الكلاب في حرب الإرهاب

الجيش الأميركي يستخدم أكثر من 2000 كلب.. أحدها شارك في عملية قتل بن لادن

TT

قالت مصادر أميركية إن فرقة الكوماندوز التي قتلت أسامة بن لادن، مؤسس وزعيم «القاعدة»، في الأسبوع الماضي استعملت كلبا مدربا، وإنها نفس الفرقة التي عثرت على الرئيس العراقي صدام حسين في سنة 2004، وأيضا استعانت بكلاب مدربة. وبينما رفض البنتاغون تأكيد أو نفي الخبر، قال مايك ماكونري، مدير شركة متخصصة في تربية وتدريب كلاب ضخمة للحراسة يستعملها الجيش الأميركي، إن الكلب ربما من نوع «جيرمان شيبارد» (كلب رعي ألماني)، أو من نوع «مالينو» البلجيكي. وأضاف: «هذه من الكلاب التي تتميز بخفة وسرعة الحركة، وبقدرة كبيرة على التواصل مع سيدها، حتى أثناء فترات الضغط والاضطراب الشديد. إنها مختلفة تماما عن الكلاب التي تستعمل في عمليات الشرطة».

وأشار إلى إمكانية استخدام كلب في الهجوم على منزل بن لادن «للتمويه أو للشم». وقال إن هذا النوع من الكلاب «قادر على التمييز بسرعة كبيرة بين من هم أصدقاء ومن هم ليسوا أصدقاء»، كما أوضح مضيفا: «إنها أكثر من مجرد مخلوقات قادرة على الجري وراء كرة. إنها جنود». وتابع مايك ماكونري: «بعد هذا المستوى من التدريب لا يمكن أن تكون هذه الكلاب مجرد حيوانات عادية للمرافقة». وقال مدرب الكلاب ويليام غاسكينز في مقابلة مع تلفزيون «إم إس إن بي سي» إن الجيش الأميركي يستخدم أكثر من ألفي كلب، وإن الكلاب صارت «عنصرا أساسيا في قوات البلاد». وأضاف: «حاسة الشم عند هذه الكلاب ميزة أساسية» في هذا النوع من العمليات. و«الأول الذي يدخل إلى أي مبنى هو الكلب».

والجدير بالذكر أنه منذ الهجوم الإرهابي على مركز التجارة العالمي سنة 2001 صعدت الحكومة الأميركية جهودها لتدريب ونشر الكلاب للكشف عن المتفجرات، ليس فقط داخل الولايات المتحدة، ولكن في الحروب التي دخلت فيها. ورغم أن كلاب الشرطة زاد عددها أيضا، كان التركيز أكثر على الكلاب العسكرية، وذلك لأن المتفجرات في أفغانستان والعراق، وخصوصا القنابل المزروعة في الأرض، صارت من أكبر الأخطار التي تواجه القوات الأميركية هناك. وحسب إحصائيات عسكرية، صارت القوات الأميركية تدرب أكثر من خمسمائة كلب عسكري كل سنة، وإن كل كلب يجب أن يجتاز برنامج تدريب لمدة خمسة أشهر. ومنذ البداية صارت قاعدة لاكلاند الجوية في سان أنطونيو (ولاية تكساس) هي مركز هذه التدريبات وصارت المرفق الوحيد في الولايات المتحدة الذي تدرب فيه الكلاب للفروع العسكرية المختلفة، مثل: الجيش، والبحرية، وسلاح الجو، ومشاة البحرية. وصارت تصرف للكلاب شهادات تخرج في واحد من تخصصين: كشف المتفجرات أو دوريات الحراسة.

ويحدد القانون العسكري مسؤولية الذين يرافقون هذه الكلاب، وبالإضافة إلى الطعام والشراب والحالة الصحية، يركز المرافقون على إصدار أوامر الهجوم، أو حماية الكلب أو حارسه، أو شم مواد جديدة، للكشف عليها في وقت لاحق. وبعد نهاية التدريب يوزع المركز الكلاب والمرافقين على المنشآت العسكرية الأميركية في جميع أنحاء العالم.

وخلال السنوات العشر الأخيرة تركز استخدام الكلاب في المنشآت العسكرية التي تشرف على حربي أفغانستان والعراق، غير أن قيادة القيادة الأميركية الوسطى في البحرين، التي تشرف على هذه الكلاب، رفضت الحديث عن تفاصيل ما تقوم به، رغم أنها أكدت أنها موجودة. وقال الميجور فرانك شاديللي، قائد فرقة التدريب رقم 341 التي تشرف على تدريب الكلاب العسكرية، إنه ممنوع استخدام الكلاب للكشف عن المتفجرات في حالات القتال المباشر. وبدلا من ذلك، تستخدم في «نقاط الدخول» أو «في آي بي» (حراسة كبار الشخصيات) بتفتيش المباني والسيارات بحثا عن قنابل قبل وصول الشخصيات الهامة. وقال إنه، في المتوسط، تنجح هذه الكلاب في مهامها بنسبة 98 في المائة. وقال إنه نحو أربع مرات في السنة يسافر عسكريون متخصصون إلى ولايات أميركية أو إلى الخارج لفحص مئات الكلاب التي تتراوح أعمارها بين 12 و36 شهرا، وإن الكلاب الأجنبية هي المفضلة، خصوصا الألمانية والبلجيكية، وذلك لقدرتها على تحمل الصعاب، ولكبر أحجامها، ولقوة عضلاتها.

