قذائف ورصاص في حي بحمص وملاحقة زعماء الاحتجاجات في بانياس

تعديل تشكيل لجنة للتحقيق في أحداث محافظتي درعا واللاذقية

مظاهرة بالشموع نفذها معارضون سوريون في مدينة القامشلي الليلة قبل الماضية (رويترز)
TT

في حين عزز الجيش السوري سيطرته العسكرية على معاقل الاحتجاج خصوصا في مدن درعا وحمص والمعضمية، قال ناشط حقوقي، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، إن دوي قذائف ورشقات أعيرة نارية سمع فجر أمس في حي بابا عمرو السكني بحمص واستمرت العمليات الأمنية في المدينة الواقعة وسط سوريا. وقال الناشط الحقوقي نجاتي طيارة إنه «سمع دوي قذائف ورشقات رصاص منذ الساعة الخامسة والنصف (2.30 تغ) باتجاه حي بابا عمرو». وأضاف طيارة أن «بابا عمرو والقرى المحيطة بها تشهد عمليات أمنية منذ ثلاثة أيام حيث تجري عمليات تمشيط» على حد قوله.

ويقطن في بابا عمرو والقرى المحيطة بها ومنها مشاهدة وجوبر وسلطانية نحو 150 ألف نسمة أغلبهم من القرويين والبدو.

وأشار طيارة إلى أن «الجيش منتشر في المدينة منذ يوم الخميس»، لافتا إلى «وجود دبابات في حي الستين». وذكر طيارة أن «خمسين مدرعة توزعت على دوار بالقرب من حمص والمناطق المحيطة بالوسط من جانب مديرية الجامعة إلى دوار البياضة». كما جرت «عمليات تفتيش في عدة مفارق وسط المدينة حيث أقيمت حواجز أمنية» حسب الناشط نفسه.

وكان العسكريون الذين تمركزوا منذ الجمعة مع دباباتهم في وسط حمص (160 كلم شمال دمشق)! دخلوا مساء السبت وفجر الأحد إلى عدد من الأحياء التي تشهد احتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الأسد مثل باب السباع وبابا عمرو بعد قطع الكهرباء والاتصالات الهاتفية! بحسب ناشط.

وبحسب منظمة «إنسان» للدفاع عن حقوق الإنسان، قتل 16 متظاهرا الجمعة في حمص عندما فتحت قوات الأمن النار على مظاهرة وصلت إلى باب دريب في وسط المدينة.

وفي مدينة بانياس الساحلية (غرب) «لا يزال البحث مستمرا عن قادة الاحتجاجات الذين لم يتم اعتقالهم بعد» حسب ما أفاد رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن. وقال رئيس المرصد إن «مدرعة تمركزت في الساحة الرئيسية التي تجري عادة فيها المظاهرات في بانياس» التي دخلها الجيش السبت بالدبابات لقمع حركة الاحتجاجات ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وأطلقت السلطات سراح نحو 270 شخصا من بين 450 شخصا تم اعتقالهم خلال الأيام الماضية منذ أن بدأ الجيش دخول المدينة.

وأوضح أن الذين أفرج عنهم قالوا إنهم «تعرضوا للضرب المبرح وللإهانات». وأضاف عبد الرحمن أن «جريحين كانت تتم معالجتهما في مستشفى الجمعية في بانياس تم نقلهما إلى مستشفى حكومي»! مشيرا إلى أن «مصيرهما لا يزال مجهولا». كما أشار إلى «تعرض أطباء مشفى الجمعية إلى الاعتقال والضرب».

واعتقلت قوات الأمن السورية الأحد قادة حركة الاحتجاج في بانياس؛ وبينهم الشيخ أنس عيروط الذي يعد زعيم الحركة، وبسام صهيوني الذي اعتقل مع والده وأشقائه. كما قتل السبت ستة أشخاص بينهم أربع متظاهرات يطالبن بالإفراج عن معتقلين إثر إطلاق النار عليهن قرب مدينة بانياس (غرب سوريا) بعد ساعات من دخول الجيش السوري المدينة التي تعد أحد معاقل حركة الاحتجاج على النظام وغداة مظاهرات تصدت لها القوات الأمنية بالنار رغم التحذيرات الدولية.

