الناشط محمد الكركوتي لـ«الشرق الأوسط»: اتفقنا على سلمية التحركات.. ودولة تعددية علمانية

المعارضة السورية تغادر أنطاليا بهيئة تأسيسية.. وموعد في أنقرة لـ«الهيئة التنفيذية»

متظاهرون في إحدى المدن السورية صورة مأخوذة من موقع «يوتيوب» (أ.ف.ب)
TT

أنهت قوى المعارضة السورية في الخارج مؤتمرها الأول في تركيا، بالاتفاق على موعد جديد في أنقرة أو في اسطنبول لأعضاء الهيئة التأسيسية المنتخبة لاختيار الهيئة التنفيذية التي ستمثل ما يشبه «حكومة المنفى» وهي مؤلفة من 9 أشخاص سيتولون إجراء الاتصالات الدولية وتنظيم التحركات الهادفة إلى إسقاط النظام السوري.

ونفى محمد الكركوتي، أحد أعضاء اللجنة، لـ«الشرق الأوسط» وجود أي خلافات أو تباينات وراء تأجيل اختيار المكتب التنفيذي، مشيرا إلى أن الموعد الجديد يهدف إلى إعطاء الوقت اللازم لأعضاء الهيئة التأسيسية لإجراء المشاورات والاجتماع. وقال الكركوتي إن المعارضة اتفقت على قيام دولة «ديمقراطية تعددية مدنية علمانية»، كاشفا عن أن التيارات الإسلامية أعلنت عن سعيها في «سوريا الجديدة» إلى فصل الدين عن الدولة، موضحا أن أهم نتائج المؤتمر هي رفض «اللجوء إلى العنف لمحاربة النظام والالتزام بإسقاطه بالوسائل السلمية»، نافيا تسلح أي من أطراف المعارضة «وإلا لكان الناس امتنعوا عن المشاركة في المظاهرات».

ووصف الكركوتي انعقاد المؤتمر بأنه «تحول كبير في التاريخ السياسي الحديث لسوريا. المعارضة تشتت وأنهاها نظام الأسد الأب، عن طريق النفي والاعتقال والإخفاء القسري طوال خمسة عقود». وقال: «هذا المؤتمر أنجز الكثير على طريق مأسسة المعارضة، فهو جمع أولا كل أطيافها من اليمين إلى اليسار، ومن المتدينين إلى الليبراليين إلى درجة أن ممثلين عن التيار الإسلامي قالوا في خطاب معلن إنهم في سوريا الجديدة بعد سقوط الأسد يسعون إلى فصل الدين عن الدولة، وهذه نقطة مهمة جدا. وهذا المؤتمر بدأ تأطير المعارضة وفق معايير عملية، ووفق معايير الجودة التي تحول طاقات المعارضة من فردية متناثرة، إلى قوة موحدة. وهذا ما حصل الآن، فالمعارضة وحدت صفوفها لأول مرة منذ 5 عقود وأسست نفسها وفق آليات محددة، لتتمكن من التعاطي مع المجتمع الدولي في إطار مؤسساتي، وأن تتعاطى مع الداخل في آليات مؤسساتية تبلور صوت الشعب في سوريا، علما بأن المعارضة لا تقود الثورة، بل الثورة هي من تقود المعارضة».

وأوضح الكركوتي أن المعارضة اجتمعت على الطموح في إسقاط النظام. وقال: «هذا الشعار أسهم إلى حد كبير في إنهاء كل أطراف المعارضة، لأنه شعار كبير وهدف كبير. في الحزب الواحد هناك خلافات، لكن هذا الشعار أسس لوحدة وطنية في صفوف المعارضة بكل انتماءاتها»، مشيرا إلى أن المجتمعين تعاهدوا على ألا يفشل المؤتمر، وقد نجح قبل أن يبدأ. وإنجاحه تم بإلغاء كل الخلافات ووجهات النظر المتباينة والالتحام مع الهدف الرئيسي. وقال: «بعد سقوط الأسد، هناك اتفاق بين كل أطياف المعارضة على قيام سوريا ديمقراطية، مدنية، علمانية لا تفرق بين كل أطياف المجتمع. الدولة التي نسعى إليها يجب أن تعيد ثقافة المجتمع المدني الذي غيبه النظام الأسد الأب والابن».

واعترف الكركوتي بغياب الإستراتيجية الموحدة للمرحلة المقبل، قائلا: «نحن في طريقنا لبلورة إستراتيجية لمرحلة ما بعد الأسد، وهذه الاستراتيجية لا تتم في مؤتمر، بل تحتاج إلى وقت. فالمعارضة كانت مشتتة وفردية في كثير من الأحيان، وأركان المعارضة الأساسيون في داخل سوريا، الذين يكتسبون شرعية الشارع، هم إما في السجن، وإما مفقودون أو هاربون. هذا المؤتمر هو الأول، المؤتمر الأول الذي انعقد في اسطنبول كان لـ(الإخوان المسلمين) فقط، ويهدف إلى تنسيق مواقفهم، أما هذا المؤتمر فهو الأول للمعارضة».

وأكد الكركوتي أن «النظام يسقط بتصعيد الثورة وبتكريس سلميتها، وهذا مبدأ أساسي لا نحيد عنه. يسقط بنضوج موقف دولي مطلوب الآن، وبقيام المجتمع الدولي بالنظر إلى القضية السورية، ليس من خلال المعايير السياسية، بل من خلال المعايير الأخلاقية». وقال: «لم يظهر منذ أن اندلعت الثورة أي شعار طائفي أو ديني، وهذا دليل قوة. التاريخ يقول إن الأنظمة الوحشية لا تدوم».

وشدد الكركوتي على أنه «لا توجد معارضة مسلحة، وإن كانت هناك معارضة مسلحة لتغيرت الأمور، ولكان جزء كبير من المتظاهرين الذين يخرجون الآن ليبقوا في بيوتهم، حبا في الأمن ولعدم إعطاء النظام حجة للمزيد من القتل، فلا توجد معارضة مسلحة الآن، ووصل عدد القتلى إلى نحو 1200 شخص بالإضافة إلى آلاف المفقودين والمعتقلين».

وقال الكركوتي إن المؤتمر انعقد في تركيا لاعتبارات جغرافية، وسياسية «فتركيا لها دور كبير في تطوير العلاقات مع سوريا. والحكومة التركية لم تكن عدوانية تجاه الحكومة السورية، بل أصبحت عدوانية بعد أن رأت بأم العين الجرائم التي ارتكبت، ومدى وحشية النظام»، مشيرا إلى أن الاعتبارات الجغرافية هي لقربها من الوطن وهذه حالة عاطفية. وبعد أن أكد أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان «يحظى باحترام في سوريا والعالم العربي»، تمنى «لو أعلنت دولة عربية استضافتها المؤتمر، وعندها لكنا ذهبنا سيرا». لكنه أكد أن المعارضة لم تطلب من أي دولة عربية انعقاد المؤتمر على أرضها لأنه «عندما لا يصدر حتى الآن موقف عربي لا بإدانة المجازر، بل بوقف العنف، أعتقد أنه من العبث أن نطلب من أي دولة عربية ذلك».