السوريون يكبرون ليلا من أسطح المنازل والشرفات.. عشية مظاهرات الجمعة

يبتكرون وسائل للهرب من رقابة أجهزة الأمن

رجل يرمي الحجارة على رجال الأمن في مظاهرة في مدينة بانياس أمس، في صورة أخذت على الهاتف الجوال (أ.ف.ب)
TT

بعد منتصف ليل الخميس وتمهيدا لجمعة «حماة الديار»، صدحت حناجر السوريين في الكثير من المدن السورية بأصوات التكبير «الله أكبر - لله الحمد»، بحسب ما أكد ناشطون أمس، فيما يذكر بما اعتمده الإيرانيون أيام الثورة الإسلامية ومؤخرا أيام مظاهرات الحركة الخضراء.

وفي تحد واضح لأجهزة الأمن التي تمارس قمعا شرسا ضد المتظاهرين في الشوارع، اختار السوريون أن يعبروا عن مطالبهم بالتكبير والهتاف من شرفات ونوافذ منازلهم، الأمر الذي أربك أجهزة الأمن وتركها في حيرة، أمام أصوات تخرج من كل مكان دون التمكن من تحديد مصدرها، فقامت بإطلاق النار في الهواء بشكل عشوائي وسيرت دوريات في الكثير من الأحياء.

وأكد ناشطون أن الهدف من هذه الخطوة التي تم تنسيقها لتبدأ في ساعة واحدة وفي جميع المدن السورية، التهيئة ليوم الجمعة الذي أصبح السوريون يخرجون فيه كل أسبوع ليعبروا عن مطالبهم بالحرية، ومن جانب آخر للتعبير عن الشريحة الواسعة من الشعب السوري التي تريد الحرية وترغب بالمشاركة في المظاهرات، لكنها تخشى من بطش أجهزة الأمن وشراستها.

فجاءت هذه الخطوة لتمكنهم من التعبير عن آرائهم دون أن يتعرضوا للخطر.

ويضيف الناشطون أن أكثر المدن استجابة لهذه الخطوة كانت درعا وحمص وحماة واللاذقية وريف دمشق. وأشار مراقبون إلى أن المتظاهرين في سوريا ونتيجة القمع الممنهج الذي يمارس ضدهم، يسعون إلى ابتكار أساليب تمكنهم من التعبير عن مطالبهم والتحايل على حالة الحصار التي يفرضها الأمن السوري في جميع المحافظات. فقد عمد بعض المتظاهرين في ريف درعا بعد حظر التجول التي فرضها الأمن إلى اعتلاء سطوح منازلهم والهتاف ضد النظام، فيما قام آخرون بالهتاف من مداخل الأبنية.

ورغم أن الدعوات إلى التظاهر وتحديد أماكن التجمع بعد الصلاة تجري عبر الإنترنت، فإن بعضها يكون مزيفا لتضليل أجهزة الأمن وخداعها. حيث يعمد الناشطون إلى الترويج لموعد محدد ومكان معروف ليتجمعوا لاحقا في وقت آخر ومكان مختلف.

ويلحظ أحد المحللين أن هذه الأساليب التي يبتدعها المتظاهرون في سوريا خلقت للثورة السورية خصوصيتها ورموزها، فحتى الشعارات، كما يقول، يتم ابتكارها كرد على روايات النظام وفبركاته. ويقول: «هنالك رموز مضادة تم تأسيسها في الشهرين الماضيين، تواجه رموز النظام وشعاراته، فشعار (الله سوريا حرية وبس) جاء ردا على شعار (الله سوريا بشار وبس) كاستعادة لفكرة الوطن من الشخص وجعلها ملك الجميع بما تعنيه الحرية من مشاركة لجميع الناس، أما شعار (خائن يلي بيقتل شعبه) جاء ردا على تخوين المتظاهرين من قبل إعلام النظام واتهامه لهم بالعمالة للخارج، فأعاد تعريف فكرة الخيانة بأنها قتل لأبناء الشعب لأنهم يطالبون بحريتهم».

وعن المعنى الديني الذي تستبطنه فكرة التكبير من شرفات المنازل، قال: «معظم الخطوات والأفكار والشعارات التي يطرحها منظمو الثورة السورية على الإنترنت وكذلك الذين يتفاعلون معهم على الأرض، تحمل طاقة استيعابية تحتضن جميع الشرائح والأديان والطوائف الموجودة في سوريا، حيث عمد المنظمون إلى تسمية إحدى الجمع (الجمعة العظيمة) التي كانت تتلازم في وقتها مع مناسبة دينية عند المسيحيين، كما أطلقوا على جمعة أخرى (آزادي) أي الحرية باللغة الكردية في إشارة إلى مكون مهم من مكونات الشعب السوري. إضافة إلى (جمعة الحرائر) التي كانت تحية لنساء سوريا اللواتي تعرضن للقتل والتنكيل على يد شبيحة النظام. أما بخصوص التكبير الذي استخدم في ليلة أول من أمس فهو كجزء من ثقافة أكثرية السوريين الذين ينتمون بمعظمهم إلى الدين الإسلامي، وهو لا يعبر عن معنى ديني بقدر ما يعبر عن احتجاج ورفض للممارسات المعتمدة من قبل النظام».