من جانبها، نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري مسؤول أمس قوله بمتابعة «وحدات الجيش والقوى الأمنية ملاحقة فلول المجموعات الإرهابية المسلحة، وتمكنها من إلقاء القبض على عشرات المطلوبين والاستيلاء على كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر المختلفة في بابا عمرو في حمص وفي ريف درعا، كما تم العثور على مشفى ميداني في جامع الجيلاني في حمص». وأعلن المصدر العسكري، وفق وكالة «سانا»، أن «حصيلة الملاحقات كانت شهيدين وخمسة جرحى من عناصر الجيش، حيث استشهد الملازم الطبيب صفوك خليفة وجرح أربعة آخرون بينهم ضابط في منطقة بابا عمرو في حمص، واستشهد الرقيب أحمد الحسين وأصيب آخر في ريف درعا»، مشيرا إلى أن «الملاحقات أسفرت أيضا عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف المجموعات الإرهابية المسلحة».

ووفقا لرواية مصادر شبه رسمية، فإن وحدة من الجيش السوري قامت فجر أمس بمتابعة ما سمته «مجموعة مسلحة» في منطقة بابا عمرو، وجورة العرايش، والمنطقة القريبة من الضبية، وتم إلقاء القبض على عدد «المسلحين وصادرت كميات من الأسلحة والذخائر؛ منها قذائف الهاون، و(آر بي جي)، وأسلحة خفيفة، وخزانات وقود، وعدد كبير من الدرجات النارية، والسيارات الخاصة». في حين قالت مصادر محلية من الأهالي إن قوات الأمن قامت بعمليات مداهمة للمنازل فجر الأربعاء في عدة مناطق محيطة بمدينة حمص، منها بلدة السلطانية وبلدة جوبر في منطقة باب عمر، بحثا عن مطلوبين وفق لوائح أسماء محددة، وقالت المصادر إن عمليات سرقة تمت للمنازل أثناء المداهمات.

وفي بلدة السلطانية خرجت مجموعة من الشبان يركبون دراجات نارية لمواجهة قوات الأمن التي تداهم البيوت وتم طردهم من البلدة وملاحقتهم في البساتين والطريق المؤدي إلى مدينة حمص لمسافة تقارب سبعة كم ولغاية مدخل مدينة حمص عند دوار الرئيس حيث توجد قوات للجيش، وهناك تصدى الجيش للشبان الذين يركبون دراجات نارية وقام بملاحقتهم ففروا عائدين إلى بلدة السلطانية وجوبر، وجرى قصف مدفعي للبلدتين مما دفع الأهالي والشبان إلى الهروب نحو بلدة النقيري عبر البساتين. ولفتت المصادر إلى «احتمال» أن يكون الشبان واجهوا قوات الأمن مسلحين، ورجحت المصادر أن يكون المسلحون هم من أصحاب الثأر لمن سقطوا من ذويهم شهداء خلال الأيام الأخيرة، وأكدت المصادر المحلية على أن الأمور لا تزال ضبابية في ظل تضارب المعلومات والروايات الرسمية حول ملاحقة المسلحين، مع التشكيك في صحة تلك الروايات. وحول الوضع في المدينة، قالت المصادر إن منطقة باب عمر معزولة ولا يمكن الدخول والخروج منها، حتى يوم أمس الأربعاء، حيث نزح أغلبية سكانها إلى أحياء مناطق أخرى، أما منطقة تل الشور القريبة من باب عمر، فهي خالية تماما من السكان، وبحسب شهود عيان، هناك ست جثث ملقاة على الأرض منذ نحو يومين لم يقرب منها أي أحد، كما أن القناصة ما زالوا منتشرين على أسطح المباني الحكومية. في أنحاء متعددة من المدينة.

وفي بانياس، قالت مصادر إعلامية محلية إن «الحياة عادت إلى طبيعتها، وعاد التيار الكهربائي والاتصالات إلى المدينة والقرى المجاورة، وتجري عمليات تنظيف وصيانة للشوارع التي أقيمت عليها الحواجز والسواتر الترابية»، وإن «هناك لجانا تعمل على تقييم وضع المؤسسات العامة للمباشرة في العمل خاصة للأفران، وسوق الهال، والمصارف وغيرها».

