العاهل الأردني: الإصلاح في مقدمة أولوياتنا.. وهو ليس حكرا على أحد

دعا مواطنيه إلى التمييز بين التحولات الديمقراطية وأخطار الفوضى والفتن

صورة وزعها القصر الملكي الأردني للملك عبد الله الثاني وهي يحيي المواطنين في عمان أمس، احتفالا بالسنة الثانية عشرة لتوليه عرش بلاده (أ.ب)
TT

دعا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أبناء الشعب الأردني إلى التمييز الواعي بين التحولات الديمقراطية المطلوبة والممكنة، وأخطار الفوضى والفتن.

وقال الملك عبد الله الثاني، في خطاب للشعب الأردني، أمس، بمناسبة احتفالات الأردن بذكرى الثورة العربية الكبرى ويوم الجيش وعيد الجلوس الملكي: يجب أن نميز بين التحولات الديمقراطية تجاه الإصلاح، وتوظيفها لخدمة بعض الأجندات الحزبية أو الفئوية خارج السياق العام، والرؤية الشمولية لعملية الإصلاح.

وأشار إلى أن الإصلاح في الأردن ليس حكرا على أحد، ونحن أصحاب مسيرة طويلة مع الإصلاح، الذي كان على الدوام في مقدمة أولوياتنا، منذ أن تسلمت أمانة المسؤولية، وعملت بكل الوسائل من أجل إحداث الإصلاح والتغيير.

وأعلن العاهل الأردني رؤيته الإصلاحية للمستقبل، الذي تترسخ فيه الديمقراطية والمشاركة الشعبية نهجا ثابتا، لتعزيز بناء الدولة الأردنية، التي يكون العدل غايتها، والتسامح رسالتها، وحقوق الإنسان هدفها؛ حيث لا تطرف ولا تعصب ولا انغلاق، بل حالة من الديمقراطية والتعددية والمشاركة، وذلك عبر خطوات سياسية إصلاحية سريعة وملموسة، تستجيب لتطلعات شعبنا في الإصلاح والتغيير، بعيدا عن الاحتكام إلى الشارع وغياب صوت العقل.

وأكد الملك عبد الله الثاني مبدأ المواطنة، وأن الانتماء لهذا الوطن هو الذي يحدد الهوية الوطنية للإنسان، ويحدد حقوق المواطنة وواجباتها، بغض النظر عن خصوصية المنابت والأصول، أو المعتقدات الدينية، أو التوجهات الفكرية والسياسية، ولا فضل لأحد على آخر إلا بما يعطي لهذا الوطن. وأكد وقوفه على مسافة واحدة من الجميع من دون تمييز، وأن الفصل بين السلطات وفق الدستور. وقال: إن الإصلاحات السياسية ستنطلق من توصيات لجنة الحوار الوطني التوافقية نحو قانوني الانتخاب والأحزاب؛ بحيث تكون ممثلة لطموح الأردنيين، وتضمن إنجاز قانون انتخاب عصري يقود إلى مجلس نواب يكون ممثلا لجميع الأردنيين، وموضع ثقتهم في الحفاظ على حقوقهم وتحقيق تطلعاتهم.

وأضاف أنه ينبغي لهذا القانون أن يضمن النزاهة والشفافية في العملية الانتخابية، وضمن آلية تقود إلى برلمان بتمثيل حزبي فاعل، مما يسمح في المستقبل بتشكيل حكومات على أساس الأغلبية النيابية الحزبية وبرامج هذه الأحزاب.

وأشار إلى أن ممارسة ذلك عمليا تلتقي مع الـمراجعات الدستورية، التي تضعها اللجنة الملكية «التي كلفناها مؤخرا بالنظر في أي تعديلات دستورية ملائمة لحاضر الأردن ومستقبله، لتنفيذها وفق قنوات التعديل الدستوري من أجل ضمان مؤسسية العمل الديمقراطي النيابي التعددي، وهو عماد العملية السياسية في الأردن». وأكد الجدية في تنفيذ مخرجات عملية الحوار، من خلال توجيه الحكومة لإجراء الانتخابات النيابية المقبلة، على أساس القوانين السياسية التوافقية الناتجة عن الحوار لتحقيق المزيد من عدالة التمثيل، وتحفيز مشاركة الأحزاب الوطنية بالانتخابات النيابية بحرية وفاعلية، ووصول أعضائها إلى مجلس النواب، ليتمكنوا من المشاركة في الحكومات على أساس البرامج الحزبية، ونسبة تمثيلها في المجلس، وذلك كله في إطار التعددية والإيمان بالديمقراطية النيابية في سائر الأوقات والظروف.

وأشار إلى أن التوافق الوطني والمشاركة الشعبية وعدم احتكار أي مجموعة للمشهد الإصلاحي، وفرض شروطها على الآخرين، هي التي تعزز النهج الإصلاحي الذي لا حاجة معه إلى استرضاء أحد، ولا الـخضوع لشروط أي تيار، ما دمنا متفقين على جوهر الإصلاح.

ووجه الملك الحكومة لتنظيم انتخابات بلدية جديدة وفق قانون جديد، يضمن تمثيلا أكبر للمجتمعات المحلية بهدف خدمة المواطنين، بشكل أكثر كفاءة ونزاهة، كمرحلة أساسية في تنفيذ خطة اللامركزية الأوسع، التي تقوم على إنشاء مجالس المحافظات، حتى تزيد من المشاركة الشعبية في صنع القرارات، وتحديد الأولويات التنموية المحلية. وأكد أهمية الإسراع في العمل من أجل رفع كل أشكال التمييز ضد المرأة في المنظومة التشريعية، من خلال المؤسسات السياسية والتمثيلية.

كما أكد العاهل الأردني عزمه على محاربة الفساد بكل أشكاله، ورحب بكل الرؤى التي من شأنها مأسسة دور هيئة مكافحة الفساد، وتمكينها من البـت في الشبهات كلها بشكل سريع، وتحفيزها علـى فتح قنوات التواصل والحوار، لاستقبال أي شكاوى أو اتهامات بالفساد، وإطلاع الناس، بشكل دوري، على نتائج أعمالها، بما لا يؤثر على سير العدالة، ويقطع الشك والشائعات باليقين، مشيرا إلى أن التعامل مع الفساد على أساس الشائعات والأقاويل، على حساب التصدي له، من خلال القضاء والمؤسسات الرقابية الفاعلة، يشوه سمعة الأردن إقليميا وعالميا، ويؤثر سلبا على جذب الاستثمارات.