الشيخ يخضع لاستنطاق على التلفزيون السوري.. لـ «يعترف» بأنه أخطأ

بعد قتل أحد أبنائه وأنباء عن تهديده بولديه الآخرين وتحذيرات من ناشطين بأن سيناريو يتم تحضيره

الشيخ الصياصنة في لقطة من مقابلته ليل أول من أمس على التلفزيون الرسمي السوري
TT

رغم اتهامات النظام السوري للشيخ أحمد الصياصنة إمام الجامع العمري الذي انطلقت منه الاحتجاجات في سوريا بأنه يسعى لإعلان إمارة سلفية في درعا وبأنه كان يوزع السلاح على المتظاهرين، ظهر مساء أول من أمس الخميس في حوار على التلفزيون السوري، وتم تعريفه بخطيب ومدرس «الجامع العمري» وأنه قام بتسليم نفسه للسلطات «مستفيدا من المهلة التي حددتها وزارة الداخلية»، وليقول «إنه أدرك متأخرا أن هناك مؤامرة ودعوات لسفك الدماء في سوريا، وإن ما أدلى به من تصريحات لقنوات خارجية جاء قبل علمه بوجود السلاح والمسلحين وعندما تحرى الأمر تغير الموقف وهو أخطأ كما أنه شجب دعوات التحريض على الفتنة وترويع الآمنين».. وإن «الذين استمروا في التظاهر مخربون وهدفهم إيصال البلاد إلى المجهول وهم مرتبطون بأجندة خارجية تعمل وتخطط لتخريب البلاد».

وكان ناشطون في صفحات تدعم «الثورة السورية» حذروا قبل نحو أسبوع من سيناريو يجري تحضيره في أروقة الأجهزة الأمنية لدفع الشيخ الصياصنة إلى تسليم نفسه وذلك بعد اعتقال شخصين من أقربائه وتهديد حياتهما إذا لم يسلم الصياصنة نفسه، وكذلك تهديد حياة أبنائه خاصة أن الشيخ فقد ابنه أسامة الذي أطلق الأمن النار عليه لرفضه الإفصاح عن مكان وجود والده وذلك خلال حصار درعا الشهر الماضي وضربها بالمدفعيات. وقال الناشط إن الشيخ أحمد سيسلم نفسه ليجنب المعتقلين التعذيب أو القتل. ولا يستبعد أن يظهر على التلفزيون ليقول ما يريدون.

وكان واضحا خلال المقابلة توتر الشيخ أحمد الصياصنة، ظهر في حركات عصبية تارة باليدين على الطاولة وأخرى بوضع سبابته على عينه تحت النظارة، والحرص على تغطية وجهه من جانب المذيع الذي جلس وكأنه محقق ينتزع الإجابات من فم الشيخ انتزاعا، وبعض الأسئلة ضمنها الإجابة التي لا تنتظر من الشيخ سوى التأكيد. والطريف أن هذا المذيع علاء الدين الأيوبي اشتهر في سوريا ببرنامج «الشرطة في خدمة الشعب»، وكان يجري فيها مقابلات مع سجناء جنائيين ويأخذ منهم إقرارا بالندم على ما اقترفته أيديهم بجملة شهيرة كانت مثار تندر في العديد من الأعمال الكوميدية التلفزيونية «ندمان يا سيدي» وجملة أخرى ردا على سؤال اعتيادي كان يوجهه الأيوبي للسارقين أين صرفت المال الذي سرقته؟ فيجيب «على ملذاتي الشخصية سيدي».

الناشطون وبعدما شاهدوا مقابلة الشيخ أحمد الصياصنة مع علاء الدين الأيوبي استحضروا تندرا برنامج «الشرطة في خدمة الشعب»، ولكن وبشكل جاد حذروا من تصديق ما جاء فيه، وتساءلوا كيف يصف التلفزيون السوري الشيخ الصياصنة بالشيخ المحترم ويجري معه حوارا، وسبق وأن وجه له اتهاما بإقامة إمارة سلفية، حيث أورد اعترافات لمعتقلين من بانياس جاء فيها أن الصياصنة يقوم بتغذية الأعمال الإرهابية. وبمتابعة المقابلة في التلفزيون السوري التي بثت يوم أول من أمس الخميس فقد بدا واضحا أن الإجابات تم تحضيرها بشكل مسبق، وعندما كانت لا تظهر في ردود الشيخ يقوم المذيع بالتركيز عليها واستنطاق الشيخ حولها. فمثلا لدى سؤاله عن تلقيه اتصالا من شخص اسمه محمد سرور زين العابدين يعيش في الخارج، بدا المذيع وكأنه يقرأ المعلومات من محضر تحقيق تستهدف الوصول إلى إجابات بعينها وليس من قائمة بأسئلة أعدها إعلامي لكشف حقائق جديدة. أما ردود الصياصنة فكانت تتجه نحو التعميم وإجابات تحتمل أكثر من تفسير. حيث قال إنه لا يعرف هذا الشخص من قبل «والاتصال الأول كان من لندن أما الثاني فكان من الرياض» وإن الاتصال الأول قال له «نحن متألمون لكم وحزينون ونتمنى أن نكون إلى جانبكم وكثيرون سيتركون أعمالهم وسيذهبون إلى سوريا ليشاركوا».

