الأسد يصدر أول عفو منذ تسلمه السلطة.. يشمل «الإخوان المسلمين»

تناول الجرائم المرتكبة قبل يوم أمس.. وحزب البعث يرفض إلغاء المادة الثامنة من الدستور

ارتفعت في إحدى ساحات حمص صورة للعلم السوري بدل صورة الرئيس الأسد التي تم حرقها
TT

في أول عفو عام يشمل المعتقلين السياسيين منذ تسلم الرئيس بشار الأسد السلطة في عام 2000، أصدر الأسد أمس مرسوما بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ أمس، أي 31 مايو (أيار) 2011، ما يعني أن المرسوم يشمل المنتمين إلى «الإخوان المسلمين» وكافة التيارات السياسية، إضافة إلى المعتقلين على خلفية الأحداث الأخيرة.

الى ذلك يتحضر الرئيس السوري بشار الأسد لإلقاء خطاب خلال اليومين المقبلين، يعلن فيه عن تشكيل لجنة من سبعة أشخاص للإعداد لمؤتمر وطني سوري هدفه محاولة إيجاد حل للأزمة التي تمر بها سوريا، بحسب ما ذكرت وكالة «آكي» الإيطالية للأنباء نقلا عن مصادر سورية موثوقة.

وقالت المصادر لوكالة «آكي» إن اللجنة «ستكون برئاسة فاروق الشرع نائب رئيس الجمهورية وعضوية اثنين من أعضاء القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم واثنين من الجبهة الوطنية التقدمية المؤتلفة مع البعث وثلاثة من المستقلين، وستكون مهمتها الإعداد للمؤتمر الوطني المنشود الذي سيدعى إليه حياديون ومستقلون بأسمائهم الشخصية دون أن يكونوا ممثلين عن أي أحزاب أو فئات سياسية أو معارضة».

وأضافت أنه من المفترض «أن يعمل المؤتمر على تحديد ملامح التعديلات الدستورية المرتقبة وقانون الأحزاب وقانون المطبوعات وقانون الانتخابات التشريعية والقوانين الإصلاحية الأخرى، وعلى ذلك فمن المرجح تأجيل انتخابات مجلس الشعب التي ستجري خلال بضعة أسابيع إلى إشعار آخر ريثما ينتهي المؤتمر الوطني من أعماله، مع أن مشروع القانون المتعلق بالانتخاب الذي كلفت به لجنة خاصة انتهى الآن ووضع على مواقع إلكترونية لمناقشته».

من جهة أخرى، أعلن حزب البعث الحاكم في سوريا أنه لن يلغي المادة الثامنة من الدستور والتي تخوله احتكار السلطة وتنص على قيادته للدولة والمجتمع، بحسب ما ذكرت صحيفة «الوطن» السورية شبه الرسمية أمس. وكشف الأمين القطري المساعد لحزب البعث محمد سعيد بخيتان أن مشروع وآليات للحوار الوطني «ستعلن خلال 48 ساعة، كما أنه سيكون هناك قريبا صدور مرسوم عفو»، من دون أن يخوض في تفاصيله.

ونقلت «الوطن» عن المسؤول القيادي في البعث الحاكم تأكيده أن الباب مغلق «أمام إلغاء المادة الثامنة من الدستور التي تجعل من حزب البعث الحزب القائد للدولة والمجتمع». ولم يحدد المسؤول السوري مع من سيكون الحوار. ويحتكر حزب البعث الحكم في سوريا منذ نحو نصف قرن ويبلغ تعداد كوادره نحو 3 ملايين عضو من أصل تعداد سكان سوريا الذي يقترب من 25 مليون نسمة.

