جسر الشغور : الأهالي يتحدثون عن قصف ..والرواية الرسمية : اعتقال عناصر تنظيمات مسلحة

شاهد: 5 آلاف بقوا في المدينة وقوات الأمن تسيطر على الجزء الشرقي

جنود سوريون في بلدة الزيارة بالقرب من جسر الشغور في صورة أخذت خلال الجولة الصحافية التي دعت الحكومة السورية بعض الصحافيين والمصورين إليها (أ.ب)
TT

قال سكان في بلدة جسر الشغور، أمس، إن القوات الموالية للنظام في سوريا قصفت بلدة جسر الشغور الشمالية، ولم يكن واضحا، حسب «نيويورك تايمز»، لماذا ظلت أجزاء من المدينة خارج سيطرة القوات الحكومية، ولماذا ظل عدد من السكان هناك للدفاع عنها على الرغم من أن المهاجمين أكثر عددا وقوة منهم.

ونقلت «نيويورك تايمز» عن محمد العبدو، وهو نازح من المدينة اختبأ في الجبال المحيطة بها، أن مروحيات ودبابات تقصف جسر الشغور من كل النواحي. وكان الوضع متوترا في المدينة منذ أيام بعد مقتل 120 جنديا هناك على يد عصابات مسلحة، وهي رواية يرفضها السكان ويقولون إن الجنود قتلوا لأنهم حاولوا الهرب.

وقال سكان المدينة الذين أمكن الاتصال بهم هاتفيا إن قوات الأمن كانت أمس تسيطر على الأجزاء الشرقية من البلدة, ولكن كان من الممكن الدخول والخروج، على الرغم من الخطورة، من الأجزاء الشمالية, وأن هناك 5 آلاف من الـ50 ألفا الذين يشكلون سكان المدينة بقوا فيها، بينما فر الآخرون.

وقال فادي الذي رفض ذكر اسم العائلة (27 عاما) إن قوات الأمن أطلقت النار على سيارته وهو يفر من بلدة مجاورة ليلة الجمعة, لكنه عاد أمس لنقل الراغبين في الرحيل إلى تركيا, وقال بالهاتف إنه رأى مصابين كثيرين، لكنه لم يكن قادرا على مساعدتهم، كما رأى جثث 5 قتلى.

وأضاف: «نحاول إخلاء العائلات المحصورة في الجزء الشرقي».

الى ذلك قالت السلطات السورية إن وحدات الجيش السوري ألقت القبض يوم أمس على «مجموعتين قياديتين للتنظيمات المسلحة في جسر الشغور»، وإنه تم ضبط «أسلحة رشاشة ومتفجرات وصواعق كهربائية وشرائح هواتف جوالة تركية مع عناصر التنظيمات المسلحة المقبوض عليهم»، بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

وتأتي هذه الأنباء بعد يوم من الإعلان الرسمي عن بدء وحدات من الجيش تنفيذ عملية مشتركة بمنطقة جسر الشغور في محافظة إدلب، بهدف «ملاحقة التنظيمات المسلحة وإلقاء القبض على عناصرها في القرى المحيطة بالمنطقة». وكان مصدر عسكري مسؤول صرح أن «تنظيمات إرهابية مسلحة» قامت أول من أمس «وبأعداد كبيرة بمهاجمة مفرزة تابعة للقوى الأمنية في معرة النعمان»، وأن ذلك أسفر عن «وقوع عدد من الشهداء والجرحى في صفوف القوى الأمنية».

وأضاف المصدر العسكري أنه «لدى قيام حوامات (سيارات) الإسعاف بمهمة إخلاء الشهداء والجرحى تعرضت لنيران غزيرة من التنظيمات الإرهابية المسلحة حيث أدى ذلك إلى إصابة أطقم الحوامات».

وكانت وحدات من الجيش قد وصلت بعد ظهر الجمعة إلى مداخل مدينة جسر الشغور، وذكر التلفزيون السوري أن وحدات الجيش «ألقت القبض على عدد كبير من أفراد هذه التنظيمات إضافة لقتل وجرح عدد منهم وذلك رغم قيام هذه التنظيمات بتفجير بعض الكمائن التي نصبتها لوحدات الجيش بالديناميت الذي قامت بسرقته من منطقة سد وادي أبيض».

