش قال إن بن لادن سيلقى نصيبه من العدالة «حيا أو ميتا». وهذه هي العبارة التي كانت تستخدم في إعلانات صرف مكافآت عن عتاة المجرمين وللمقاتلين من الهنود الحمر في الغرب الأميركي.

وكان ألان ميت، أستاذ في جامعة أوهايو، كتب كتابا عن بن لادن، وعن عمليات البحث عنه. وقال إنها مثل عمليات البحث عن «جيرونيمو». وذلك لأنها تقتل مدنيين بالإضافة إلى العسكريين، مثلما يحدث في العمليات الأميركية ضد الإرهابيين. وقال أيضا إن طبيعة جبال روكي حيث كان يعيش الهنود الحمر تشبه طبيعة جبال أفغانستان وباكستان حيث كان بن لادن مختبئا.

وقال مصدر في البنتاغون، مثلما قال البيت الأبيض، إن استعمال الاسم كان فخرا، وليس إساءة. وقال إن فرقة الكوماندوز حافظت على سرية عملياتها خلال سنوات كثيرة. وإنه حتى كبار المسؤولين الأميركيين لم يبلغوا بالخطة إلا في السنة الماضية. وأن الخطة لم تكن عسكرية فقط، وكانت أيضا استخباراتية لجمع المعلومات وتتبع خيوطها.

غير أن فرقة الكوماندوز لم تسلم من الأخطاء خلال البحث عن بن لادن، ومنها قتل البريطانية ليندا نورغروف في السنة الماضية.. وكانت اختطفت، وشنت الفرقة هجوما لإطلاق سراحها. وفي حين قالت بيانات الفرقة الأولى إن الخاطفين قتلوها عندما اقتربت منهم قوات الكوماندوز، اعترفت بيانات في وقت لاحق بأن الكوماندوز هم الذين قتلوها خطأ خلال العملية.

وقال مصدر البنتاغون إن الوحدة تتكون من بضع مئات فقط ورئاستها في ولاية فرجينيا. وتطلق على نفسها اسم «المهنيين الهادئين».

وتعمل الوحدة، في كثير من الأحيان، مع وكالة المخابرات المركزية (سي آى إيه)، وتسمى أحيانا «الحرس الإمبراطوري للوكالة». وبدأت الشراكة بينهما في العراق. وعلى الرغم من أن الجزء الأكبر منها موجود في أفغانستان، فإن فرقا فرعية منها داهمت أهدافا في دول مثل اليمن والصومال في السنوات الماضية.