اليمن: تشكيك في «الشريط الصوتي» ومؤسسات الدولة «غائبة»

بعد أن تعرض الرئيس صالح وكبار رجال الدولة والحكومة اليمنية للاعتداء

TT

بعد أن تعرض الرئيس علي عبد الله صالح وكبار رجال الدولة والحكومة اليمنية للقصف داخل مسجد النهدين في محيط دار الرئاسة بحي «السبعين يوما» بجنوب صنعاء، شكك كثير من الناس في رواية تعرضه للإصابة، وتطابقت طروحات التشكيك هذه بين الموالين له والمعارضين وكذا الشارع والمواطن العادي. وعندما أعلن أن صالح سوف يوجه كلمة إلى الشعب اليمني أو سيعقد مؤتمرا صحافيا، بعد ساعات من الحادث، كانت هناك حالة تخبط وازداد التشكيك في تعرضه للإصابة، ولكن وعندما أطل الرئيس اليمني على شعبه عبر كلمة مسجلة (شريط صوتي)، انقسم الشارع اليمني بين مصدق ومكذب لإصابته، حتى تأكد كثيرون أنه فعلا مصاب، عندما نقل إلى المملكة العربية السعودية لتلقي العلاج.

الساعات التي فصلت بين الإعلان عن إصابة الرئيس صالح والإعلان عن نقله إلى السعودية، وما بين الإعلانيين وهو خطابه المسجل، الذي بدا صوته فيه متعبا ومصابا، تلك الساعات طرح خلالها أن التسجيل الصوتي ليس لصالح وإنما لأشخاص يقلدون صوته، وحتى اللحظة ما زال البعض يؤمن بذلك.

ويرجع التشكيك في صحة التسجيل الصوتي بأنه للرئيس اليمني، حسب المراقبين، إلى وجود كثير من الأشخاص في الساحة اليمنية يقلدون صوته بصور شتى، أحيانا بسخرية من وعوده الدائمة للشعب بالرخاء، وأحيانا سخرية من طريقة حديثه في خطاباته، وتارة بسبب أخطائه اللغوية واستخدامه الأداة «لن» في موضع يفترض استخدام «لم» فيه، وتارة أخرى يأتي التقليد في سياق زيادة شعبية صالح نفسه، حيث يقول البعض إنه استحسن شخصيا ما يقوم به بعض المقلدين في أوقات كان مزاجه فيها حسنا، ورفض سجنهم أو معاقبتهم.

وضمن ما يتداوله الشارع اليمني أن نظام صالح ولكي لا يظهر أن الرئيس مصاب وفي حالة خطرة، كي لا تنفلت الأمور، أكثر مما هي عليه، لجأوا إلى الاستعانة بأحد الأشخاص الذين يتقنون تقليد الرئيس وكتب له الخطاب الصوتي وطلب منه أن يؤديه بصوت مبحوح ومتعب، خاصة أن كثيرا من الناس، يعتقدون أن «كبرياء» صالح لا يسمح له بأن يظهر على شعبه بالحالة التي ظهر عليها عبر التسجيل الصوتي، مصابا وضعيفا وهو الرجل القوي في البلاد. إلا أن البعض يطرح طرحا مغايرا ويقول إن صالح أراد مخاطبة مشاعر الجماهير كي يؤثر عليهم بموضوع استهدافه كي «يفرمل» موجة التأييد الشعبي لرحيله عن الحكم.

وأصيب الرئيس اليمني ومعه رئيس مجلس النواب (البرلمان)، يحيى الراعي، ورئيس مجلس الوزراء، الدكتور علي محمد مجور، ورئيس مجلس الشورى، عبد العزيز عبد الغني، وعدد من كبار المسؤولين في القصف الذي استهدف دار الرئاسة اليمنية والذي لم تعرف، حتى اللحظة، الجهة التي تقف وراءه، ويتلقى الجميع العلاج حاليا في السعودية بالمستشفى العسكري بالرياض.

وأدى حادث التفجير إلى غياب رئيس البرلمان ورئيس الحكومة ونائبيه عن المشهد السياسي وتعطيل هذه المؤسسات، خاصة أن الحكومة هي حكومة تصريف أعمال وأن البرلمان انتهت فترته التشريعية. وبغياب صالح وهذه القيادات وتعطيل الحكومة والبرلمان، باتت جميع مؤسسات الدولة معطلة في اليمن، خاصة أن نواب المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك»، مقاطعون لأعمال البرلمان، وكذا النواب الذين استقالوا من كتلة الحزب الحاكم في البرلمان وانضموا إلى الثورة الشبابية وشكلوا تكتلا مستقلا داخل الساحة السياسية وداخل مجلس النواب.

ولم يبق في واجهة الساحة الرسمية في اليمن، سوى نائب الرئيس والقائم بأعماله عبد ربه منصور هادي، ويعتقد المراقبون هذا المشهد المعطل لمؤسسات الدولة الرسمية، إضافة إلى انشقاق كثير من وحدات الجيش والأمن وانضمامها إلى الثورة، جعل اليمن، هذه الأيام، دون قياداته ودون مؤسساته التشريعية والتنفيذية والأمنية والعسكرية، وهو ما يعتبره المعارضون سقوطا للنظام لم تتبق سوى لمسات بسيطة لاكتماله بعدم عودة صالح إلى البلاد.