السودان يطلب سحب القوات الدولية.. والأمم المتحدة: القرار بيد مجلس الأمن

جوبا تتهم الجيش السوداني بارتكاب جرائم حرب في أبيي... والخرطوم تنفي

مسلحان بلباس عسكري يمران أمام حرائق التهمت البيوت والمحلات التجارية وسط أبيي أول من أمس (أ ب)
TT

طالبت الحكومة السودانية رسميا الأمم بإجلاء قوات حفظ السلام الدولية من شمال السودان، فيما رفضت المنظمة الدولية الطلب واعتبرت أن قرار بقاء أو سحب القوات أمر يخص مجلس الأمن الدولي وحده، في وقت تتجه فيه المنظمة نحو نشر قوات في الجنوب وفق الفصل السابع الذي يخول استخدام القوة المسلحة لحماية المدنيين.

ودخلت الأمم المتحدة والحكومة السودانية في جدل جديد حول مصير 10 ألف من القوات الدولية تم نشرهم في السودان بعد اتفاق سلام شامل مع الجنوب في عام 2005 لحفظ السلام، وأعاد الجدل للذاكرة توترا سابقا بين الخرطوم والمجتمع الدولي حول قوات لحفظ السلام في إقليم دارفور المضطرب، وكشف الناطق باسم الخارجية السودانية خالد موسى في تصريحات صحافية إن الخرطوم أبلغت الأمم المتحدة رسميا بإنهاء وجود بعثة الأمم المتحدة (يونيميس) في السودان في 9 يوليو (تموز) المقبل. وقال خالد: «وزير الخارجية علي كرتي بعث بخطاب إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يخطره فيه رسميا بقرار حكومة السودان بإنهاء وجود بعثة الأمم المتحدة بالسودان (يونيميس) في التاسع من يوليو؛ نهاية الفترة الانتقالية لاتفاقية السلام الشامل»، وأضاف موسي أن «الخطاب عبر عن تقدير حكومة السودان للجهود التي بذلتها البعثة الأممية للمساعدة في إنفاذ اتفاقية السلام الشامل، اتساقا مع قرار مجلس الأمن الرقم 1590 لعام 2005، وكذلك الاتفاقية الموقعة بين حكومة السودان والأمم المتحدة حول طبيعة عمل البعثة»، لكن متحدثة باسم الأمم المتحدة أكدت أن «قرار ما إذا كانت بعثة المنظمة الدولية ستستمر في السودان بعد انفصال الجنوب، في يد مجلس الأمن الدولي وليس في يد الحكومة السودانية». وقالت هوا جيانغ المتحدثة باسم الأمم المتحدة لـ«رويترز»: «موقفنا بسيط وواضح. إنها مسألة يتعامل معها مجلس الأمن الدولي.. تستطيع الحكومة (الشمالية) التعبير عن رغباتها، وفي نهاية المطاف قرار الرحيل أو البقاء متروك لمجلس الأمن». ويأتي الشد والجذب بعد مقترح للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لمجلس الأمن يقضى بنشر 7 آلاف من القوات الدولية لحفظ السلام بعد اشتعال الأوضاع في منطقة أبيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب واحتلال الجيش السوداني للمنطقة الغنية بالنفط. ويرى مراقبون أن مجلس الأمن سوف يناقش نشر قوات دولية وفق الفصل السابع باستخدام القوة لحماية المدنيين ولحماية الأمن والسلام الدوليين، وذلك بنشر قوات داخل أبيي، مما يعد مواجهة محتملة مع الخرطوم. وفي السياق ذاته، أظهرت صور جديدة التقطتها أقمار صناعية في منطقة أبيي أدلة على ارتكاب جرائم حرب، حسب ما أوردت مجموعة مراقبة أمس.

وقالت مجموعة «ساتلايت سنتينال بروجيكت» التي حصلت على الصور وقامت بتحليلها، إن تلك الصور تظهر «تدميرا واسعا ومتعمدا واستيلاء على ممتلكات دون تبرير وجود ضرورة عسكرية لذلك». وتظهر مجموعة الصور الحديثة لأول مرة حجم الدمار. وقالت المجموعة إن ثلث المنازل والمباني المدنية في مدينة أبيي دمرت تماما، كما تم تفجير جسر رئيسي يصل أبيي بالجنوب، وأضافت الجماعة التي أسسها نجم هوليوود وناشط حقوق الإنسان جورج كلوني العام الماضي إن ذلك سيصعب على عشرات الآلاف من المشردين العودة إلى المنطقة.

من جانبه، قال وزير الشؤون الإنسانية في حكومة الجنوب جيمس كوك لـ«الشرق الأوسط» إن الأوضاع الإنسانية لنازحي سكان أبيي من قبيلة الدينكا نقوك الذين يصل عددهم إلى نحو 150 ألفا، سيئة للغاية، وأضاف أن النازحين وصلوا من أبيي تحت ظروف قاسية من الجوع والخوف والأمراض، مشيرا إلى أن مدنا في ولايات واراب وشمال وغرب بحر الغزال استقبلت النازحين، وقال: «لكنهم متعبون وتنتابهم حالات فزع وخوف شديدين، خاصة وسط الأطفال والشيوخ والنساء»، معتبرا أن الصور التي نشرتها مجموعة حقوقية أميركية توضح الواقع كما هو، وقال: «هناك جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تم ارتكابها في أبيي ولا يمكن مغالطة ذلك، خاصة أن العالم أصبح يصور حركة النمل على الأرض؛ دعك من القتل والجرائم التي يرويها السكان الذين قدموا من هناك»، وأضاف أن القوات المسلحة السودانية قامت بكسر الجسر الوحيد في أبيي وأنها تعتبر جرائم ضد الإنسانية.

وكشف كوك عن أن حكومته وجهت نداء عاجلا للمنظمات الدولية لتقديم المساعدات من غذاء وإيواء ورعاية صحية، وقال إن حكومته قدمت مساعدات في حدود إمكاناتها وإنها تنتظر المساعدات الدولية والإنسانية بأن تسارع لإيصال مساعداتها في أقرب فرصة ممكنة.