اليمن: «الرئيس المؤقت» يتعرض لضغوط.. و«شباب الثورة» يصعدون

غموض يلف عودة الرئيس علي عبد الله صالح إلى صنعاء

مؤيدون للرئيس اليمني علي عبد الله صالح يرفعون صورته فرحا بخبر استقرار حالته الصحية بعد تلقيه العلاج في السعودية إثر إصابته في الهجوم على القصر الرئاسي يوم الجمعة الماضي (أ.ب)
TT

تواصلت في اليمن، أمس، المظاهرات التي دعا إليها شباب الثورة، والتي خرجت في معظم المحافظات اليمنية للمطالبة بتشكيل مجلس انتقالي لإدارة شؤون البلاد، في وقت تجددت فيه الاشتباكات في تعز بين القوات الموالية للرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، والعناصر المسلحة المؤيدة لثورة الشباب.

وفي بيانات ومواقف متعددة للكيانات والائتلافات في «ساحة التغيير» بصنعاء، جرت مطالبة حكومات دول مجلس التعاون الخليجي والحكومات الغربية، وفي مقدمتها الحكومتان السعودية والأميركية، إلى ما سمي بـ«إزالة الضبابية» في مواقفها تجاه ثورة الشباب في اليمن، كما تمت الدعوة إلى إسقاط المؤسسات الإعلامية الحكومية بطرق سلمية، وإلى تشكيل لجان شعبية لحماية المدن والأحياء والمؤسسات العامة والخاصة، وضمن ما طرحه ائتلاف «الطلائع الثورية» تأمين الممرات التي تصل من خلالها المواد الغذائية والضرورية للمواطنين.

وقامت قوات الفرقة الأولى مدرع في صنعاء بتفريق المئات من الشباب المتظاهرين الذي اعتصموا أمام منزل الفريق عبد ربه منصور هادي، نائب رئيس الجمهورية، القائم بمهام أعمال الرئيس، وذلك لمطالبته بتشكيل مجلس انتقالي، والقيام بنقل السلطة وتنفيذ مطالب الثوار، وقد احتجت الكيانات الشبابية على قيام قوات الفرقة بهذه الخطوة، كما أدانتها بعض المنظمات الحقوقية.

وفي الوقت الذي كثف فيه لقاءاته وتحركاته السياسية والأمنية منذ تسلمه مهام الرئاسة في اليمن، منذ يوم الجمعة الماضي، لم تسجل أي تحركات أو اتصالات أو لقاءات للفريق عبد ربه منصور، وترجح مصادر مطلعة أن الرجل يتعرض لضغوط شديدة، داخلية وخارجية، في مسألة انتقال السلطة، في ظل عوائق كبيرة تقف أمامه؛ فعلى الصعيد الداخلي يتعرض لضغوط من قبل شباب الثورة وأحزاب المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك» لاتخاذ إجراءات فعلية لنقل السلطة، لكنه يصطدم بما تبقى من المؤسسة العسكرية والأمنية الموالية للرئيس صالح، التي يديرها نجله وأنجال شقيقه، الذين يدفعون به نحو استمرار نفس الممارسات والتصرفات التي كانت تتم قبيل تعرض صالح لحادث التفجير، الأسبوع الماضي، وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الضغوط الخارجية تصب في نفس الاتجاه.

وأشارت المصادر إلى أن الغموض الذي يلف مصير الرئيس علي عبد الله صالح، على الأقل، بالنسبة للشارع اليمني، زاد من تعقيد مهمة هادي، الذي لم يتعامل معه الإعلام الرسمي، حتى اللحظة، على أنه «رئيس مؤقت»، ويذكر على أنه نائب للرئيس فقط، وتزامنت جميع هذه التطورات مع استمرار تأكيد المسؤولين اليمنيين على أن الرئيس، علي عبد الله صالح، سيعود إلى اليمن في غضون أيام قلائل، على الرغم من التصريحات أو التسريبات الأميركية عن وضعه الصحي الحرج، وأنه قد يستغرق بضعة أشهر قبل أن يتماثل للشفاء.