وأشارت الصحيفة إلى أن بخيتان الذي كان يتحدث في لقاء حواري مع الكوادر الجامعية أول أمس، قال «إن لجنة الحوار شكلت على أعلى المستويات، والحوار سيضم كل الفئات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها.. وهو سيكون تحت سقف سوريا كوطن للجميع». وأوضح بخيتان، بحسب الصحيفة أن «تعديل أي مادة في الدستور من اختصاص مجلس الشعب»، الذي يستأثر حزب البعث بأكثر من نصف مقاعده (126 مقعدا من إجمالي 250) بينما تملك أحزاب الجبهة مجتمعة 41 مقعدا والمستقلون 83. واعتبر بخيتان أنه بالنسبة لإلغاء المادة الثامنة من الدستور، «قلنا للمعارضين هناك صندوق اقتراع.. وإذا وصلتم للحكم وأصبحنا في المعارضة فألغوا المادة.. هناك أولويات أخرى غير إلغاء هذه المادة».

ولا تسمح الأجهزة الأمنية بتشكل أي حالة معارضة وطنية قوية منذ نصف قرن ولذلك يوجد في سوريا حالات فردية للمعارضين، لكن لا يوجد أحزاب ذات قواعد شعبية كبيرة أو حركات اجتماعية. وتتمثل المعارضة الحالية في وجود عدد من الشخصيات العامة، معظمهم يشكلون حالات فردية لا ثقل لها في الشارع المنتفض في وجه السلطة منذ نحو ثلاثة أشهر مطالبا بالحرية والإصلاحات الجذرية.

وردا على سؤال آخر عن الجدوى من إقرار قانون جديد للأحزاب مع الإبقاء على المادة الثامنة وعما إذا كان لدى القيادة نية في مناقشتها مستقبلا، قال بخيتان إن «تعديل مواد الدستور يحتاج اقتراحا من ثلثي أعضاء مجلس الشعب ثم يعرض التعديل على الاستفتاء العام في سوريا.. بعد انتخابات مجلس الشعب المقبلة يحق للمجلس (الجديد) النظر في الاقتراح بموافقة ثلثي أعضائه». وأضاف بخيتان: «هناك صندوق اقتراع وعندما يفوز الآخرون بالأكثرية يشكلون الحكومة ونكون نحن في الطرف الآخر وهذا هو تداول السلطة».

واعترف القيادي البعثي بأخطاء حزبه وقيادته قائلا «كنا في القيادة ندافع عن أخطاء بعض المسؤولين ونحاول تجميلها، الآن يجب أن يختلف الأمر ويجب المحاسبة». ويطالب السوريون منذ سنوات طويلة بإلغاء المادة الثامنة من دستور البلاد التي تخول لحزب البعث «احتكار السلطة» التي يديرها منذ قرابة نصف قرن وسط حالة ترهل إداري وفساد مالي كبيرين، وهو ما تجمع عليه تقريبا الأوساط الاجتماعية من مختلف المستويات داخل وخارج سوريا.

وقال ناشطون إنهم فهموا من كلام بخيتان «أن إمكانية تعديل هذه المادة مرهونة بنسبة هيمنة المعارضة على مجلس الشعب، مع الإشارة إلى أنها غير ممثلة في المجلس، لأن 50 في المائة من المقاعد محجوزة لحزب البعث و17 في المائة لأحزاب الجبهة الموالية للنظام، والباقي للمستقلين من أتباع النظام». وأشاروا إلى انعدام «فرص تسلل المعارضة إلى المجلس لتعرض غالبيتهم، إن لم يكن جميعهم للسجن». وتابعوا متهكمين «إذا حصل وتحول أحد النواب إلى المعارضة سيجد نفسه خارجا كما سبق وجرى مع النائب المعارض رياض سيف الذي رفعت عنه الحصانة وأودع السجن عندما انتقد احتكار ابن خال الرئيس رامي مخلوف شركة الجوال «سيرتيل» وتكبيد الخزينة العامة خسائر باهظة، وكان هذا عام 2002 الذي شهد انقضاضا من النظام على المعارضة وما عرف حينها بربيع دمشق».