برلماني من كتلة الإصلاح: لا فرصة للحديث عن خروج آمن للرئيس

علي عشال لـ «الشرق الأوسط»: صالح وظف «القاعدة» لحسابه.. وعلى المجتمع الدولي نزع الشرعية عنه

علي عشال
TT

قال علي عشال، عضو البرلمان اليمني عن كتلة الإصلاح، إنه لم يعد هناك فرصة للحديث عن خروج آمن للرئيس اليمني علي عبد الله صالح، معتبرا أن «الخروج الآمن» هو «شيك على بياض» استغله صالح في قتل المتظاهرين وسفك دمائهم.

وقلل عشال في حواره مع «الشرق الأوسط» من خطر تنظيم القاعدة في اليمن. واتهم عشال صالح باستغلال التنظيم للحفاظ على بقائه في السلطة، نافيا نية المعارضة اليمنية في تشكيل مجلس انتقالي في الوقت الراهن.

وقال عشال لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يمكن الحديث عن وجود قبائل تقف إلى جانب الرئيس اليمني وإن من بقي إلى جانبه «تركيبة اجتماعية جاءت نتيجة مصاهرة مع بعض القبائل أو أقربائه أو منتفعين»، مشددا على ضرورة إسقاط الشرعية عن نظام صالح وعدم الاعتراف به.

وإلى نص الحوار..

* نجح الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في الحفاظ على حشود مؤيدة له، فهل يعكس ذلك شعبية حقيقية لا يزال يحظى بها الرئيس؟

- حكم الرئيس صالح طوال الـ33 عاما استند خلالها إلى بعض مراكز النفوذ وأقام بنية قبلية، واستطاع أن يفرخ زعامات قبلية موالية ومناصرة له، أما الحشود التي يجمعها صالح في أيام الجمع فتنحصر في الوحدات العسكرية المحيطة به، خاصة في الحرس الجمهوري وأفراد الأمن المركزي، وهؤلاء يرتدون الملابس المدنية ويخرجون إلى الساحات لمناصرة الرئيس، ويجلبون مواطنين من محافظات أخرى، لأن الرئيس انحسر في مربع واحد هو ميدان السبعين ولم يستطع تحريك مظاهرة واحدة مساندة له في أي محافظة أخرى، أما الثورة اليمنية فاستطاعت أن تحرك مشاعر ووجدان الإنسان اليمني في كل المحافظات وخرجت الحشود المليونية في صنعاء وتعز والحديدية وأب وعدن وحضرموت لتعبر عن مطالب الشعب اليمني بصراحة، وهي رحيل نظام صالح. وهناك وثائق تؤكد أن أموالا هائلة تصرف لمسؤولين من أجل إحضار مجاميع تناصر الرئيس اليمني.

* لكن هناك بعض القبائل ما زالت تناصر الرئيس اليمني وهل يمكن أن توضح من معه منهم؟

- لا توجد قبائل برمتها يمكن القول إنها تناصر صالح، ومن معه عبارة عن تركيبة اجتماعية جاءت نتيجة مصاهرة مع بعض القبائل أو أقربائه أو منتفعين، ولا توجد أي قبيلة في الجنوب والشمال والوسط مع الرئيس اليمني، وفى ساحات التغيير تجد خيام أبناء القبائل التي تعتصم مع جموع الشعب، والرئيس اليمني حاول أن يعتمد على بعض القبائل، لكنه لم يجد من يغرد معه، وحتى الامتداد القبلي الموجود في الجيش انحاز للثورة، وما تبقى من الجيش فهو عبارة عن الألوية صنعها صالح لحمايته، وهي مكونة من أبنائه وبعض المستفيدين، وحتى أفراد هذه الألوية سوف ينضمون قريبا إلى الثورة وسيبقى الرئيس بمفرده مع أبنائه.

* من وجهة نظرك من يتحمل مسؤولية عدم التوقيع على المبادرة الخليجية؟

- دول الخليج وصلت إلى قناعة منذ وقت مبكر بأنه لا فائدة من نظام الرئيس صالح، وعندما جاءت المبادرة الخليجية ورفض صالح التوقيع عليها، وهو ما أكد صدق التقييمات الخليجية، واتضح أن الرجل (صالح) مراوغ وغير صادق ويتعامل باستخفاف. كانت المبادرة أشبه بطوق نجاة لصالح لم يحظ به الرئيس المصري السابق حسنى مبارك أو الرئيس التونسي السابق على زين العابدين بن علي ولم تعرض على الرئيس الليبي معمر القذافي، وقد حاول أهل اليمن التجاوب مع مبادرة دول الخليج لإيجاد مخرج سياسي حتى ولو كان يشتمل على رحيل الرئيس ونظامه بشكل متدرج ومبني على ضمانات.

* وهل عارض أحد هذه الأطروحة، وما هو المطلوب من دول الخليج لدعم اليمن خلال الفترة الحالية؟

- لم تمانع أحزاب اليمن هذه الأطروحة، وبعض الدول الخليجية بدأت بالفعل في اتخاذ إجراءات ومواقف فعلية مثل قطر والكويت، فقد قررتا سحب بعثتيهما الدبلوماسيتين في صنعاء، كما أبلغت المملكة العربية السعودية الرئيس اليمني بأنه لا مخرج له إلا من خلال هذه المبادرة، ويبدو أن صالح يعيش فترة من الشتات النفسي بين ضغط أبنائه بالإصرار على البقاء مهما كان الثمن، وهم بالطبع يمثلون أداة ضغط عليه أكثر من الثوار والمجتمع الدولي للبقاء في الحكم، ولذلك لا يوجد الآن مكان للمبادرة الخليجية. فالقوى السياسية والشعب اليمني لن تعطي صالح أي فرصة بعد الآن، وفي أي تصور جديد يجب يتضمن الرحيل الفوري للرئيس ومن دون منحه أي مهلة زمنية، ويعقب ذلك انتقال السلطات إلى نائب الرئيس، والذي سيقوم بتشكيل الحكومة التي ستقوم بالإعداد للانتخابات الرئاسية.

