أول مسؤول باكستاني يدخل مجمع بن لادن لـ«الشرق الأوسط»: امرأة جريحة صرخت «لقد قتلوا أبا حمزة»

أوباما: قتل بن لادن كان أطول 40 دقيقة في حياتي.. والفرصة «مواتية» للقضاء على «القاعدة»

مجلة أميركية تعلن مقتل أسامة بن لادن على غلافها الخارجي في مدينة كراتشي أمس (رويترز)
TT

«لقد قتلوا أبو حمزة.. لقد قتلوا أبو حمزة»، كان هذا هو الصراخ الذي سمعه أول مسؤول باكستاني يدخل إلى الطابق الثالث بالمجمع السكني الذي كان يعيش فيه أسامة بن لادن. وكان ذلك في نحو الواحدة وخمس وأربعين دقيقة صباحا من يوم 2 مايو (أيار).

وقال المسؤول الباكستاني الذي يعمل بالإدارة الحكومية داخل أبوت آباد، والذي كان أول من يدخل إلى المجمع السكني بعد إنهاء القوات العملية مهمتها ومغادرتها للمنطقة: «لم تكن لدي أي فكرة عمن يكون أبو حمزة». وقتل في نفس العملية حمزة نجل بن لادن.

ولم يكن المسؤول الباكستاني متمرسا في اللغة العربية، ولكنه قال لـ«الشرق الأوسط» إنه استطاع فهم أمرين من صراخ المرأة الشابة: «يبدو أن شخصا قتل أبو حمزة». وقال المسؤول: «بعد إلحاح قالت المرأة من هو أبو حمزة».

وقال المسؤول إن أول امرأة يواجهها بعد دخول المجمع كانت امرأة جريحة من البشتون، وقالوا لي إن بعض الأجانب دخلوا إلى المنزل وقتلوا زوجها. وأضاف: «بعد ذلك تبين أن هذه المرأة هي زوجة أرشاد خان، مضيف أسامة بن لادن».

وقال: «بعد فترة قالت هذه المرأة الباكستانية لي إن الأجانب قتلوا بعض العرب، وإن جثثهم في الطابق الثالث.. ولذا مضيت إلى الطابق الثالث».

وأضاف المسؤول: «في الطابق الثالث قابلت امرأة عربية مجروحة، وكانت تصرخ قائلة إنهم قتلوا أبو حمزة. وبعد نصف ساعة ذكرت المرأة أسامة بن لادن، وصعقت عندما سمعت ذلك»، وتبين بعد ذلك أن هذه المرأة هي الزوجة اليمنية لأسامة بن لادن.

إلى ذلك، أعلن الرئيس باراك أوباما، أول من أمس، أن الولايات المتحدة تأمل بتوجيه «ضربة قاضية» إلى تنظيم القاعدة، إثر مقتل أسامة بن لادن، الذي كرر في رسالة نشرت بعد وفاته تهديداته لواشنطن.

وطلبت واشنطن أيضا من باكستان التحقيق حول الشبكة التي أتاحت لبن لادن البقاء مختبئا على أراضيها طوال أعوام. وقال الرئيس الأميركي: «قتل بن لادن أطول 40 دقيقة في حياتي، والفرصة (مواتية) للقضاء على (القاعدة) الآن».

وأوضح أوباما في مقابلة مع شبكة «سي بي إس» التلفزيونية أن المعلومات التي تحويها أجهزة الكومبيوتر التي صودرت في منزل بن لادن هي قيد التحليل.

وقال: «هذا لا يعني أننا سننتصر على الإرهاب», متداركا: «لكن هذا يعني أن أمامنا فرصة, أعتقد ذلك, لتوجيه ضربة قاضية إلى هذا التنظيم».

وأضاف الرئيس الأميركي الذي تابع عملية القوات الأميركية على منزل أسامة بن لادن من البيت الأبيض, أن تحليل المعلومات التي تم الحصول عليها خلال العملية يتطلب «بعض الوقت».

ورأى أن هذه المعلومات «يمكن أن تقودنا إلى إرهابيين آخرين نطاردهم منذ وقت طويل».

وتابع أوباما: «لدينا الآن فرصة لننتصر فعلا على (القاعدة) على الأقل في هذه المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان».

ودعا أوباما إسلام آباد إلى إجراء تحقيق حول «شبكة الدعم» التي استفاد منها بن لادن في باكستان. وقال الرئيس الأميركي في المقابلة «نعتقد أنه (بن لادن) استفاد من شبكة دعم مهما كانت طبيعتها داخل باكستان, لكننا لا نعلم ماهيتها».

وأضاف: «علينا أن نحقق في الأمر وعلى باكستان خصوصا أن تحقق. سبق أن تحدثنا إليهم، وقد أكدوا أنهم يريدون معرفة أشكال الدعم التي حظي بها», في إشارة إلى السلطات الباكستانية.