والنقل حرفي لأسئلة المذيع التي أهملها خبر «سانا» وإجابات الشيخ، يبرر شكوك الناشطين في مصداقية هذه المقابلة الملتبسة. ونقتطف من المقابلة النص الحرفي التالي:

* المذيع: الشيخ أحمد.. في تصاريح على الفضائيات نفيت وجود مسلحين في درعا وحملت السلطات الأمنية ما يجري في درعا واتهمت الإعلام السوري في درعا؟

- الصياصنة: لقد حدث هذا، قلت هذا الكلام قبل أن يكون لدي علم أن هناك سلاحا ومسلحين ولكن حين تبينت الأمر تغير الموقف.

* المذيع: وضعت الحق على الدولة قبل أن تتبين أن هناك عناصر مسلحة وجماعات مسلحة تعيث فسادا في المحافظات؟

- الصياصنة: نعم قبل أن أتبين.

* المذيع: قلت لإذاعة «مونتي كارلو» إن الحرية تأخذ ولا تعطى وتحتاج إلى «تعب ودم» - شدد المذيع على الكلمتين الأخيرتين قبل أن يسأل - ألا تعتبر هذا تحريضا؟

- الصياصنة: ما كان في نيتي التحريض كنت منزعجا ومنفعلا والإنسان خطاء. كلكم خطاء.

* المذيع: وأنت لا تؤمن بأن يكون هناك سلاح يتقاتل به أبناء الأسرة الواحدة في سوريا؟

- الصياصنة: أنا قلت وسأقول الاقتتال خيانة وقتال العدو شرف نحن أبناء البلد الواحد لا يجوز لنا الاقتتال وهذا الاقتتال فتنة والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.

* المذيع: هل اتصل بك الشيخ يوسف القرضاوي؟

الصياصنة: لا.. لم يتصل قال لي محمد سرور زين العابدين إنه سيتصل بعد قليل ولكن لم يتصل.

* المذيع: ألم يكن هناك فلتان أمني؟

- الصياصنة: نعم كان هناك فلتان أمني، وكان هناك أجندة خارجية تعمل وتخطط لتخريب البلد ونحن نسأل الله تعالى أن يجنبنا مزالق السوء.

* المذيع: الفلتان الأمني كان مقدمة لشيء آخر ما هو؟

- الصياصنة: تخريب البلد.

* المذيع: تخريب البلد.. إذن استدعى ذلك ماذا؟

- الصياصنة: دخول الجيش لحماية الناس والبلد من هذه الفتنة التي تعصف بالبلد وكان رسول الله يقول كل يوم صباح ومساء: «اللهم إني أعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن».

* المذيع: أريد منك توضيح معلومات وردت إليك عن قيام أحد الأشخاص بإطلاق النار على الجيش من بندقية كلاشينكوف روسية؟

- الصياصنة: أحدهم اتصل وقال إن أحدهم يقف عند الكرك ويطلق النار على الجيش قلت له لماذا تقول لي ذلك قال اذهب واصعد إلى السطح لترى قلت له لا أصعد ولا أنزل إن أخبرتني أو لم تخبرني إن هذا لا يغير في الأمر شيئا وأنا لا علاقة لي بهذا أنا ضد العنف.

* المذيع: يعني هناك من أفاد لك أن هنالك شخصا يطلق النار عند منطقة دار المسالمة على الجيش؟ (اللافت هنا أن الشيخ أحمد لم يأت على ذكر منطقة المسالمة وإنما الكرك).

- الصياصنة: نعم.

* المذيع: يعني تبين لك أن هنالك أشخاصا يحملون السلاح ويطلقون النار.. تبين لك ذلك؟

- الصياصنة: نعم تبين عبر الاتصال الذي ورد.

* المذيع: شيخ أحمد.. شهود عيان - بين قوسين - خرجوا على المحطات الفضائية التي انضوت ضمن هذه المؤامرة وقالوا هنالك قصف من الجيش هنالك حصار غذائي هنالك تضييق على الناس ماذا تقول؟

- الصياصنة: الشهادات مبالغ فيها، وهذا مخالف لقول الرسول «إذا رأيت كالشمس فاشهد وإلا فدع» فالإنسان إذا أراد أن يشهد أو يتكلم فليكن كلامه موثقا وصحيحا ومبنيا على أسس، بالنسبة للقصف لم يكن هناك قصف إنما كان هناك إطلاق نار بين المسلحين وأفراد الجيش والأمن وبالنسبة للمواد الغذائية كانت موجودة ولم يكن هناك نقص ولم يكن هناك حصار كما يقولون والحمد لله مضت الأزمة بخير ونسأل الله سبحانه تعالى أن يقي هذا البلد مزالق السوء.

* المذيع: الشيخ أحمد.. بعد الذي جرى ماذا نقول عن هذه الفتنة وهذه المؤامرة وماذا نقول لشبابنا؟

- الصياصنة: إنها فتنة و«الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها» هكذا قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، والرسول كان يستعيذ من الفتن ما ظهر منها وما بطن ولذلك نحن ضد الفتنة لأنها لا تخدم البلد ولا تخدم أحدا وإنما هي تخدم العدو الإسرائيلي وأميركا وهذا العدو يتربص بنا ويريد أن يقضي علينا وعلى وجودنا ويريد أن يضعفنا ويقسمنا ويجزئنا وهذا أمر لا نرضاه أبدا وأقول لشبابنا تعقلوا وكونوا منطقيين وحضاريين واتقوا الله في هذا البلد وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق سوريا وأن يبارك في شعبها وأن يسدد خطاها وأن يعيد شبابها إلى حظيرة الحق والعدل والرشاد.