مصدر: بحث إسقاط تهم الكسب غير المشروع عن مبارك وأسرته مقابل التنازل عن ممتلكاتهم

جدل حول الوضع القانوني والصحي والنفسي للرئيس السابق وزوجته مع استمرار احتجازهما في مستشفى شرم الشيخ

سوزان مبارك
TT

تساؤلات واحتمالات كثيرة تدور حاليا في الشارع المصري عما يمكن أن تشهده الأيام القادمة بشأن الرئيس المصري السابق حسني مبارك وزوجته سوزان ثابت، وتحديدا ما يخص حالتهما النفسية والصحية والقضايا المتهمين فيها وموقف القانون منها، خاصة بعد أن أوضحت مصادر رسمية أنهما أعلنا استعدادهما التنازل عن جميع الممتلكات والأموال الخاصة بهما لمصلحة الشعب مقابل العفو عنهما، وهو ما دعمته معلومات حول أن سوزان ثابت تنازلت بالفعل أمس الاثنين عن ممتلكاتها للدولة.

وفي حين قال موثق بمركز التوثيق النموذجي بمدينة الطور عاصمة محافظة جنوب سيناء يدعى محمد أحمد حامد لوكالة رويترز: «توجهت إلى مستشفى شرم الشيخ الدولي وحررت توكيلا موقعا من سوزان صالح ثابت إلى جهاز الكسب غير المشروع بالتصرف في ممتلكاتها لصالح الدولة». قال مصدر مسؤول إن الجهات المختصة تدرس حاليا في سرية تامة عرض الرئيس السابق وعائلته في ضوء القوانين المعمول بها في مصر في هذا الصدد.

وأضاف أن الجهاز سبق وحصل على موافقة كتابية من أسرة الرئيس السابق للكشف عن سرية حساباتهم المصرفية داخل مصر وخارجها، حيث اتخذت بالفعل خطوات إجرائية بهذا الصدد للكشف عن تلك الحسابات بواسطة اللجنة التي شكلها المجلس الأعلى للقوات المسلحة لاستعادة الأموال المهربة في الخارج من جانب آل مبارك وكبار المسؤولين السابقين، وبالتعاون مع إدارة التعاون الدولي بوزارة العدل ووزارة الداخلية وبعض السفارات المصرية بالخارج.

ومن جانب آخر، كشفت مصادر طبية في مستشفي شرم الشيخ الدولي أن الحالة النفسية لسوزان سيئة للغاية رغم تناولها الدواء بانتظام، وأنه تم تأجيل عملية القسطرة المقررة لها اليوم (الثلاثاء) لأجل غير مسمى، بسبب ارتفاع في ضغط الدم وإصابتها بحالة اضطراب عصبي شديدة وآلام في الصدر والقلب.

وقالت المصادر الطبية لـ«الشرق الأوسط» إنه بعد إجراء عملية القسطرة سيتحدد ما إن كانت حالة سوزان الصحية تحتاج للبقاء وقتا أطول في العناية المركزة في المستشفي أم نقلها إلى سجن القناطر بعد قرار حبسها احتياطيا 15 يوما، وأشارت ذات المصادر إلى أن حالة مبارك الصحية مستقرة نسبيا، لكن حالته النفسية غير مستقرة.

وشدد اختصاصيون على أهمية العامل النفسي في تعافي مبارك وزوجته، وأوضح الدكتور عبد الهادي مصباح، زميل الأكاديمية الأميركية للمناعة، أنه عندما يحدث انهيار للحالة النفسية يصاحبه انهيار لجهاز المناعة، وتحدث أعراض كارتفاع ضغط الدم والقلب نتيجة إفراز هرمونات الانفعالات، وهذا يكون مؤشرا لإعلان هزيمة الجهاز المناعي من خلال اليأس، والذي يولد هرمونات هدامة ويقلل من المواد المناعية المنوط بها الدفاع عن الجسم.

وبدورها قالت الدكتورة عزة كريم، مستشار علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية بالقاهرة، إن الوضع النفسي للرئيس السابق وزوجته تسوء، حيث كانوا قبل ثورة 25 يناير (كانون الثاني) التي أسقطت النظام المصري يشعرون بأنهم يملكون مصر، وبعد أيام قليلة وجدوا أن الوضع انقلب تماما وتحولوا من أصحاب بلد إلى متهمين يتم مساءلتهم، مشيرة إلى أن الرئيس السابق وزوجته لا يستوعبان فكرة محاكمتهما وتحديد إقامتهما حتى الآن.

وأضافت كريم لـ«الشرق الأوسط» أن «الرئيس السابق وزوجته يعيشان على حلم واحد يتمنونه صباحا ومساء هو أن تنجح فلول النظام السباق في محاولات القضاء على الثورة وإعادتهم مرة ثانية إلى ما كانوا عليه»، مضيفة أنه رغم أن هذا الأمل ضعيف لكنه هو السبب في مقاومتهم حتى الآن.

وأشارت كريم إلى أن بقاء مبارك وزوجته في مستشفي شرم الشيخ هو الأمل القريب الذي يريدون التمسك به، كاشفة عن أن مبارك وزوجته لا بد أن يكونا منهارين نفسيا، رافضة تسمية حالة مبارك وزوجته الصحية بالتمارض، بقولها: إن «الوضع الطبيعي أن الإنسان عندما يمرض نفسيا مقاومته الجسدية تضعف، ويصبح قابلا للتعرض للأمراض خاصة الأمراض الناتجة عن أمراض نفسية مثل ضغط الدم وأمراض القلب والمعدة، بالإضافة إلى أن قوة الجسد تضعف، ومرضهم ليس غريبا».

وعن سير التحقيقات مع مبارك وزوجته قال الدكتور محمد ميرغني أستاذ القانون العام بحقوق عين شمس: إن هناك حملة شديدة لـ«تمييع» محاكمة مبارك وزوجته، وذلك تعقيبا على إعلانهما التنازل عن ثروتيهما في مقابل الإفراج عنهما، واصفا هذا الأمر بـ«الخطير جدا» ولا يصلح مع ما فعلته هذه العائلة التي قال إنها قامت بجريمة سرقة كبيرة. وأضاف ميرغني أن مسألة حفظ قضية مبارك وزوجته بعد التنازل متروك للقضاء، والقضاء يصل في بعض القضايا إلى حلول لم ترد على ذهن أحد، لافتا إلى أنه في حالة تنازل مبارك وزوجته عن أي مبالغ تظهر في ذمتهم في أي وقت ومكان.

وأضاف صفوت جرجس مدير المركز المصري لحقوق الإنسان، أن مسألة التنازل التي عرضتها أسرة الرئيس السابق «جس نبض»، لكن لا بد أن يأخذ القانون مجراه الطبيعي، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: إنه «في حالة التنازل سوف يتم محاكمتهما، ولو أخذت التحقيقات طريقا آخر فسوف يقابل هذا بمظاهرات أكبر من مليونية، لأن الشعب لن يقبل أي بديل عن المحاكمة».

ورفض جرجس إصدار قرار بالعفو عن مبارك وزوجته، قائلا: «الشعب لن يعفو عنه خاصة بعد سماعه بهذه المليارات الخيالية التي يملكونها»، مستبعدا إجبار مبارك وزوجته على الذهاب للسجن لسوء حالتهما الصحية، واستبعد أيضا إصدار حكم سريع لمبارك خلال الفترة المقبلة.