مدينة الذهيبة في تونس باتت معقلا للثوار وعائلاتهم

قوات القذافي مرابطة على بعد 10 كيلومترات

TT

في مدينة الذهيبة التونسية الحدودية، بات الثوار المناهضون للعقيد القذافي جزءا من المشهد.. فمنذ أسابيع يتنقلون بين الجبهة في جبال غرب ليبيا وهذه البلدة الواقعة في جنوب تونس، حيث تقيم عائلاتهم.

وعلى الرغم من النزاع الذي يعصف بليبيا منذ فبراير (شباط) تبدو الأجواء هادئة في معبر الذهيبة تحت غبار شمس حارقة. وانتهى تدفق السيارات المحملة بالركاب والحقائب كما كان الحال إبان قصف قوات القذافي على جبل النفوسة.

لا مقارنة مع راس جدير، المعبر الأساسي بين تونس وليبيا، الذي يبعد عن هناك 200 كم إلى الشمال، والذي عبره، الاثنين، أكثر من 12 ألف لاجئ ليبي، بينما يكثف حلف شمال الأطلسي غاراته على طرابلس.

يقول المحاسب الليبي سبتيموس تواوا (30 سنة) الذي غادر يفرن قبل 3 ساعات لزيارة عائلته التي لجأت إلى المنطقة: «إن أكثر من 90% من نساء وأطفال يفرن وجبال الغرب استقروا في تونس» في منطقتي الذهيبة وتطاوين. ومثله مئات يكثفون التنقل ذهابا وإيابا على معبر الذهيبة الحدودي. وقد دخل 900 ليبي إلى تونس بين الاثنين والثلاثاء، وخرج منها 351، حسب إحصاءات الثوار الذين يسيطرون على المعبر في الجانب الليبي منذ نهاية أبريل (نيسان). وقد أتى سبتيموس تواوا من طريق يمر بسفح الجبال ويربط يفرن بشكشوك، وهو طريق استراتيجي «حرره السبت» الثوار الذين باتوا لا يبعدون عن طرابلس سوى 80 كم. وبعد 60 يوما من الحصار سيطر الثوار تماما على يفرن، كما قال سبتيموس، مبتسما، على الرغم من أن «جيب مقاومة ما زال موجودا في شرق قلعة ضاحيتها الشرقية».

ودخل التلميذان: مصطفى (20 سنة) وربيع (17 سنة)، القادمان من نالوت على بعد 60 كم من الحدود تونس لأول مرة لشراء بعض الأغراض وزيارة العائلة. وقال مصطفى بافتخار: «نقوم بالحراسة منذ شهر في أعلى ذلك الجبل»، وأشار بإصبعه إلى جبل حجري يبعد كيلومترين عن المعبر الحدودي. وسأل صاحبه ربيع الذي يرتدي سروالا ممزقا وقميصا باليا يحمل اسم نادي فريق روما لكرة القدم: «أين يمكننا أن نشتري بعض الثياب في الذهيبة؟».

وعلى الجانب الآخر من الحدود، في ليبيا، دفع الحر، الذي يبلغ 46 درجة مئوية، الثوار إلى اللجوء إلى بيوت مسبقة الصنع صُبغت مؤخرا بالأبيض. وما زالت قوات القذافي، المرابطة على بعد 10 كيلومترات، تهاجم ذلك المعبر، لكن لا أحد يكترث بذلك، ولم يعد الحديث يدور على «القصف» بل على الصواريخ التي «تسقط»: 16 يوم الاثنين و10 يوم الأربعاء. ومن الجانب الليبي يقف الراغبون في العبور إلى تونس في طابور وبأيديهم جوازات السفر. وفي البيت مسبق الصنع يسجل علي شلبك الداخلين والخارجين على جهاز كومبيوتر غطاه الغبار. وقال صديقه سعيد، الفخور به: «هو الذي أعد شخصيا البرنامج» المعلوماتي، بينما تظل شاشة الكومبيوتر بسيطة جدا تظهر فيها 4 أقسام للحالة المدنية وواحدة «للدخول» وأخرى «للخروج».