حماه تهتف ضد حافظ الأسد في ذكرى وفاته.. وحمص تدعو: «إن شاء الله نشوفك بلاهاي»

هتافات تستعير خطابات القذافي.. وتلكلخ تردد هتافات ضد حزب البعث

متظاهرون خرجوا بعد صلاة الجمعة في دمشق أول من أمس (رويترز)
TT

شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» هو الشعار الأكثر تردادا وإلحاحا في المظاهرات التي تخرج في سوريا منذ ثلاثة أشهر، بالإضافة إلى الشعارات التي تؤكد على الوحدة الوطنية، مثل «واحد.. واحد.. واحد الشعب السوري واحد» و«الله وسوريا وحرية وبس». إلا أن هناك شعارات تبرز في كل يوم جمعة أكثر من غيرها، في نوع من الرد على ادعاءات السلطة حول طبيعة المظاهرات، فحين تكون الاتهامات للمتظاهرين بالعنف، تسمع هتافات تؤكد على السلمية، وحين يكون الاتهام بالطائفية تبرز هتافات تؤكد على الوحدة الوطنية بين مكونات المجتمع السوري، من أكراد وعرب. حيث ترفع في المناطق الكردية هتافات «العرب والكرد إخوة» و«إسلام ومسيحية وعلوية.. ثورتنا ثورة سلمية» و«لا سلفية ولا إخوان.. ثورتنا ثورة أحرار».

هذا بالإضافة إلى الشعار الأهم الذي رفعه السوريون لحض الجيش على عدم التورط في قمع الاحتجاجات، وهو «الشعب والجيش إيد واحدة»، في محاولة نجحت إلى حد ما في ثني بعض الضباط والجنود عن المضي في المشاركة في عمليات القمع العسكرية الواسعة، التي نفذها الجيش في أكثر من منطقة.

عدا ذلك تنعكس خصوصيات كل منطقة على الشعارات التي ترفعها والهتافات التي تشدو بها حناجر المتظاهرين، ففي محافظة درعا أضفى الفلكلور الحوراني نكهة مغناة للهتاف، حيث رقص أهالي حوران رقصتهم الشهيرة دبكة حورانية، على وقع «عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد» وأيضا «وتلبيسه إحنا معاك للموت تلبيسه»، و«يا حماه إحنا معاكي للموت يا حماه». وهكذا تذكر كل المناطق المحاصرة، أو التي تعرض أبناؤها للقتل، وهذان الهتافان لامسا قلوب السوريين من الجنوب إلى الشمال، ومن الغرب إلى الشرق، فرددا في كل المظاهرات والاعتصامات، في تنغيم يحاكي الذاكرة الجمعية للسوريين.

أما في حمص، فأخذت الشعارات طابعا كوميديا ساخرا، كون حمص عاصمة النكتة كما يصنفها السوريون. إلا أن بعض الهتافات حملت شتائم يصعب تقبلها إلا من قبيل النكتة، والمزاح، ولا يمكن نشرها إذ لا تحمل أي مضمون سياسي، بقدر ما تحمل مشاعر غضب وكراهية ورفض لاستمرار بقاء النظام، وأحيانا اتهاما مضمرا للنظام بالغباء. إلا أن أكثر الهتافات التي ترنم بها الحماصنة، والتي تعبر عن أمنياتهم بتقديم رموز النظام للمحكمة الدولية كان «يا بشار باي باي.. إن شا الله نشوفك بلاهاي». وآخر للتعبير عن أن وقت زمن النظام السوري ولى «علّي الطير.. علّي الطير.. باي باي يا بشار تصبح على خير».

ومن الشعارات الأخرى التي تميز بها الحماصنة، تلك التي خصوا بها قناة «وصال» الدينية والشيخ عدنان عرعور ابن حماه المنفي منذ أربعين عاما، والمتهم من قبل السلطات السورية بالتحريض على الاحتجاج «رشو ورد ورشو زهور عالقرضاوي والعرعور»، و«شكرا شكرا يا وصال ثورتنا عال العال». وكانت هذه من أكثر الهتافات استفزازا لوسائل إعلام النظام، التي اعتبرتها دليلا قاطعا على ضلوع العرعور في مؤامرة كبيرة تحاك ضد سوريا، في حين أن الحماصنة، وبينهم علمانيون، راحوا يهتفون للعرعور المعروف بتشدده وعدائه للشيعة، ليس إعجابا به، وإنما فقط نكاية في جماعة «منحبك»، حتى إن أحد ظرفاء الحماصنة كتب على صفحته على موقع «فيس بوك»، «رغم إلحادي أصبحت مدمنا على متابعة الشيخ العرعور، فهو الوحيد الذي يشفي غليلي برده على أبواق النظام».

ومن شعارات الحماصنة الطريفة تلك التي استعاروا فيها كلمات من خطاب الرئيس معمر القذافي: «زنقة زنقة دار دار.. بدنا نجيبك يا بشار»، و«زنقة زنقة دار دار.. ماهر أسوأ من بشار». أما الشعار الذي ردد الجمعة الماضية فكان «يا سوريا لا تخافي.. بشار قبل القذافي».

وفي ريف حمص، الذي يعيش قسم كبير منه من زراعة المشمش والتفاح، هتف المتظاهرون: «لا مشمش لا تفاح حتى يسقط السفاح»، في إشارة إلى تعطل مصالحهم وخراب زراعتهم بسبب النظام.

وإذا كان الحماصنة تحايلوا على القمع الوحشي بإبداع النكات والهتافات والأغاني الطريفة، فإن الحموية كشفوا عن وجههم المتجهم وتشددهم في الرد على الشبيحة. فرفعوا هتافهم الشهير «قولوا للشبيحة.. الحموية دبيحة».

والجمعة الماضي الذي مر دون دماء في حماه، كان هتافهم ألطف إلى حد ما، إذ هتفوا: «يا مشمش طاب قطافك يا مشمش»، في إشارة إلى حلول موسم قطاف المشمش وأيضا إسقاط النظام.

والحموية لم يفوتوا الفرصة لتوجيه هتافاتهم إلى روح الرئيس الراحل حافظ الأسد «عدوهم اللدود»، وكالوا في هتافاتهم اللعنات بمناسبة ذكرى وفاته، التي تزامنت مع يوم «جمعة العشائر» العاشر من يونيو (حزيران). وفي محافظة إدلب وفي المناطق الساحلية مثل بانياس، فكان التأكيد على رفض تدخل إيران وحزب الله، وكانت الهتافات تقول دائما: «لا حزب الله ولا إيران». كما وجهت في تلكلخ ضد حزب البعث هتافات رددت في كل أنحاء البلاد: «ما منحبك ما منحبك ارحل عنا أنت وحزبك»، في إشارة إلى حملة إعلانية سبق ونظمها رامي مخلوف، رجل الأعمال وابن خال الرئيس بشار الأسد عام 2007، بمناسبة تجديد ولايته للمرة الثانية وكانت الحملة تحت عنوان «منحبك». وأثارت عاصفة من الانتقادات حينها في الشارع، لاعتمادها على كلمة عامية في بلد يعتز باللغة العربية، وعدا ذلك فإن هذه الكلمة تعبير عاطفي يخلو من أي مضمون سياسي أو وطني، مما اعتبر إحدى ولدنات النظام التي تسيء للهوية القومية العروبية لسوريا، التي يطيب للسوريين وصفها بقلب العروبة النابض. واليوم يطلق السوريون على المؤيدين للنظام اسم «جماعة منحبك»، ويوصف غلاتهم بـ«المنحبكجية» كصيغة مبالغة.