في موازاة ذلك، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «السلطات الأمنية السورية، اعتقلت أول من أمس القيادي في حزب الشعب الديمقراطي والتجمع الوطني الديمقراطي، المعارض السوري البارز مازن عدي. وتوقع المرصد أن يكون توقيفه قد حدث «على خلفية تصريحاته الإعلامية»، وأشار إلى أن «مصير عدي لا يزال مجهولا».

ودان المرصد بشدة، في بيان أصدره، استمرار السلطات الأمنية السورية «ف يممارسة سياسة الاعتقال التعسفي على الرغم من رفع حالة الطوارئ»، مشددا على أن «الأجهزة الأمنية السورية نفذت خلال الأسابيع الماضية حملة اعتقالات واسعة، طالت الآلاف من المتظاهرين والمعارضين ونشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان، كان آخرها صباح أمس في حمص وبانياس حيث اعتقلت العشرات».

من جهة أخرى، أعلن المحامي خليل معتوق أن القضاء السوري قرر أمس إخلاء سبيل المخرج السينمائي فراس فياض، المعتقل منذ 30 أبريل (نيسان) بتهمة «التحريض على التظاهر»، على «أن تستمر محاكمته وهو طليق». وحددت المحكمة جلسة المحاكمة المقبلة في 19 يونيو (حزيران) المقبل. وكانت القوى الأمنية اعتقلت فياض من مقهى للإنترنت في 30 أبريل الماضي، بتهمة «التحريض على التظاهر وفضح ممارسات النظام». وفي سياق التحقيق في الأحداث الجارية، أصدر نائب رئيس مجلس القضاء الأعلى وزير العدل القاضي تيسير قلا عواد قرارا يقضي بتعديل أحد مواد القرار الخاص بتشكيل لجنة قضائية خاصة لإجراء تحقيقات فورية في «جميع القضايا التي أودت بحياة عدد من المواطنين المدنيين والعسكريين في محافظتي درعا واللاذقية» بحسب ما أفاد به بيان رسمي قال إن المادة عدلت لتصبح مهمة اللجنة «إجراء التحقيقات الفورية في جميع القضايا التي أودت بحياة عدد من المدنيين والعسكريين أو إصابتهم وجميع الجرائم الأخرى الناجمة عنها أو المرتبطة بها في المحافظات كافة وتلقي الشكاوى بهذا الخصوص». واعتبر القرار كلا من المحامي العام وقاضي التحقيق الأول وأقدم رئيس نيابة عامة في المحافظة بمثابة «لجنة فرعية تتبع لجنة التحقيق القضائية الخاصة وتباشر مهام هذه اللجنة في نطاق المحافظة وترفع نتائج أعمالها إلى اللجنة» إلى ذلك، قال بيان رسمي صادر عن وزارة الداخلية إن «عدد الذين سلموا أنفسهم من المتورطين ارتفع ليصل حتى تاريخه إلى 2684 شخصا في مختلف المحافظات تم الإفراج عنهم فورا بعد تعهدهم بعدم تكرار أي عمل يسيء إلى أمن الوطن والمواطن».

وتستمر السلطات السورية في سياستها في قمع الاحتجاجات بالقوة ومنع التظاهر مع قطع الاتصالات والكهرباء عن المناطق المحاصرة، وفي الأسبوع الأخير جرت عملية تعتيم إعلامي غير مسبوقة، حيث تم قطع خدمة «ثري جي» (الإنترنيت الفضائي) عن المشتركين في سوريا، بالتوازي مع تعطيل كثير من الصفحات والمواقع الإلكترونية، والتمكن من تعطيل خدمات تحميل الفيديو سواء القدرة على رفع مقاطع الفيديو من داخل سوريا، أو عرض مقاطع الفيديو المتوفرة على الإنترنت، في عملية شل شبه كاملة للقدرة على تدفق وتبادل المعلومات. كما لوحظ تعطل خدمة «الماسنجر» وكل برامج التواصل الاجتماعي.