اكتشاف مقبرة جماعية ومجازر مروعة في درعا.. وتوتر على الحدود اللبنانية

دمشق تطلب من بيروت تسليمها ثلاثة جنود فرو اليها.. ولبنان يوافق.. والمعارضة السورية تطالب بتدخل دولي * الأسد يلتقي وفدا من أهالي درعا

صورة نشرها موقع إلكتروني لجثث في مقبرة جماعية قال إنه تم العثور عليها في مدينة درعا السورية (أ ف ب)
TT

في تطور جديد شهدته الأحداث في سوريا أكد شهود عيان وناشطون حقوقيون اكتشاف مقبرة جماعية في مدينة درعا الجنوبية، ومجازر أخرى ارتكبت في المدينة التي تعتبر مهد الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الأسد التي انطلقت منذ أكثر من شهرين. فيما شهدت المنطقة الحدودية السورية اللبنانية توترا كبيرا، وفيما طالبت سوريا من الحكومة اللبنانية تسليمها 3 جنود فارين، حذر الجيش اللبناني من أي محاولة للإخلال بالأمن على الحدود في الشمال، بعد عمليات النزوح التي حصلت مؤخرا من منطقة تلكلخ السورية باتجاه منطقة وادي خالد اللبنانية والأحداث الأمنية التي رافقتها.

قال الناشط الحقوقي عمار القربي إن الأهالي في درعا اكتشفوا يوم أمس «وجود مقبرة جماعية في المنطقة» وإن السلطات السورية سارعت إلى «تطويق المكان ومنع الناس من أخذ الجثث بعد وعدهم بتسلم بعض منها». وأضاف قربي رئيس مجلس إدارة المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في بيان للمنظمة تسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منه أنه «بعد إعادة انتشار الفرقة الرابعة وعناصر الأمن في ريف درعا سمحت السلطات السورية لسكان المنطقة بالتجول لساعتين يوميا الأمر الذي أدى إلى هروب بعض السوريين من المنطقة وتواصل السكان مع بعضهم» وأنه «بعد عودة الاتصالات بصعوبة إلى المنطقة، استطاعت المنظمة الاتصال ببعض السكان في منطقة جاسم وأنخل لتقف على حقيقة مجزرتين مروعتين نفذتهما السلطات السورية بحق السكان هناك». كما تضمن البيان قائمة بأسماء 34 شهيدا قال إنهم «سقطوا خلال الخمسة أيام السابقة» وعبرت المنظمة عن تخوفها من «وجود عشرات آخرين ما زالت جثامينهم منتشرة في حقول القمح وبين الأشجار» وقالت «حتى الآن لم يستطع الأهالي الوصول إليهم بسبب التطويق الأمني للمنطقة وانتشار القناصة في المكان».

وحملت المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان السلطات السورية المسؤولية الكاملة عن «الجرائم المقترفة بحق الشعب السوري الأعزل»، وطالبت المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني في العالم بالضغط على السلطات السورية التي «لا تزال تمعن في استخدام أسلوب القمع الوحشي تجاه مواطنيها». كما حملت المنظمة السلطات السورية مسؤولية «دفع البلاد إلى مزيد من التصعيد والفوضى والدفع بالبلاد إلى الاحتقان الطائفي أو دفع الناس إلى حمل السلاح عبر الاستفزاز المستمر بأخذ النساء كرهائن وغيرها من العبارات التي تكتب على المساجد وجدران البيوت». معتبرة عدم «استماع السلطات إلى صوت العقل ووقف حمام الدم والإفراج عن آلاف المعتقلين يدل على أن الفساد والقمع هما أسلوب ممنهج تتبعه السلطات على نحو مرعب ومتواصل».

من جهة ثانية قال بيان رسمي سوري إن الرئيس بشار الأسد التقى ظهر أمس وفدا من أهالي محافظة درعا. وتناول الحديث «الأحداث التي شهدتها درعا والأجواء الإيجابية السائدة حاليا هناك نتيجة للتعاون بين الأهالي والجيش والخطوات الإصلاحية الجارية في البلاد وآفاقها».

وأعلنت وزارة العدل السورية يوم أمس عن «إمكانية تلقي لجنة التحقيق القضائية الخاصة جميع شكاوى المواطنين حول القضايا المتعلقة بالأفعال التي أودت بحياة المواطنين المدنيين أو العسكريين أو إصابتهم وجميع الجرائم الناجمة عنها أو المرتبطة بها». ونشرت الوزارة عنوان المقر لاستقبال الشكاوى مع أرقام هواتف وعنوان إلكتروني.

من جهة ثانية أكدت مصادر محلية توجه نحو 50 دبابة إلى بلدة مضايا (ريف دمشق) القريبة من مدينة الزبداني شمال غربي مدينة دمشق والقريبة من الحدود مع لبنان. وقالت المصادر إن الدبابات تمركزت في الساحة الرئيسية جانب عين الكوثر، وعبرت المصادر عن خشيتها من تكرار سيناريو تلكلخ في مضايا المحاصرة بقوات كبيرة من الجيش والأمن.

