تضارب الأنباء حول الوضع الصحي للرئيس اليمني

مقتل 10 جنود و21 من عناصر «القاعدة».. وهادي يوجه برعاية النازحين في أبين

جانب من مظاهرات مناهضة لنظام حكم الرئيس صالح ومطالبة بتشكيل مجلس انتقالي في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

تضاربت الأنباء أمس حول حقيقة الوضع الصحي للرئيس اليمني علي عبدالله صالح بعد أكثر من أسبوع على إصابته في القصر الرئاسي في صنعاء، في حين قتل مسلحون من تنظيم القاعدة ما لا يقل عن 10 جنود أضافة إلى مقتل ما يقل على العشرين من المسلحين على يد القوات الحكومية في جنوب البلاد.

وأوضح مصدر يمني في الرياض، أمس، السبت، أن صالح لا يزال في وضع «صحي سيء»، مؤكدا أنه يعاني من «مشكلات في الرئة والتنفس» ويحتاج إلى وقت أطول في مرحلة التعافي. وقال المصدر، طالبا عدم ذكر اسمه، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «المعلومات التي لدينا تؤكد أن الرئيس صالح لا يزال في وضع صحي سيء، خصوصا بسبب مشكلات يعاني منها في الرئة وعملية التنفس». وأضاف أن «ما يؤكد ذلك منع الكثير من الوزراء اليمنيين الذين حاولوا زيارته ورفض طلبهم». وبالنسبة للمسؤولين اليمنيين الآخرين الذين أصيبوا مع صالح، قال إن «حالة رئيس الوزراء، علي محمد مجور، تتجه نحو الأسوأ، ومعه رئيس مجلس الشورى، عبد العزيز عبد الغني»، موضحا أنهما «شوهدا والشاش الأبيض يلف جسديهما بشكل كامل بحيث لا يرى منهما شيء». وأشار إلى معلومات عن «إصابة نظريهما بأضرار نتيجة الحادث». وقد خرج صالح من العناية الفائقة في أحد مستشفيات الرياض، يوم الخميس، بعد «نجاح» عملية جراحية خضع لها.

وكان مسؤول سعودي أعلن، يوم الأربعاء، أن الحال الصحية للرئيس اليمني أصبحت «مستقرة»، واصفا معلومات صحافية عن تدهور وضعه بأنها «لا أساس لها». وقد نفى السفير اليمني في في لندن عبدالله الرضي أمس صحة الأنباء التي تحدثت عن تدهور صحة الرئيس اليمني، قائلاً في اتصال هاتفي مع الشرق الأوسط «إن الحالة الصحية للرئيس مستقرة».

وأصيب صالح في الثالث من يونيو (حزيران) الحالي بقذيفة سقطت على مسجد القصر الرئاسي خلال صلاة الجمعة، كما أصيب مسؤولون آخرون، بينهم رئيس الوزراء، ولقي 11 شخصا مصرعهم في القصف الذي اتهمت به إحدى القبائل. لكن مكتب ستراتفور الأميركي للشؤون الاستخباراتية اعتبر، يوم الخميس، أن سبب الانفجار قنبلة وليس قصفا بقذيفة «هاون» أو مدفع، مشيرا إلى محاولة اغتيال دبرها، على الأرجح، أشخاص من داخل نظامه. وبنى الخبراء الأميركيون استنتاجهم على تحليلهم لصور التقطت لمكان الانفجار من الداخل والخارج وصلتهم يوم الثلاثاء الماضي.

وقال سكوت ستيوارت، نائب رئيس المكتب: «بعدما نظرنا إلى هذه الصور عن كثب تمكنا من تحديد أن (الانفجار ناجم) بالفعل عن عبوة ناسفة وليس عن ذخيرة عسكرية». وتظهر الصور بشكل خاص أن حجارة المسجد دفعها عصف الانفجار خارجا أكثر منها إلى الداخل، وكذلك الأمر بالنسبة إلى إطارات النوافذ. وأضاف سكوت أن هذه المعطيات «تشير إلى أنه كان على الأرجح عملا من الداخل».

وفي صنعاء قالت مصادر سياسية مطلعة لـ « الشرق الأوسط « إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ، يكثفون من مشاوراتهم مع الأطراف اليمنية لتسهيل عملية انتقال السلطة بصورة سهلة وسلسلة ، خاصة في ظل الأنباء عن الحالة الصحية السيئة للرئيس اليمني علي عبد الله صالح الذي يواصل مؤيدوه التأكيد على انه سيعود « قريبا « إلى البلاد .وذكرت المصادر أن المشاورات تتم على أساس القناعة بان الرئيس صالح خارج العملية السياسية في اليمن ، بسبب وضعه الصحي.

وفي هذا السياق ، التقى هادي ، للمرة الثانية ، منذ تسلمه مهام « الرئيس المؤقت « ، قبل نحو 9 أيام ، بالسفير الأميركي بصنعاء ، جيرالد فايرستاين ، وذلك لـ « مناقشة القضايا والموضوعات المتصلة بالظروف الراهنة التي يمر بها اليمن « ، وحسب وكالة الأنباء اليمنية « سبأ « فان اللقاء ناقش ، أيضا ، « أهمية استمرار تثبيت وقف إطلاق النار وفتح جميع الطرقات والشوارع وعدم التعرض لمحطة الكهرباء التي تخدم الناس جميعا باعتبارها ملك للشعب وليس لحزب أو شيخ أو متنفذ وما يرتبط بها من ضخ للمياه واحتياجات الناس الحياتية المختلفة « ، ونقل عن هادي دعوته ، خلال اللقاء إلى « تغليب العقل والمنطق في هذا الجانب ومناقشة الأشياء بمواضيعها المطلوبة وتسمية الأشياء بأسمائها « ، وهي دعوة تشير بوضوح إلى وجود تباينات بشأن الأفكار المطروحة للنقاش حاليا بشأن انتقال السلطة .

