بترايوس يبحث الأزمة الليبية في روما.. والقذافي يغازل الكونغرس الأميركي

تركيا تعرض ضمانات على القذافي لرحيله.. وابنة العقيد الليبي ترفع دعوى ثانية في باريس لمقتل 4 من أسرتها

ديفيد بترايوس (نيويورك تايمز)
TT

أعلنت وزارة الخارجية الإيطالية، أمس، أن قائد القوة الدولية في أفغانستان الجنرال الأميركي ديفيد بترايوس، الذي سيتولى قريبا رئاسة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، بحث في روما سبل التوصل إلى «حل سياسي» للنزاع في ليبيا. وأوضحت الوزارة في بيان أن وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني ناقش وقائد القوة الدولية للمساعدة على إرساء الأمن في أفغانستان (إيساف) التابعة لحلف شمال الأطلسي «تشديد الضغط السياسي والعسكري على نظام القذافي وإمكانية التوصل إلى حل سياسي لليبيا ديمقراطية». من جهتها، عرضت تركيا على العقيد معمر القذافي ضمانات ليغادر ليبيا، لكنها لم تتلق ردا حتى الآن، حسبما أكده رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان. وفي وقت يبحث فيه الجنرال الأميركي ديفيد بترايوس، الذي سيتولى قريبا رئاسة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، مع مسؤولين إيطاليين في روما سبل التوصل إلى «حل سياسي» للنزاع في ليبيا، كشفت مصادر أميركية عن أن الزعيم الليبي بعث برسالة شكر إلى الكونغرس، لانتقاده الرئيس باراك أوباما بشأن العمليات العسكرية على بلاده.

وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في مقابلة تلفزيونية أمس، إن حكومته عرضت على القذافي «ضمانات» مقابل مغادرته البلاد. وقال أردوغان لتلفزيون «إن تي في»: «لا خيار للقذافي سوى مغادرة ليبيا.. مع منحه ضمانا». وأضاف «قدمنا له هذا الضمان وقلنا له إننا سنساعد على إرساله إلى أي مكان يرغب في الذهاب إليه».

وتابع رئيس الوزراء التركي «سنناقش المسألة مع حلفائنا في الحلف الأطلسي حسب الرد الذي سنحصل عليه.. لكن للأسف لم نتلق منه ردا حتى الآن». وعبر أردوغان عن أسفه لأن العقيد القذافي والمحيطين به يواصلون «مقاومة التغيير فعلا» مع أن الزعيم الليبي «فقد إلى حد كبير مكانته القيادية» بين قبائل البلاد.

وفي نواكشوط، التقى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز مساء أول من أمس، وفدا حكوميا ليبيا برئاسة عمران بوكراع أمين الشؤون العربية الليبي. وقالت وكالة الأنباء الليبية إن البحث تناول «المساعي الأفريقية لحل سياسي للأزمة الليبية». ونقلت وكالة الأنباء الموريتانية عن بوكراع قوله إثر اللقاء إن الوفد ناقش مع الرئيس «دور موريتانيا كرئيس للجنة العليا رفيعة المستوى التي تقود المسار الأفريقي لمعالجة الأزمة الليبية». وأضاف المسؤول الليبي «وجدنا من فخامة الرئيس كل الحماس والتأكيد على عزم الحكومة الموريتانية بالتعاون مع أشقائها الأفارقة، من أجل دعم هذا المسار ووصول المساعي الأفريقية لحل سياسي للأزمة الليبية».

وكان الرئيس الموريتاني قال في تصريحات سابقة، إنه «مهما حصل سيكون هناك حل تفاوضي مع الوقت. وعلى كل حال لم يعد بإمكان القذافي أن يحكم ليبيا». وأكد ولد عبد العزيز الذي يرأس لجنة القادة الأفارقة المكلفين إيجاد حل سياسي تفاوضي للنزاع الليبي، أن رحيل القذافي «بات ضرورة». وبعيد اندلاع حركة التمرد المسلحة في ليبيا في منتصف فبراير (شباط) أعد الاتحاد الأفريقي «خارطة طريق» تنص على وقف إطلاق النار والدخول في مرحلة انتقالية ودافع عنها بإصرار لكن ذلك لم يلق صدى على الأرض حيث واصل حلف شمال الأطلسي قصفه لقوات القذافي.

