مصر: المشير طنطاوي قائد الجيش يظهر أخيرا في احتفال للشرطة

اتسمت إطلالته الأولى بالهدوء والرزانة والبساطة وأكد تمسك الدولة بالقانون

المشير حسين طنطاوي (إ.ب.أ)
TT

في أول كلمة مذاعة له عقب الثورة المصرية، أكد المشير حسين طنطاوي، القائد العام للقوات المسلحة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أن الجيش ورجال الشرطة والقضاء هم درع الوطن وحصن شعبه المنيع، الذي يعتز رجاله بشرف الانتماء إليه وإلى شعب مصر العظيم، الذي وقف دائما يساندهم ويؤازرهم ويدعم دورهم في خدمة مصر والمصريين.

وفي كلمته المسجلة خلال تخريج دفعة استثنائية من أكاديمية الشرطة، والتي استغرقت نحو 20 دقيقة وتم بثها على القنوات المصرية مساء الاثنين، قال المشير طنطاوي: «عندما قامت الثورة، تم تكليفنا بالنزول ومساعدة الشرطة.. ولقد اجتمعنا حينذاك واستطلعنا آراء أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فكان الأمر المشرف هو الإجماع على عدم فتح النيران على الشعب».

واستعرض طنطاوي التداعيات والسلبيات التي حدثت نتيجة الفراغ الأمني، ونجاح عناصر الشرطة في تخطي هذه المرحلة بالتعاون مع القوات المسلحة وعودتها بكفاءة في وقت قياسي. وأشار إلى تأثر الاقتصاد المصري بهذه الأحداث بسبب الإضرابات والاحتجاجات الفئوية والاعتصامات، وتأثيرها السلبي على حركة السياحة وتدفق الاستثمارات إلى مصر.

وناشد طنطاوي الشعب مواصلة العمل ودفع عجلة الإنتاج، وأكد أنه لا تهاون مع كل من يحاول النيل من وحدة الشعب والوقيعة بين مسلميه ومسيحييه. وطالب وسائل الإعلام بتحمل مسؤولياتها الوطنية، كما وجه التحية للحكومة على ما تبذله من جهد لخدمة الوطن وتحقيق مصالح الشعب.

وفي تحليله للكلمة من حيث مكنونها الإعلامي، أكد الدكتور سامي عبد العزيز، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة، أن الكلمة جاءت معبرة ومباشرة ونجحت في الوصول إلى مغزاها، وبخاصة أنها واكبت الأحداث الجارية.

وقال عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»: «الكلمة اتسمت بالهدوء والرزانة في نغمة الصوت المستخدمة، والتي تليق بمقام الجيش.. وهو ما انعكس على بناء الشعور بالسيطرة على الأمور والطمأنينة. كما ركزت الكلمة على الأولويات الضاغطة، مثل الأمن والانضباط والالتزام. وأيضا أكدت الكلمة على مفهوم تمسك الدولة بالقانون، وهو ما يلبي مطلب الرأي العام، الذي يصرخ شاكيا من غياب الشعور بالأمان الكامل وخشية تطبيق الأحكام العرفية.. إضافة إلى ترسيخ مبدأ حرص الجيش على إقامة الدولة المدنية».

وأضاف عبد العزيز: «عكست الكلمة أيضا وعي ودراية المجلس بالوضع الاقتصادي للبلاد بصورة مفصلة، وخطورة تردي تلك الأوضاع على مستقبل البلاد»، مشيرا إلى أن ارتجال المشير لكلمته هو شيء جديد إلى حد بعيد على المتلقي المصري، والذي اعتاد على سماع خطب مكتوبة ومنمقة، مما أدى إلى رفع درجة المصداقية لدى المتلقي الذي شعر بالبساطة والمباشرة والصدق.

ومن حيث التوقيت، يرى عبد العزيز أن المناسبة التي قيلت فيها الكلمة هي مناسبة عامة واحتفالية تتعلق بالأمن، مما يشعر المواطنين بأنها غير مرتبة مسبقا أو مفتعلة، وهو نوع من الذكاء في العرض. أما كونها كلمة مسجلة، فأشار عبد العزيز إلى أن ذلك ربما قصد به أن تكون الكلمة مختصرة ومركزة ومباشرة قدر الإمكان.

ولا يتصور عبد العزيز أن يكون هناك ثمة رابط بين توقيت الكلمة وبين طرح الكاتب المصري محمد حسنين هيكل تسمية المشير حسين طنطاوي رئيسا للجمهورية منذ أيام قلائل، ولكنه يرى أن الأحداث هي التي فرضت نفسها في هذا التوقيت.

وكان هيكل قد أشار، في حديث مطول مع صحيفة «الأهرام» إلى أنه يمكن تسمية المشير رئيسا للدولة خلال الفترة الانتقالية، في حال اختيار أن تكون رئاسة الدولة عبر مجلس رئاسي، مع ضم عضوين آخرين إلى المجلس.

لكن الكاتب سليمان جودة، رئيس تحرير صحيفة «الوفد» استنكر ذلك الطرح في مقالين متتاليين بصحيفة «المصري اليوم».. متمنيا لو أن هيكل قد التزم الصمت تماما، مشيرا إلى أن اعتراضه ليس على المشير بشخصيته الوطنية، ولكن الاعتراض على أن هيكل أراد من خلال دعوته أن يعاود ممارسة لعبته القديمة كـ«صانع ملوك» مع عبد الناصر، وهى اللعبة التي فشل في ممارستها مع السادات فأخرجه بعدها من الساحة.