وقال إن نحو ثلث الكلاب التي تفحص يتم شراؤها، وإن قيمة الكلب الواحد ثلاثة آلاف دولار تقريبا، لكن بعد تدريبه ترتفع القيمة إلى أكثر من عشرة آلاف دولار. وأضاف: «لا أعتقد أنه يمكنك وضع السعر الحقيقي، ليس فقط بسبب القدرة على العمل وتنفيذ المهام، ولكن أيضا بسبب تحقيق راحة البال التي تعطيها هذه الكلاب للجنود».

خلال برنامج التدريب في قاعدة لاكلاند، ترتاح الكلاب يومين، وتتدرب خمسة أيام في الأسبوع. ويتركز التدريب على استخدام التكرار، والمكافأة التي ربما تكون كرة مطاطية أو بسكويتا. وقال كيرتس هينثوم، عسكري يعمل في مجال التدريب، إن التدريب ليس صعبا، وإن الكلاب تتعاون كثيرا عندما تعرف أنها ستكافأ إذا أطاعت الأوامر، غير أنه رفض أن يقدم معلومات عن طريقة الكشف عن المتفجرات. وأيضا رفض أن يحدد عدد المتفجرات التي يكشفها الكلب الواحد خلال فترة معينة أو معركة معينة. وقال إنه في حالة الحرب، عندما يستخدم العدو مواد غير معروفة، يتدرب عليها الكلاب للكشف عليها في المستقبل، وإن مرافقي الكلاب أنفسهم لا بد أن يتدربوا لفترة ربما تصل إلى ثلاثة شهور، وإنهم لا بد أن يرافقوا كلابهم، لأن كل كلب يتعود على مرافق واحد. وقال: «سيد الكلب هو سيد الكلب، والكلب يريد سيدا». وعن التدريب على شم المتفجرات، أو أي أشياء أخري، قال دونالد برين، طبيب بيطري في مركز في فاونتين هيلز (ولاية أريزونا): «عدد خلايا الشم في الأنف البشرية تتراوح بين خمسة ملايين وخمسة عشر مليونا، وفي أنف الكلب تتراوح بين مائة مليون وثلاثمائة مليون». بالإضافة إلى خلايا الشم، قال برين إن جزء الدماغ الخاص بالشم عند الكلب يساوي أربع مرات مما في المخ البشري. وأشار بحث أجرته كلية الطب البيطري في جامعة أوبورن (ولاية ألاباما) إلى أن الجزء الرطب والأسود من أنف الكلب يمكن أن يكشف عن روائح دقيقة جدا لا يقدر أنف الإنسان على كشفها، وأن الكلاب يمكنها كشف روائح حجمها أقل من 500 جزء في تريليون. وقال شاشدالي، في قاعدة لاكلاند العسكرية إنهم يدربون الكلاب أيضا على كشف المخدرات.

وحسب معلومات من منظمات تهتم بالحيوانات، يستخدم الجيش الأميركي الكلاب من الحرب الأهلية سنة 1861، وزاد استخدامها بصورة كبيرة في الحرب في أفغانستان، حيث تستعين بها القوات الأميركية لرصد العبوات الناسفة التي تعتبر السبب الأول لمعظم الوفيات في صفوف جنود حلف الناتو.

وقال غيري بروكتور، المتحدث باسم قاعدة لاكلاند الجوية (ولاية تكساس) حيث يجري تدريب معظم الكلاب، إنها «أبطال لا يحظون بالتقدير. إنها تنقذ حياة جنود كل يوم». وأضاف: «عن مجالات استخدام الكلب العسكري، الأمر يتوقف على الظروف. يمكن أن يكون كلب حراسة، ويمكن أن يذهب إلى غرفة ويشم شخصا معينا، ويمكن أن يتعقب الهاربين، أو يجري أعمالا بسيطة مثل حراسة مكان أو منزل أو شخص معين في ظروف يحتاج فيها إلى حراسة».

وفي مقابلة صحافية رفض بروكتور الإجابة على سؤال عن نزول الكلاب على حبال من طائرات هليكوبتر مع الجنود، وإذا كان هذا حدث للكلب الذي صاحب عملية بن لادن. وقال إن وجود كلب في عملية بن لادن ربما للشم، وربما بمساعدة معلومات أو أشياء جمعتها الاستخبارات الأميركية مسبقا عن بن لادن أو عن الذين في منزله. وربما لها صلة بحارس بن لادن الذي يعتقد أنه لعب دورا كبيرا في تقديم معلومات عن مكان بن لادن، والذي قتل خلال العملية.