وساد هدوء حذر حي الحصبة في العاصمة صنعاء، بعد بدء عملية تسليم المقار الحكومية التي كان يسيطر عليها المسلحون التابعون لزعيم قبيلة حاشد، الشيخ صادق الأحمر، أول من أمس، إلى لجنة عسكرية خاصة، غير أن السلطات الرسمية قالت، أمس، إن ما جرى من عملية تسليم، لم تكن سوى «عملية تبديل للحراسة فقط في هذه الجهات بين القوات الأمنية التي قامت بتطهير هذه الجهات من عصابة أولاد الأحمر، الأسبوع الماضي، وطلبة الكلية الحربية، وذلك بناء على توصيات لجنة الوساطة المشرفة على تثبيت وقف إطلاق النار وإنهاء المظاهر المسلحة بالعاصمة صنعاء».

وأشار المصدر إلى أنه «تم السماح لبعض القيادات الإدارية في هذه الجهات للدخول إليها، بعد عودة الهدوء إلى المنطقة، بهدف تقييم حجم الأضرار وعملية النهب التي تعرضت لها هذه الجهات من قبل العناصر المسلحة التابعة لأولاد الأحمر»، وإلى أن «حجم الأضرار المادية التي تعرضت له هذه الجهات كبير جدا، كما تعرضت لعملية نهب وعبث من قبل العناصر المسلحة»، وشدد المصدر الأمني اليمني على «ضرورة الالتزام بإنهاء المظاهر المسلحة والأعمال الاستفزازية، وإزالة المتاريس من الشوارع والطرقات». على صعيد آخر، تجددت الاشتباكات، أمس، بين القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح والمسلحين المؤيدين للثورة الشبابية في محافظة تعز، وقالت مصادر محلية إن اثنين من المسلحين، على الأقل، قتلا، وجرح 6 آخرون في أحدث المواجهات بين الطرفين، التي وقعت في منطقة بئر باشا بأطراف مدينة تعز.

في موضوع آخر، تواصلت المواجهات المسلحة بين قوات الجيش في محافظة أبين ومسلحين تقول السلطات إنهم ينتمون لتنظيم القاعدة، وقال مصدر عسكري في المنطقة العسكرية الجنوبية إن القوات المسلحة هناك تمكنت من تكبيد العناصر الإرهابية من عناصر تنظيم القاعدة، «خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وألحقوا بهم إصابات مباشرة، وحققوا انتصارات كبيرة عليهم في إطار عملية عسكرية أمنية لتطهير مدينة زنجبار والمناطق المحيطة بها»، وأشار إلى أن هذه العملية تأتي في إطار «التزام اليمن بمشاركة المجتمع الدولي في جهود مكافحة الإرهاب واجتثاث جذوره، وانطلاقا من ضرورات الحفاظ على الأمن والسكينة العامة ومتابعة العناصر الإرهابية».

وذكر المصدر العسكري اليمني أن عددا من «قيادات التنظيم وعناصره الخطيرة، وجميعهم مطلوبون لأجهزة الأمن، قد لقوا مصرعهم في عمليات نوعية استبسل فيها أبطال القوات المسلحة من اللواء 201 واللواء 25 ميكا، خلال هروب تلك العناصر من مدينة زنجبار»، وقال إن تلك العمليات أدت إلى «مقتل الإرهابي عمار عباده الوائلي، أحد أخطر قيادات تنظيم القاعدة، ومعه 7 آخرون من التنظيم، إضافة إلى مقتل الإرهابي أبو علي الحارثي، أحد أخطر قيادات «القاعدة» في محافظة شبوة، والإرهابي أبو أيمن المصري المسؤول الإعلامي للتنظيم، والإرهابي علي صالح فرحان (أمير التنظيم) في محافظة مأرب، ومقتل عدد من عناصر «القاعدة» الذين قدموا من محافظة مأرب، بينهم الإرهابي مبخوت علي جابر الشبواني، وإصابة أخيه فهد علي جابر الشبواني».