إلى ذلك قال نشطاء في حقوق الإنسان إن 15 دبابة سورية على الأقل دخلت منطقة ريفية قرب الحدود اللبنانية حيث ركزت قوات الأمن أحدث حملاتها ضد المظاهرات المطالبة بالديمقراطية. وقال النشطاء الذين كانوا على اتصال بالسكان إن الدبابات انتشرت حول بلدة قرب معبر جسر القمار الحدودي مع شمال لبنان. وقال شهود على الجانب اللبناني من الحدود لـ«رويترز» إنه كان بإمكانهم سماع دوي النيران طوال الليل.

وفيما طالبت سوريا من الحكومة اللبنانية تسليمها 3 جنود فارين أكدت مصادر لبنانية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس اللبناني، ميشال سليمان، أوعز بالموافقة على تسليم الجنود الثلاثة.

وقالت المصادر إن قيادة الجيش اللبناني استمزجت رأي الرئاسة في هذا الموضوع، فكان الجواب بالإيجاب. وقد أثارت الخطوة اللبنانية حفيظة المعارضة السورية، التي بعثت برسائل إلى مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان ومنظمات دولية وحقوقية للضغط على السلطات اللبنانية لمنع تسليم هؤلاء، محملين الرئيس اللبناني شخصيا مسؤولية ما قد يصيب هؤلاء. وكانت قيادة الجيش اللبناني أعلنت أمس عن تعزيز وحداتها شمالا. وأصدرت بيانا قالت فيه إنه «نتيجة الإشكالات الأمنية التي حصلت خلال الآونة الأخيرة على الحدود اللبنانية - السورية في منطقة الشمال، عززت وحدات الجيش انتشارها الميداني على امتداد هذه الحدود، كما أقامت نقاط تفتيش ثابتة ومتحركة، وسيرت دوريات مكثفة لمنع أعمال التسلل بالاتجاهين».

وحذرت قيادة الجيش «من أي محاولة للإخلال باستقرار هذه المنطقة وتعريض حياة المواطنين على جانبي الحدود للخطر»، مؤكدة «أنها ستتخذ أقصى الإجراءات القانونية بحق المخالفين».

من جهة أخرى أصدرت أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا بيانا أعلنت فيه عن مبادرة لحل الأزمة التي تشهدها البلاد منذ منتصف مارس (آذار) داعية إلى «حوار وطني شامل وجاد» بين مجمل المكونات الوطنية. واعتبر البيان أن «النهوض الجماهيري السلمي الذي بدأ في سوريا.. هو حراك وطني جماهيري واسع يدعو إلى إحداث تغيير ديمقراطي سلمي وتحقيق إصلاحات جوهرية على كافة الصعد». وأضاف البيان أن هذا الحراك يهدف إلى «إنهاء حالة الاستبداد وحكم الحزب الواحد وإنهاء احتكار السلطة وبناء الدولة المدنية الحديثة التي تكفل العدل والمساواة في الحقوق والواجبات، وتحقيق الشراكة الحقيقية لكل المواطنين في إدارة شؤون البلاد». ورأت الأحزاب ضرورة «تجنب اللجوء إلى استخدام العنف والقتل تحت أي ذريعة كانت والسماح للاحتجاجات السلمية بالتعبير عن نفسها وتطبيق المرسوم الرئاسي القاضي برفع حالة الطوارئ والأحكام العرفية». كما دعت إلى «السماح للتيارات السياسية والأحزاب التي تمثل شرائح المجتمع بمزاولة أنشطتها الديمقراطية علنا وإلغاء كافة السياسات التمييزية المطبقة بحق الشعب الكردي».

كما نادت بتوجيه «الدعوة لعقد مؤتمر وطني شامل دون هيمنة أي جهة كانت» يهدف إلى «إقرار صيغة مشروع دستور جديد يلغي الامتياز لأي جهة سواء كان حزبا أو قومية ويتضمن الاعتراف بالتعددية القومية والسياسية واللغوية ويطرح هذا الدستور على الاستفتاء العام». كما طالبت «بإقرار قانون جديد للانتخابات المحلية والتشريعية! وآخر لتنظيم عمل الأحزاب السياسية يراعي خصوصيات المجتمع السوري ومكوناته وإطلاق حرية الإعلام والصحافة واستقلالية القضاء وتعزيز دوره وحل القضية القومية للشعب الكردي حلا ديمقراطيا عادلا في إطار وحدة البلاد».

وفي سوريا حاليا 12 حزبا كرديا وهي محظورة وكلها علمانية. وحزب ياكيتي الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا وحزب يزيدي الكردي والاتحاد الديموقراطي (القريب من حزب العمال الكردستاني) هي بين الأحزاب الأكثر نفوذا.