إلى ذلك قال المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي كارني، أمس أن الولايات المتحدة تريد علاقات تعاون مع باكستان، على الرغم من التوترات بشأن قتل أسامة بن لادن.

وقال كارني للصحافيين: «نعتقد أنه من المهم للغاية الاحتفاظ بعلاقات تعاون مع باكستان.. وعلى وجه الدقة لأنه في مصلحة الأمن القومي أن نفعل ذلك».

من جهته، وعد السفير الباكستاني في الولايات المتحدة، حسين حقاني، بأن «رؤوسا ستتدحرج» في صفوف المسؤولين الباكستانيين «ما إن يتم إنهاء التحقيق».

بدوره, دعا مستشار أوباما للأمن القومي، توم دونيلون، إسلام آباد إلى فتح تحقيق. لكنه سعى إلى تهدئة التوتر بين واشنطن وإسلام آباد، عبر التأكيد أنه لا شيء يسمح باتهام المسؤولين الباكستانيين بأنهم قاموا بحماية بن لادن.

وقال: «لا نملك أي دليل على أن حكومة إسلام آباد كانت على علم» بالمكان الذي يختبئ فيه بن لادن، الذي قتل في الثاني من مايو (أيار) بيد قوات خاصة أميركية في مدينة أبوت آباد القريبة من إسلام آباد. وأضاف أن على المسؤولين الباكستانيين «في الوقت نفسه أن يعطونا المعلومات التي حصلوا عليها في المجمع السكني، بالإضافة إلى السماح لنا باستجواب زوجات بن لادن الثلاث الموقوفات لديهم».

وفي مؤشر على تدهور العلاقات بين البلدين, وبعدما أعلن البيت الأبيض في أكتوبر (تشرين الأول) أن أوباما سيتوجه إلى باكستان هذا العام, أعلن دونيلون أن الرئيس الأميركي لا يعتزم زيارة باكستان في الوقت الحالي.

وهددت إسلام آباد، التي اعترضت على انتهاك سيادتها جراء العملية الأميركية على أراضيها, الأسبوع الفائت، بإعادة النظر في تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة، إذا تكرر هذا الأمر.

وفي باكستان نفسها, ترى المعارضة أن على الرئيس، آصف علي زرداري، ورئيس الوزراء، يوسف رضا جيلاني، أن يوضحا كيفية تمكن القوات الأميركية من دخول البلاد أو تقديم استقالتهما. وعلى الرغم من أن تصفية زعيم «القاعدة» أثارت عاصفة فرح في الولايات المتحدة, فقد أقر دونيلون بأن الولايات المتحدة «لا يمكنها أن تعلن أن (القاعدة) منيت بهزيمة استراتيجية»، ورأى أن التنظيم المتطرف «لا يزال يشكل تهديدا للولايات المتحدة»، إلا أن دونيلون لاحظ أن الرجل الثاني في التنظيم، أيمن الظواهري، «لا يملك مقومات الزعامة» مثل أسامة بن لادن.

وقد أقسم زعيم «القاعدة» في تسجيل له قبل مقتله، نشره الأحد موقع إسلامي على الإنترنت, بأن «أميركا لن تحلم بالأمن قبل أن نعيشه واقعا في فلسطين». وقال بن لادن في التسجيل الذي نشره موقع إسلامي، وهو عبارة عن رسالة إلى الرئيس الأميركي، باراك أوباما: «أقسم بالله العظيم الذي رفع السماء بلا عمد, لن تحلم أميركا ولا من يعيش في أميركا بالأمن قبل أن نعيشه واقعا في فلسطين, وقبل أن تخرج جميع الجيوش الكافرة من أرض محمد، صلى الله عليه وسلم».

وأضاف: «ليس من الإنصاف أن تهنئوا بالعيش وإخواننا في غزة في أنكد عيش, وعليه، فبإذن الله غاراتنا عليكم ستتواصل ما دام دعمكم للإسرائيليين متواصلا، والسلام على من اتبع الهدى».

واعتبر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، في رسالة بثت عبر الإنترنت، أول من أمس، أن الثورات القائمة في الدول العربية هي انتصار لـ«القاعدة», حسب ما نقل مركز «سايت» الأميركي لمراقبة المواقع الإسلامية.

وجاء في رسالة «القاعدة» أن «الأحداث التي يشهدها العالم العربي ما هي إلا واحدة من ثمار الجهاد الذي لعب فيه الشيخ (أسامة بن لادن) دورا أساسيا». من جهته, دعا نائب الرئيس الأميركي السابق، ديك تشيني، إلى العودة إلى وسائل الاستجواب العنيفة، التي كانت تعتمدها الإدارة السابقة إزاء المشتبه بهم في قضايا الإرهاب, وأيده في ذلك وزير الدفاع السابق، دونالد رامسفيلد.