طهران تحذر واشنطن من «عواقب» إذا تدخلت في عمل عسكري ضد سوريا

قالت حول تقارير أميركية عن نشر شبكات إنترنت وهواتف سرية لدعم الاحتجاجات: سنرى لمن الغلبة

TT

اتهمت طهران، أمس، أميركا وإسرائيل بالتدخل في شؤون سوريا، في رد على اتهامات غربية لإيران بتقديم المساعدة لدمشق لقمع المعارضة السورية، محذرة واشنطن من القيام بعمل عسكري يستهدف دمشق، واصفة أي توجه بهذا الصدد بـ«العمل الخاطئ». كما حذرتها أيضا من نشر شبكات إنترنت وهواتف سرية ليستخدمها المحتجون في تنظيم أنفسهم لمواجهة حكوماتهم «القمعية».

وقال رامين مهمان باراست، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، أمس، إن «بعض الأنظمة، وخاصة أميركا والنظام الصهيوني، والتي لها أهداف خاصة تحرض الجماعات الإرهابية في سوريا وفي المنطقة لتنفذ عمليات إرهابية وتخريبية». وكانت إيران قد عبرت عن تأييدها للانتفاضات في معظم العالم العربي، لكنها لم تفعل ذلك مع سوريا التي تشارك معها فيما يعرف بـ«خط الممانعة» ضد إسرائيل وتدعم كل منهما حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وحزب الله اللبناني.

كما كانت السلطات الإيرانية قد قمعت بعنف مظاهرات نظمتها المعارضة الإيرانية احتجاجا على إعادة انتخاب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في يونيو (حزيران) 2009 متهمة الحكومة بتزويرها لصالح الأخير.

وأيد مهمان باراست ما تقوله حكومة دمشق من أن الاحتجاجات المندلعة منذ ثلاثة أشهر هي جزء من مؤامرة تدعمها قوى أجنبية. وقال إن «النظام الصهيوني والمدافعين عنه يشعرون بتهديد خطير. لذلك يفعلون كل ما يستطيعون للقضاء على خط الممانعة الذي يقف ضد عدوان النظام الصهيوني».

وكانت بريطانيا قد أعلنت عن أن هناك «معلومات ذات مصداقية تشير إلى أن إيران تساعد سوريا على قمع الاحتجاجات هناك بما في ذلك توفير الخبرة والمعدات»، وهو اتهام نفته طهران.

وأضاف مهمان باراست أن «ما يحدث في سوريا شأن داخلي. الحكومة والشعب السوري ناضجان سياسيا بما يكفي لحسم القضايا التي تخصهما». وحذر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية من أي تدخل عسكري صريح من جانب الغرب، وقال «نعتقد أنه ليس من حق الأميركيين بأي حال التدخل عسكريا في أي دولة بالمنطقة، أعني سوريا. نرى أن هذا تصرف خاطئ.. يمكن أن تكون له عواقب على المنطقة».

وحول الشأن الداخلي الإيراني، ندد المتحدث باسم وزارة الخارجية بـ«تدخل» بريطانيا والولايات المتحدة في شؤون بلاده. وصرح مهمان باراست قائلا «نفاجأ بتصريحات لمسؤولين بريطانيين وأميركيين يتدخلون علنا في الشؤون الداخلية لبلادنا ودول المنطقة». وأضاف «برأينا من الأفضل لو استمع المسؤولون الأميركيون والبريطانيون لشعوب المنطقة ليتفهموا أن السبب الرئيسي لتحركات الشعوب المسلمة هو غضبهم ضد سياسة بريطانيا والولايات المتحدة».

وجاء رد مهمان باراست تعليقا على تصريح رسمي لوزارة الخارجية البريطانية بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لإعادة انتخاب أحمدي نجاد المثيرة للجدل التي صادفت الأحد الماضي عندما توجهت مجموعات صغيرة تلبية لنداءات على مواقع للمعارضة إلى وسط طهران حيث شاركت في مسيرة صامتة في الذكرى السنوية. إلا أن الانتشار الكثيف لرجال الشرطة حال دون أي تجمع.

