ذعر في معرة النعمان بعد أنباء عن نية «الفرقة الرابعة» اقتحامها.. وحماه تتخوف من دخول الجيش

مدرعات آلية تتحرك باتجاه مدينة جديدة في إدلب وإنزال جنود دخلوا المدينة

متظاهرون سوريون يرفعون طفلا بين ايديهم خلال مظاهرة معارضة للنظام في مدينة دير الزور أمس (رويترز)
TT

بدأ الجيش السوري نشر قواته على مداخل مدينة خان شيخون التابعة لمحافظة إدلب (شمال غرب) استمرارا لحملته العسكرية والأمنية في ريف إدلب، فيما تحولت معرة النعمان إلى مدينة أشباح تحضرا لعملية عسكرية وشيكة.

وقال رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية أمس: «انتشرت عشرات الدبابات والمدرعات وناقلات الجنود وحافلات تقل جنودا وعناصر من مكافحة الإرهاب على مداخل مدينة خان شيخون التابعة لمحافظة إدلب (شمال غرب) والقريبة من حماه (وسط)». وأضاف رئيس المرصد أنه «تم إنزال عدد كبير من الجنود الذين ما لبثوا أن دخلوا المدينة»، مشيرا إلى أن «ذلك يأتي في إطار استمرار الحملة الأمنية والعسكرية التي بدأت في ريف إدلب». ولفت عبد الرحمن إلى أن «الجيش طوق المدينة من ثلاثة محاور في الشرق والجنوب والشمال». وذكر أن «عملية نزوح الأهالي بدأت من المدينة باتجاه الغرب نحو سهل الغاب».

وأشار عبد الرحمن إلى أن «القوات السورية قامت بقطع الطريق الدولي المؤدي من حلب (شمال) إلى دمشق وذلك بدءا من مدينة سراقب (ريف إدلب)». وذكر ناشط معارض طلب عدم الكشف عن اسمه أن «أهالي مدينة خان شيخون أحرقوا في الخامس من يونيو (حزيران) مدرعتين تابعتين للجيش السوري».

ويبدي ناشطون تخوفهم من اقتحام بلدة معرة النعمان، بالتزامن مع بدء سكان البلدة بترك بيوتهم وأراضيهم والهرب منها. وأكد شاهد عيان من سكان البلدة لـ«الشرق الأوسط» أن «حالة ذعر وخوف تسيطر على سكان البلدة مع انتشار أخبار بينهم تفيد أن قوات الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، سوف تقتحم المدينة وتفسح المجال لعناصر الأمن والشبيحة للتنكيل بأهلها واستباحة بيوتها». ونفى «وجود أي عصابات مسلحة في هذه المنطقة، كما يزعم إعلام النظام السوري»، مشددا على أنه «ليس هناك عصابات مسلّحة في جسر الشغور ولا في المعرة، بل سكان يخرجون بمظاهرات للمطالبة بالحرية وإسقاط النظام الحاكم». وأوضح أن «أهالي المعرة خرجوا للتظاهر في كل أيام الجمعة التي تم الدعوة إليها للمطالبة بحقوقهم، إلا أن الإعلام لم يسلط الضوء دائما على تحركاتهم».

ويرى ناشطون أن النظام يسعى إلى مواصلة حملته في محافظة إدلب «للقضاء على بؤر الاحتجاجات واعتقال اللجان التنسيقية التي نظمتها بحجة وجود جماعات مسلحة، وهذا ما يبدو واضحا من خلال استمرار تقدم الدبابات إلى بلدة معرة النعمان».

وفي ظل التعتيم الإعلامي الذي يفرضه النظام السوري، يصبح من الصعب التأكد من وجود مقاومة تجابه بها عناصر الجيش والأمن خلال اقتحامهم للمدن والبلدات السورية، كما يزعم التلفزيون السوري. إلا أن المؤكد وفق الناشطين عينهم أن «عناصر الأمن والشبيحة يمارسون عمليات قمع وتنكيل بحق الناس، وهذا ما يظهر بوضوح في العديد من أشرطة الفيديو التي تم تسريبها وعرضت على شبكات الإنترنت وعلى شاشات الفضائيات إضافة إلى شهادات النازحين الذين تمكنوا من الفرار».