* وماذا عن مسألة الضمانات للرئيس اليمني عقب رحيله؟

- الحديث عن مسألة الضمانات بعدم ملاحقة الرئيس صالح غير مقبولة، لأنه سبق وأن تعامل مع مسألة عدم الملاحقة باعتبارها «شيكا على بياض»، فهو يقوم بالقتل وسفك الدماء، ثم تأتي المبادرة تحصنه من المحاسبة على هذه الجرائم التي ارتكبها. وعلى دول الخليج والمجتمع الدولي أن يتصدى لصالح عبر قرارات واضحة.

* ومن وجهة نظرك، ما هي هذه القرارات؟

- ألا يتعامل المجتمع الدولي مع صالح كرئيس شرعي لليمن، خاصة بعد عمليات القمع والقتل التي يمارسها في اليمن مع شعبه.

* لماذا رفضت المعارضة اليمنية الذهاب إلى القصر الرئاسي؟

- كل الشواهد تؤكد أن المعارضة كان لديها الحق في رفض الذهاب إلى قصر صالح الذي وصل إلى حالة من الهيستريا، جعلته يرتكب حماقات قد تدفعه وأبناءه للتخلص من بعض القيادات، فما ثبت من خلال سيناريو أعده صالح عندما قام بحصار سفراء مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي في سفارة الإمارات، وأخرج البلطجية كي يمنعوهم من الخروج، بحجة أنهم لا يرغبون الوصول إلى قصر الرئاسة، كي لا يتم التوقيع على المبادرة الخليجية، وكلما أرسل وفدا للوساطة مع القائد العسكري المنشق عنه ويدعي على محسن صالح، أرسل معهم من أطلق النار عليه لاغتياله. صالح يرغب في جر البلاد إلى مربع العنف، وقد أعلن الحرب الأهلية، وبدأ يهاجم منزل الشيخ صادق الأحمر، نائب رئيس مؤسسة القدس الدولية، رئيس فرعها في اليمن في محاولة اجتذاب القبيلة إلى مربع العنف.

* أين الحراك الجنوبي وأين الحيثيون من ملف الثورة اليمنية؟

- كل هذه القوى أعلنت انضمامها للثورة من قبل، عندما بدأنا الحوار الوطني منذ ثلاث سنوات وسعى لضم كل القوى السياسية، وقد أعلن الحيثيون أنهم يقبلون بالرؤية التي وضعها الحوار الوطني للنقاش وأرسلوا ممثلين عنهم، وتواصلنا مع الحراك الجنوبي أيضا وعندما جاءت لحظة الهبة الشعبية، أي ثورة اليمن انضمت هذه القوى وأعلنت تأييدها وقيادات الحوثيين والحراك الجنوبي شاركوا في ساحات التغيير، والكل يعلم أن أزمات اليمن كلها بسبب نظام علي عبد الله صالح، واليوم الأولوية للثورة، وغدا سيتم وضع قضية الجنوب على طاولة الحوار بين مختلف القوى السياسية لاتخاذ القرار والحل العادل، لتكون الوحدة شراكة حقيقية، وينعم الجميع بحقوق متساوية في ظل دولة النظام والقانون، وهناك من أعلن أنه مع ذهاب النظام، فكرة فك الارتباط بين الشمال والجنوب لن تطرح وبالتالي الجميع يرتب أوراقه على أساس ما بعد نظام صالح.

* تردد أن هناك مشاورات لتشكيل مجلس عسكري انتقالي لإدارة البلاد عقب سقوط نظام صالح، ما حقيقة ذلك؟

- لا أعتقد أن هناك تفكيرا في مجلس انتقالي عسكري، إنما نفكر في إقامة مجلس انتقالي تتمثل فيه جميع القوى وبعض القادة العسكريين وعدد من الشخصيات الفاعلة التي لها ثقلها في المجتمع اليمني وبعض ممن انشقوا عن صالح وكل من كانت له مواقف في حزب مؤتمر الشعب العام، لأننا لا نريد انهيارا للحزب كما حدث في تونس ومصر، ونراهن بأن هناك قيادات عاقلة في مؤتمر الشعب العام إذا ما حسمت أمرها وأعلنت خيارها وانحازت إلى الشعب، فإنها سوف تكون قوى مؤثرة، بالإضافة إلى ما طرحته المبادرة الخليجية بأن يتم الانتقال للسلطة من خلال إقالة الرئيس وانتقال صلاحياته إلى النائب بحكم الدستور لمدة ستين يوما، أما المجلس الانتقالي الذي نتحدث عنه اليوم بعد فشل المبادرة الخليجية سوف يعكس شرعية الثورة ويصدر عنه إعلان دستوري لتسيير شؤون البلاد.

* البعض يرى خطرا من وجود تنظيم القاعدة في اليمن وهو ما قد يؤدي إلى انفلات أمني عقب سقوط النظام، كيف ترى الأمر؟

- برحيل صالح سوف يكتشف الجميع أنه كان يحاول توظيف «القاعدة» لحسابه، وسوف ينتهي دور «القاعدة» لأنهم لن يجدوا قائدا يتبعونه، وإن وجدت قلة ذات طبيعة عقائدية يمكن للمجتمع اليمني المتدين أن يستوعبهم كمواطنين عاديين.