وقد أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه العميق للتطورات التي يمر بها اليمن منذ 4 أشهر ، وعبرت عن هذا القلق كاثرين آشتون ، الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في رسالة تسلمها « الرئيس المؤقت « ، أمس ، في صنعاء من سفيرة الاتحاد وسفيري بريطانيا وفرنسا بصنعاء والذين التقوا منصور للمرة الثانية أيضا ، منذ تسلمه مهام الرئاسة ، وحسب المصادر الرسمية ، فقد إلى أكدت آشتون على « أهمية جلوس جميع الأطراف السياسية في اليمن على طاولة الحوار بما يسهم في الانتقال السلس للسلطة بصورة منظمة ودستورية وبما يتماشى مع المبادرة الخليجية والعمل لما فيه مصلحة الشعب اليمني « .

وعلى الصعيد الأمني، أعلنت وزارة الدفاع اليمنية مقتل 10 جنود و21 مسلحا من «القاعدة» في اشتباكات في محافظة أبين، معقل الشبكة المتطرفة في جنوب اليمن، بحسب حصيلة جديدة نشرتها وزارة الدفاع اليمنية على موقعها الإلكتروني. ونقل الموقع عن المتحدث العسكري في الجنوب قوله إن معارك دارت بين القوات الحكومية «والإرهابيين من (القاعدة)» في زنجبار، كبرى مدن محافظة أبين، مما أدى إلى «مقتل 18 إرهابيا و9 جنود». وأوضح أن «الإرهابيين لقوا مصرعهم عند محاولة مجاميع منهم تنفيذ هجوم مسلح على معسكر اللواء 25»، مشيرا إلى مقتل «9 من أفراد اللواء في المواجهات وإصابة آخرين». وأضاف أن «3 إرهابيين من (القاعدة) وجندي واحد قتلوا» في مكمن للتنظيم المتطرف في لودر، الواقعة في المحافظة ذاتها وتبعد مسافة 120 كلم عن زنجبار. وتابع أن الهجوم استهدف «قافلة تموينية بينما كانت في طريقها من محافظة البيضاء إلى مديرية لودر».

وكان مسؤول محلي في لودر أعلن في وقت سابق مقتل 6 جنود في المكمن، كما كان شهود عيان أكدوا في وقت سابق مقتل 5 جنود في الحادث ذاته. وأضافوا أن «مسلحين هاجموا قافلة تحمل تعزيزات عسكرية ولوجيستية للواء 111 المنتشر في مدينة لودر». وتابعوا أن «جثث الجنود كانت ملقاة قرب 3 آليات عسكرية احترقت خلال الهجوم». وقد قتل 15 شخصا قبل يومين؛ هم 12 من عناصر «القاعدة» و3 جنود، في معارك حول زنجبار التي تسيطر عليها «القاعدة» منذ 29 مايو (أيار) الماضي. وقد نسبت صحيفة «26 سبتمبر» الحكومية لمصدر عسكري مسؤول في المنطقة العسكرية الجنوبية أن «أبطال القوات المسلحة والأمن في محافظة أبين كبدوا العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد بعد مواجهات عنيفة مع تلك العناصر بدأت في ساعة مبكرة من صباح اليوم (أمس) السبت، واستمرت عدة ساعات وانتهت بمقتل عدد منهم وإصابة آخرين». وأضافت الصحيفة أن «18 إرهابيا من تلك العناصر لقوا مصرعهم وأصيب العشرات عند محاولة مجاميع منهم تنفيذ هجوم مسلح على معسكر اللواء 25 ميكا، فتصدى لهم أبطال اللواء وألحقوا بهم خسائر كبيرة».

وذكرت الصحيفة أن 3 من تنظيم القاعدة لقوا مصرعهم، أمس، السبت، وأصيب 10 آخرون، بينما قتل جندي وأصيب 3 أثناء تصدي أفراد من اللواء 111 مشاة لمجموعة إرهابية مسلحة من «القاعدة»، نصبت كمينا لقافلة تابعة للواء تحمل مواد تموينية وهي في طريقها من محافظة البيضاء إلى مديرية لودر في محافظة أبين، حيث وجه لهم أفراد اللواء 111 ضربة قوية أدت إلى سقوط ذلك الكثير منهم بين قتيل وجريح، ولاذ الباقون بالفرار.

في هذه الأثناء، وجه الفريق عبد ربه منصور هادي، نائب الرئيس اليمني القائم بمهامه وأعماله، أمس، بتشكيل لجنة لمساعدة المواطنين الذين نزحوا عن محافظة أبين جراء المواجهات المسلحة التي تدور منذ نحو أسبوعين بين قوات الألوية العسكرية والمسلحين المتشددين. يذكر أن الفرعين، السعودي واليمني، في «القاعدة» اتحدا في يناير (كانون الثاني) 2009 لتشكيل تنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» الموجود بقوة في جنوب اليمن وشرقه، حيث غالبا ما تتعرض قوات الأمن لهجمات. ويضم تنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» رعايا من بعض الدول العربية ويترأسه اليمني ناصر الوحيشي الذي تمكن عام 2006 من الفرار من السجن برفقة 22 آخرين، أما نائبه فهو السعودي سعيد الشهري الذي أفرج عنه الأميركيون من غوانتانامو عام 2007.