وتبعد مدينة معرة النعمان عن حلب 84 كلم، وعن مدينة حماه 60 كلم، وهي تعد من المدن السورية القديمة التي شهدت حروبا دامية من غزاة الفراعنة والآشوريين واليونانيين والبيزنطيين والفرس والرومان. وتشتهر المدينة بصناعة القصب والحصر والصابون والزجاج والفخار، كما يعتمد جزء من سكانها على الزراعة. ويوجد في المدينة الكثير من المعالم الأثرية التي يعود تاريخ بعضها إلى عام 1321 هجري، ومنها خان مراد باشا (متحف المعرة)، قلعة المعرة، خان أسعد باشا العظم، المدرسة النورية ومساجد هامة كالجامع الكبير ومسجد نبي الله يوشع وغيره. وتحوي المدينة ضريح الشاعر والفيلسوف أبو العلاء المعري.

إلى ذلك، قالت مصادر محلية في محافظة درعا إن الجيش السوري سحب نحو 30 دبابة من معسكر بين مدينة نوى والشيخ مسكين يسمى معسكر تل حمد. وكانت الدبابات على الناقلات وبرفقة مجموعات من قوات الأمن وتوجهت إلى أوتوستراد دمشق شمالا قبل ظهر يوم أمس. في هذا الوقت أفادت معلومات من محافظة حماه أن انتشارا لوحظ ظهر يوم أمس لمدرعات ودبابات على جسر صوران وعلى جسر معردس في طيبة الإمام وفي القرى المحيطة وفي مورك وخان شيخون (شمال)، وذلك أثناء مرور قافلة عسكرية متجهة صوب الشمال نحو مدينة معرة النعمان. وقال ناشطون إن نحو 100 دبابة كانت عند مداخل مدينة خان شيخون في محافظة إدلب وأن إهالي المدينة بدأوا بمغادرتها نهار يوم أمس.

وفي مدينة حماه (وسط) وبعد يوم على تنفيذ يوم إضراب عام نصرة لمدينتي جسر الشغور ودوما، أبدى أهالي تخوفهم من دخول الدبابات إلى مدينة حماه، ردا على تحدي السلطات بإعلان الإضراب العام. وقالت صحيفة «الوطن» السورية يوم أمس إن الإضراب العام الذي نفذ في حماه كان استجابة للدعوة الشيخ عدنان العرعور الذي يتهمه النظام السوري بالتحريض على التظاهر. وقالت «الوطن» إن المحال التجارية في حماه - عدا العيادات والصيدليات - تداعت إلى إضراب عام، «استجابة لأوامر» (العرعور) التي بثها ليل الثلاثاء، من قناته التلفزيونية «الوصال»، ووصفتها بقناة «فتنوية حاقدة على سوريا وشعبها وقائدها»، وأن الإضراب كان تضامنا كما قال العرعور مع دوما وجسر الشغور.

وزعمت «الوطن» أن المحال التجارية أغلقت في حماه «بقوة التهديد» وأنه «تم توزيع مناشير تهدد كل تاجر يفتح محله بحرق المحال، مما أدى إلى توقف حركة البيع والشراء». وقالت: «جاء في المناشير والقصاصات الورقية أن الإغلاق تضامنا مع جسر الشغور ودوما». كما دعت المناشير سائقي سرافيس النقل الداخلي، للتوقف عن العمل أيضا. واتهمت الصحيفة الشيخ عدنان العرعور بالانتماء إلى «تنظيمات دينية متطرفة» وقالت إنه «يطل على السوريين من خلال قناة فضائية تدعو إلى الفتنة بين المسلمين وكان سبق له الدعوة إلى التكبير ليلا وإلى التظاهر وبث الفتنة بين أبناء الشعب السوري».