وكان وزير الدولة للشؤون الخارجية البريطانية إليستر بورت طالب في بيان السلطات الإيرانية بـ«الإفراج فورا عن كل الذين اعتقلتهم (الأحد) وخلال العامين الماضيين لأنهم مارسوا فقط ما هو حقهم المشروع».

كما طالب بـ«فتح تحقيق شفاف حول وفاة رضا هدى صابر والناشطة في الدفاع عن حقوق الإنسان هالة صحابي».

وقضى رضا هدى صابر الصحافي المعارض للنظام الإيراني جراء أزمة قلبية خلال وجوده في المستشفى الذي نقل إليه من السجن بعد إعلانه إضرابا عن الطعام، وفق ما نقله موقع «كلمة» المعارض. ونفت سلطات السجن أنه كان مضربا عن الطعام. وكان صابر بدأ إضرابه عن الطعام في 2 يونيو، اليوم نفسه الذي قضت فيه الناشطة السياسية هالة صحابي أثناء حضورها مراسم دفن والدها، القيادي في حزب معارض.

وفي سياق ذي صلة، حذر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية واشنطن من نشر شبكات إنترنت وهواتف سرية في الدول «القمعية» ليستخدمها الثوار. وقال مهمان باراست، إن «مثل هذه الخطوة يمكن أن تصبح فشلا محرجا للولايات المتحدة». وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية قد كشفت في وقت سابق عن أن الولايات المتحدة ترعى مشاريع كإقامة شبكات هواتف جوالة سرية في عدد من الدول وكذلك برنامج «إنترنت داخل حقيبة سفر» يتيح للمستخدمين الاتصال بشبكات لا سلكية مستقلة.

وقال المسؤول الإيراني: «يسعى الأميركيون منذ زمن طويل إلى شن حرب ناعمة (ضد إيران) وها هم يخططون الآن لحرب إلكترونية»، وهدد واشنطن بأن خبراء الإنترنت من إيران والمنطقة بشكل عام سيردون بصورة صارمة على مثل هذه التحركات. وقال: «لننظر بعدها لمن ستكون الغلبة في النهاية». ووفقا لتقرير الصحيفة الأميركية فإن وزارة الخارجية تقوم حاليا بتمويل نشر شبكات لا سلكية في دول مثل إيران وسوريا وليبيا لمساعدة المعارضين في هذه الدول على التغلب على السيطرة الحكومية على وسائل الاتصال المرخصة رسميا.

إلى ذلك، أعرب المتحدث الإيراني عن اعتقاده بأن «العلاقات الجيدة» بين بلاده ومصر لا تتوقف على قضايا ومواضيع «ثانوية» كتغيير اسم أحد الشوارع في طهران.

وقال ردا على سؤال في المؤتمر الصحافي حول قيام وفد مصري بزيارة إلى إيران مؤخرا ومطالبته بتغيير اسم شارع خالد الإسلامبولي وموقف بلاده من ذلك، إن زيارات وفود النخب المصرية إلى إيران تأتي في سياق «تعزيز العلاقات بين البلدين». وأضاف «لقد أعلنا سابقا أن إيران ومصر وبالنظر للماضي المشترك التاريخي والحضاري العريقين ترغبان في تعزيز العلاقات بينهما وينبغي تهيئة الساحة الطبيعية لإرساء العلاقات بشكل رسمي بين البلدين». وأكد أن «المهم في هذا الصدد هو الدافع والإرادة لدى المسؤولين في كل من إيران ومصر».

وكانت طهران قد أطلقت تسمية خالد الإسلامبولي الذي اغتال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، على أحد شوارعها ردا على استضافة مصر لشاه إيران المخلوع رضا بهلوي بعد الإطاحة به عام 1979.