وقال مندوب التلفزيون السوري في المنطقة إن وحدات الجيش أحبطت «محاولات التنظيمات المسلحة الإجرامية محاصرة صوامع الحبوب الموجودة في المنطقة وتهديد الأهالي بحرق المحاصيل الزراعية وحرق كل مركبة ستنقل الحبوب إلى الصوامع». وأضاف مندوب أخبار التلفزيون أن «التنظيمات المسلحة أضرمت النار بالمحاصيل الزراعية والأحراش في المناطق المحيطة بجسر الشغور». وقال التلفزيون إن «عددا من المواطنين في إدلب رحبوا بدخول الجيش العربي السوري إلى منطقة جسر الشغور لإلقاء القبض على التنظيمات المسلحة التي روعت الآمنين»، وبث لقاءات مع عدد من المواطنين رحبوا بدخول الجيش.

من جانب آخر، قالت السلطات السورية إن «عناصر إطفاء تابعة لهيئة تطوير الغاب بالتعاون مع عناصر من الجيش وبعض المواطنين قاموا بإخماد حريق اندلع في منطقة السرمانية بالغاب على الحدود الإدارية مع منطقة جسر الشغور التابعة لإدلب». وقال المهندس غازي العزي، مدير الهيئة، «إن الحريق أتى على مساحة 40 دونما من الأراضي الزراعية المحصودة والغابات واندلع عند الساعة الـ11 ظهرا يوم الجمعة لتنتقل النيران بفعل الرياح ويبوسة الزرع إلى الأحراج المجاورة».

وكان الضابط السوري الذي انشق عن الجيش حسين هرموش قال لتلفزيون «العربية» أول من أمس، إن الجيش وعناصر الأمن قاموا بإحراق الزرع في منطقة السرمانية، لأن الأهالي اختبأوا بين الزرع، وجرت عملية الإحراق لسببين، الأول لإخراج المختبئين، والثاني لإلحاق الضرر بأهالي السرمانية لأنهم شاركوا بالاحتجاجات.

واتهمت السلطات السورية ما سمتهم «عناصر تنظيمات إرهابية مسلحة» بالاعتداء يوم أول من أمس على القصر العدلي في مدينة معرة النعمان بمحافظة إدلب وسرقة محتوياته وإحراق قسم منها. وقالت «سانا» إن «هؤلاء العناصر هاجموا أيضا مقرا للجيش الشعبي في المدينة وسطوا على عدد من مرائب السيارات واستهدفوا بالتخريب المتعمد والاعتداء المسلح المرافق العامة والخاصة في المدينة وروعوا المواطنين». كما نفذوا اعتداءات مسلحة على عدد من المقار الحكومية في المدينة، منها مبنى مديرية المنطقة وحاولوا إحراقه ومبنى السجن في المدينة ومخفر لقوى الأمن الداخلي وطال التخريب كل ما وقع في طريقهم من ممتلكات عامة وخاصة.

وكان التلفزيون السوري عرض خلال الأيام الثلاثة الماضية ما قال عنه اتصالات هاتفية بين «أفراد من التنظيمات الإرهابية المسلحة في جسر الشغور» تكشف عن «التخطيط لالتقاط صور لهم كمدنيين عند الحدود التركية للادعاء بعدم وجود مسلحين في جسر الشغور». وعرض التلفزيون السوري اتصالا هاتفيا بين اثنين قال إنهما «أفراد التنظيمات المسلحة التي مارست أعمالا إرهابية في منطقة جسر الشغور بإدلب». وأظهر الاتصال اتفاقا يجري بين «أسعد وأحمد الذي يلقن الأول أوامر بمغادرة المنطقة إلى الحدود التركية حيث يجب أن تلتقط صور لهم تظهر أنهم فارون من الأمن والجيش السوري كما تدعي حاجتهم إلى المساعدة لتبث لاحقا على شبكة الإنترنت».

وأشار التلفزيون السوري إلى أن بحوزته «الأسماء الحقيقية لجميع أفراد المجموعات المسلحة الذين تسمع اتصالاتهم تباعا». وبدت إشارة التلفزيون غريبة، كون المكالمات التي بثت كان فيها الأشخاص يتخاطبون بالأسماء ذاتها التي ظهرت مكتوبة على الشاشة ولا يبدو أنها مستعارة.

وفي السياق ذاته، نفى مصدر مسؤول بوزارة الداخلية ما قالته وسائل الإعلام الخارجية عن وجود قوائم بأسماء ضباط وعناصر من قوى الأمن الداخلي قتلوا على أيدي قوات الأمن بذريعة رفضهم للأوامر. وقال المصدر «إن ما نشرته هذه الوسائل عار عن الصحة، وإن الهدف من نشر هذه الأخبار هو التشويش والتحريض وزعزعة الأمن والاستقرار في سوريا».