تعتيم رسمي على مجازر اللاذقية.. وحملات اعتقال تطال الأحياء كافة

حي الرمل عصي على أجهزة الأمن.. ومئات الجرحى نتيجة استهدافه بقصف مكثف

صورة مأخوذة من اليوتيوب لمظاهرة في اللاذقية أول من أمس
TT

عاش سكان مدينة اللاذقية السورية ليلة مروعة على وقع إطلاق رصاص كثيف وقصف مدفعي استهدف حي الرمل، المحاذي لأحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، الذي يشكل السوريون غالبية قاطنيه.

يأتي هذا الاستهداف المركز بعد أن شهدت المدينة الساحلية خلال «جمعة العشائر» خروج مظاهرات حاشدة انطلقت من مناطق الصليبية والعوينة وشارع إنطاكية وحي الطابيات تطالب بالحرية وتهتف لإسقاط النظام الحاكم، وكان أضخم تلك التحركات تنظيما وعددا تلك التي خرجت من حي الرمل.

وأشار شاهد عيان لـ«الشرق الأوسط» إلى أن حي الرمل تعرض بعد تحركات «جمعة العشائر» لقصف عنيف من جهة حي اليهودية المحاذي، ومن جهة البحر بواسطة الزوارق الحربية ومن القناصة من السادسة مساء حتى ساعات الفجر الأولى. ولفت إلى وقوع «صدامات بين المتظاهرين والأمن أثناء المظاهرات التي شهدها الحي، بعد أن تصدى الأهالي لهجوم الأمن بالديناميت والمولوتوف، بحيث لم تتمكن القوى الأمنية، بسبب ضيق المساحات داخل الحي والاكتظاظ السكاني فيه، من اقتحام البيوت كما فعلت في أحياء أخرى. وبعد أن فشلت في محاولة القيام بإنزال عسكري من البحر، عمدت القوى الأمنية إلى قصف عشوائي للحي، مستهدفة جميع سكانه.

وأكد الشاهد العيان نفسه «انهيار بناء مؤلف من طوابق عدة نتيجة القصف وسقوط أكثر من 13 قتيلا، عرف منهم زاهر فيضو، إضافة إلى مئات الجرحى الذين تتم معالجتهم في البيوت بسبب منع دخول سيارات الإسعاف إلى الحي.

ويشكو سكان مدينة اللاذقية من ضعف التغطية الإعلامية للأحداث التي تشهدها مدينتهم، نتيجة التعتيم الذي يفرضه النظام، بحيث لم يتم تسليط الضوء على الكثير من المجازر التي تعرضت لها المدينة. وذكر أحد الناشطين أن الكثير من المجازر وقعت، وأبرزها مجزرة المحطة عند دوار اليمن (قرب محطة القطار)؛ حيث فتحت قوات الأمن النار على المتظاهرين الذين خرجوا للتنديد بخطاب الرئيس بشار الأسد الذي ألقاه أمام مجلس الشعب فسقط أكثر من 30 قتيلا وعشرات الجرحى.

وشهدت منطقة الصليبية وحي الطابيات مجازر عدة، إحداها عند مقهى العلبي وسط الحي وأخرى عند طريق الحرش المؤدي إلى حي الطابيات. ووفق ما أفاد به أحد قاطني الحي لـ«الشرق الأوسط»، فإن «الجثث بقيت ليلة كاملة من دون أن يتمكن أحد من سحبها إلى أن قامت القوى الأمنية بذلك وعملت سيارات الإطفاء على غسل الشوارع من آثار الدماء».

ولفت إلى أن المدينة تعرضت للكثير من حملات التنكيل والقمع؛ إذ تم اقتحام الاعتصام السلمي الذي أقامه سكان حي الصليبية بطريقة وحشية، وشهدت منطقة العوينة والقلعة وشارع إنطاكية حملات اعتقال واسعة استهدفت بشكل خاص الشباب الذين شاركوا في المظاهرات المطالبة بالحرية وتعرضوا لتعذيب شديد قبل أن يطلق سراحهم.

ونتيجة التضييق الشديد على هذه الأحياء، لم يبقَ لسكان المدينة الراغبين بالتظاهر سوى التوجه إلى حي الرمل الذي تعرض قاطنوه كذلك لحملات اعتقال، إلا أنه بقي عصيا على أجهزة الأمن التي لا تزال تخشى اقتحامه بسبب كثرة الأزقة التي تتفرع منه، وبسبب تخوفها من أن تقع في يد الأهالي بـ«المفرق» في حال أرادت التغلغل فيه، مما دفعهم إلى خيار اللجوء للقصف المدفعي.

كان سكان منطقة الرمل الفلسطيني في اللاذقية قد أقدموا، الأسبوع الفائت، على إطلاق بالونات ملونة ضخمة كُتبت عليها شعارات مناهضة للنظام على غرار «الشعب يريد محاكمة القتلة»، و«الموت ولا المذلة»، و«سلمية سلمية» و«الشعب يريد إسقاط النظام».. وقد تطايرت البالونات في سماء المدينة مسببة إرباكا لأجهزة الأمن بعد أن تحولت سماء المدينة إلى مظاهرة عصية على القمع.