حراك أميركي ـ إيراني في لبنان يثبّت الفراغ الحكومي.. بانتظار التطورات في سوريا

مصدر في حزب الله لـ «الشرق الأوسط» : شيباني جاء مطمئنا وفيلتمان حمل رسالة بأن «الحكومة يجب ألا ترى النور»

مهجرون سوريون يتلقون المساعدات من منظمة إنسانية تركية في وادي خالد شمال لبنان أمس (أ ب)
TT

أنهى مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان ونائب وزير الخارجية الإيرانية لشؤون الشرق الأوسط محمد رضا شيباني زيارتين متزامنتين لهما إلى لبنان جالا خلالهما على المسؤولين اللبنانيين، ليجدّد الأول الموقف الأميركي الواضح لجهة أن العلاقة مع الحكومة اللبنانية ستقيَّم على أساس بيانها الوزاري وتركيبتها، وليؤكد الثاني على المبادئ الإيرانية لجهة الوقوف إلى جانب المقاومة والحكومة.

وفي هذا السياق، قالت مصادر نيابية في حزب الله إن «فيلتمان أتى حاملا رسالة أميركية لرئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي مفادها أن الحكومة اللبنانية يجب ألا ترى النور»، مجددا تعداد «الشروط التعجيزية الأميركية وعلى رأسها ضرورة أن يتضمن البيان الوزاري العتيد إشارة واضحة لالتزام لبنان بما يصدر عن المحكمة الدولية».

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «الأميركي يستغل ما يحصل في الشرق الأوسط وبالتحديد في سوريا علما منه أن سوريا غير قادرة اليوم على الدفع باتجاه تشكيل الحكومة اللبنانية لأنّها منشغلة بوضعها الداخلي وبالتالي هو يستخدم وكما فعل دائما الورقة اللبنانية كورقة للمفاوضات وللضغط على دمشق».

وعن مدى قبول سليمان وميقاتي «للضغوط الأميركية» التي يتحدث عنها، قالت المصادر: «الرئيس سليمان لديه تماهى مع الطروحات الأميركية من منطلق حرصه على إعادة وصل ما انقطع مع فريق 14 آذار وسعيه لإدخاله من جديد في حكومة وحدة وطنية، أما الرئيس ميقاتي فهو حذر في التعاطي مع ما يُطرح علما أنّه بات لديه قناعة أن فريق 14 آذار يرفض المشاركة بأي حكومة من النوع الذي يطرحه سليمان».

ولفتت المصادر إلى أن «فيلتمان جاء كذلك ليسمع جديد المعلومات حول الوضع السوري الداخلي». وأضافت: «لطالما لعب السوري دور مسهّل في عملية التشكيل ولكن اليوم وبما أن الخطوط مقطوعة بينه وبين حلفائه في لبنان وبالتحديد على المحاور الثلاثة الرئيسية 8 آذار، ميقاتي وسليمان، فإن الأمور ستبقى تراوح مكانها حتى تبلور الصورة السورية الداخلية».

وعن زيارة شيباني قالت المصادر: «الزيارة الإيرانية زيارة للاطمئنان على الوضع اللبناني وعلى العلاقة اللبنانية - السورية خاصة أن السيد شيباني كان سفير إيران لدى لبنان. وهو كذلك أتى ليسمع مستجدات الوضع السوري وانعكاسه لبنانيا».

وفي إطار متصل، ردّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري على سبب عدم استقباله مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان، فقال: «جدول المواعيد كان مثقلا بين بيروت والجنوب، ووجودي في الجنوب يجعلني أرى صورة المشهد أنقى، كما أن معظم المسؤولين الذين التقى بهم فيلتمان نثق بهم». علما أن الرئيس بري كان قد استقبل في اليوم نفسه من طلب فيلتمان لموعد معه، معاون وزير الخارجية الإيراني محمد رضا شيباني مما شكّل رسالة واضحة الشكل والمضمون.

وفيما اقتصرت زيارات فيلتمان على عدد محدد من المسؤولين، جال شيباني على معظم القيادات السياسية والروحية كما التقى أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله. هذا وأمل شيباني بعد لقائه رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي نجاحه في تشكيل الحكومة والسعي بعدها «للتطبيق الفعلي والعملي» للاتفاقات الموقعة بين إيران ولبنان، مجددا «الموقف المبدئي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في مجال وقوفها إلى جانب لبنان والشعب اللبناني والمقاومة اللبنانية الباسلة وأيضا إلى جانب الحكومة اللبنانية».

بدوره، أكد ميقاتي على «أهمية العلاقات بين لبنان وإيران، وضرورة العمل على تطويرها في المجالات كافة، وتنفيذ الاتفاقات الموقعة بين البلدين خصوصا في مجالات التنمية الاقتصادية».

وفي مأدبة أقيمت على شرفه في السفارة الإيرانية في بيروت، اعتبر شيباني أن «العالم الإسلامي والعربي يشهد حياة جديدة وانطلاقة جديدة في ظل الصحوة الإسلامية والإنسانية والثورات الشعبيّة ضد الأنظمة الديكتاتورية والفاسدة». ورأى أن «هذه الثورات تبشر بشرق أوسط جديد خال من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وحلفائهما الإقليميين، أولئك الذين فرضوا على لبنان وشعبه الأبي في صيف عام 2006 حربا ظالمة وغير متكافئة».

وقال: «الثورات الشعبية الأصيلة انطلقت بالضبط من البلدان التي كانت تعتبر قبل الآن جزءا من الأمن القومي الإسرائيلي وجزءا من التحالف الاستراتيجي الغربي والأميركي خصوصا، وكانت شريكة في الجريمة التي ارتكبتها واشنطن وتل أبيب في فرض حربي الـ33 يوما و22 يوما على لبنان وغزة، كما كانت تلك البلدان تعتبر من دعائم السياسة الاستراتيجية والأمنية الأميركية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا». وتابع قائلا: «لا شك أن هناك توازنا جديدا للقوى ينشأ ويتبلور في المنطقة وفي النظام الدولي، وأن الخسائر الكبيرة التي لحقت بالولايات المتحدة والكيان الصهيوني وحلفائهما حتى هذه اللحظة هي خسائر حتمية وغير قابلة للتعويض، وما يركز عليه المحور المذكور الآن هو العمل على الحيلولة دون حصول مزيد من الخسائر والسيطرة على الأوضاع وشراء الوقت لاستيعاب الصدمة الروحية والنفسية وفهم الظروف المستجدة».