وفي واشنطن، أعلن مصدر أن القذافي أشاد بالكونغرس الأميركي لانتقاده الرئيس الأميركي باراك أوباما بشأن العمليات العسكرية التي يشنها الحلف الأطلسي على بلاده. وتحدث القذافي في رسالة وجهها إلى الكونغرس ووقعها بصفته «قائد الثورة العظمى»، عن الجدل المتزايد حول ما إذا كان أوباما تجاوز صلاحياته الدستورية بإشراك قوات أميركية في النزاع دون تفويض من الكونغرس. وقال الزعيم الليبي في الرسالة التي لم يوجهها إلى أي عضو محدد في الكونغرس واطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية، إنه تابع «باهتمام كبير» المناقشات في الكونغرس حول المشاركة الأميركية في الهجوم على قواته.

وأضاف «نحن واثقون من أن التاريخ سيشهد على حكمة بلادكم في مناقشة هذه القضايا». وأكدت مصادر عدة في الكونغرس أن الرسالة وصلت، إلا أنها لم تؤكد صحتها. وقال الناطق باسم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد «تلقينا رسالة ونمضي وقتا طويلا في التحقق من صحتها لأننا لا نكترث بما يقوله لنا ما لم يكن استقالته». وفي رسالته أكد القذافي أن ليبيا تعول على «كونغرس الولايات المتحدة.. لمواصلة التحقيق في نشاطات الحلف الأطلسي وحلفائهم» في عمليات أودت بحياة 700 مدني، على حد قوله. وكتب الزعيم الليبي أن «عمليات من هذا النوع تشكل تدخلات غير مشروعة وغير مناسبة في ما هو حرب أهلية أساسا». وأضاف «ندعو إلى وقف لإطلاق النار وتأمين مساعدة إنسانية». كما طلب القذافي مساعدة «لتشجيع وتعميق العلاقات بين الأطراف في ليبيا التي تواجه خلافا حاليا». وأكد الزعيم الليبي أن حكومته مستعدة لإجراء مناقشات مع مسؤولي المعارضة تحت إدارة الولايات المتحدة «لوقف التدمير» والتقدم باتجاه السلام.

من جهته، أعلن محامي عائشة القذافي أن ابنة الزعيم الليبي معمر القذافي رفعت دعوى ثانية في باريس تتعلق «بجرائم حرب» و«قتل» بعد مقتل أربعة من أفراد عائلتها في غارة لحلف شمال الأطلسي نهاية أبريل (نيسان) في طرابلس. وكان محاميان فرنسيان أكدا أنهما موكلان من قبل عائشة القذافي رفعا دعوى في باريس وأخرى في بروكسل للوقائع نفسها. وقالت إيزابيل كوتان بير التي أكدت أنها محامية ابنة الزعيم الليبي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنها تقدمت بدعوى منفصلة إلى نيابة باريس.

وتستهدف هذه الدعوى وقائع «قتل وجرائم حرب» ارتكبها «الضباط الفرنسيون» العاملون في إطار عملية حلف شمال الأطلسي، والحلف نفسه و«وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونغيه» و«رئيس الجمهورية قائد الجيوش» نيكولا ساركوزي. وأوضحت المحامية نفسها أنها زارت ليبيا هذا الأسبوع بطلب من عائشة القذافي التي طلبت منها رفع الدعوى. وتتعلق الدعوى بالغارة التي شنها الحلف الأطلسي في 30 أبريل وقتل فيها سيف العرب القذافي (29 عاما) أصغر أبناء القذافي وثلاثة من أحفاد الزعيم الليبي هم سيف (سنتان) وقرطاج (سنتان) ومستورة (أربعة أشهر)، حسب طرابلس. وتتعلق الدعويان الأخريان اللتان رفعهما الثلاثاء أمام نيابة بروكسل والنيابة الفيدرالية البلجيكية المحامي لوك بروسوليه وفي باريس دومينيك أتدجيان، بـ«جرائم حرب» و«قتل».