الظواهري زعيما لـ«القاعدة».. وتعهدات بمواصلة مسيرة بن لادن

مسؤول أميركي: القائد الجديد لا يتمتع بالقدرات القيادية لسلفه.. وسيواجه انتقادات وصعوبات

ايمن الظواهري كما بدا في صورة عرضها موقع الكتروني متعاطف مع التنظيم أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلن تنظيم القاعدة، أمس، تولي أيمن الظواهري قيادته خلفا لأسامة بن لادن الذي قتل في عملية أميركية مطلع مايو (أيار) حسب بيان نشر على مواقع جهادية كثيرة.

ويصبح الظواهري، المصري الجنسية، والبالغ 60 عاما، الرجل المطلوب رقم 1 في العالم بعد أن كان يعد لسنوات، الرأس المدبر ومنظر «القاعدة» والرجل الثاني عن يمين بن لادن والمتحدث الأبرز باسم التنظيم. وأكد التنظيم في هذه المناسبة مضيه قدما في «الجهاد» ضد الغرب وإسرائيل، ودعا الشعوب العربية المنتفضة ضد حكوماتها إلى حكم الشريعة الإسلامية. وجاء في البيان الذي وزعه «مركز الفجر الإعلامي» ونشر على مواقع جهادية، أن «القيادة العامة لجماعة قاعدة الجهاد، وبعد استكمال التشاور، تعلن تولي الشيخ الدكتور أبي محمد أيمن الظواهري، وفقه الله، مسؤولية إمرة الجماعة». وأكد البيان أن قرار تعيين الظواهري يأتي التزاما بكون «الجهاد ماضيا إلى يوم القيامة كما جاء في الأحاديث»، مشيرا إلى أن الجهاد «قد صار في هذا العصر فرض عين ضد الكفار الغزاة المحتلين لديار المسلمين وضد الحكام المرتدين المبدلين لشرائع الإسلام». كما أكد البيان أن «خير الوفاء للشهداء الأبرار ولسيرة الشيخ المجاهد أسامة بن لادن هو الاستمرار على درب الجهاد في سبيل الله ونصرة المسلمين والمستضعفين».

وتعهد التنظيم بمواصلة الجهاد ضد الغرب، إذ أكدت قيادته العامة أن «القاعدة» ستتابع «الدعوة للدين الحق، وتحريض أمتنا على الإعداد والقتال مع أدائنا العلمي للفريضة العينية في جهاد الغزاة الكفار المعتدين على ديار الإسلام». وقال البيان إن على رأس هؤلاء «أميركا الصليبية وربيبتها إسرائيل ومن أعانهم من الحكام المبدلين لشريعة الإسلام». وأضاف البيان «نجاهدهم بكل ما في طاقتنا، ونحث الأمة على جهادهم باليد واللسان والجنان وبالمال والفعال وبكل مستطاع، حتى تخرج جميع الجيوش الغازية من أرض الإسلام وتسود فيها شريعة الله».

وفور إعلان «القاعدة» زعيمها الجديد قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، إن الظواهري يفتقر إلى المهارات القيادية والمؤهلات التي كان يتمتع بها الزعيم السابق أسامة بن لادن. وقال المسؤول الذي آثر عدم الكشف عن اسمه «لم يظهر (الظواهري) مهارات قيادية قوية ولا مهارات تنظيمية خلال انخراطه في (القاعدة) ولا قبل ذلك خلال انخراطه في حركة الجهاد الإسلامي المصرية». وقال المسؤول الأميركي «من المرجح أن يؤدي صعود الظواهري لقيادة (القاعدة) إلى انتقادات إن لم يؤد إلى انشقاق داخل (القاعدة)». وأكد المسؤول أن الظواهري، ليست لديه خبرات قتالية فعلية، بل آثر بدلا من ذلك «صورة القائد الهادئ المرتكن إلى مركزه القيادي». وأضاف «خلاصة الأمر هي أن الظواهري ليس لديه من قريب أو بعيد ما كان أسامة بن لادن يرتكن إليه من خبرة أو مؤهلات».

وأضاف المسؤول لـ«رويترز»، أن الظواهري سيواجه صعوبات في قيادة التنظيم مع تركيزه على سلامته الشخصية. وأكد المسؤول «صعوده إلى موقع القيادة سيثير على الأرجح انتقادات إن لم يكن نفورا وانشقاقا». وأضاف «بغض النظر عمن يتولى المسؤولية.. سيواجه أوقاتا عصيبة في قيادة (القاعدة) في الوقت الذي يركز فيه على سلامته الشخصية مع استمرار فقد التنظيم لأفراد رئيسيين». وقال «النقطة الأساسية هي أن الظواهري بعيد كل البعد عن المسوغات التي كان يمتلكها أسامة بن لادن».

وقال ساجان جوهل، من مؤسسة آسيا والمحيط الهادي للاستشارات الأمنية لوكالة «رويترز»، إن الظواهري كان مسؤولا بشكل خاص عن «القاعدة» لسنوات، لكنه يفتقر لحضور بن لادن وقدرته على توحيد الفصائل العربية المختلفة تحت مظلة التنظيم. ويعتبره آخرون شخصا أكثر قدرة على الإنجاز.

و بتسمية الظواهري أميرا لتنظيم «قاعدة الجهاد»، خلفا لأسامة بن لادن، قدمت القيادة العامة للتنظيم ما اعتبره خبراء ونشطاء في الحركات الإسلامية «بيانا كاشفا وليس مؤسسا.. يتوافق مع التوقعات التي سبقت هذا الإعلان».

وقال منتصر الزيات محامي الجماعات الإسلامية لـ«الشرق الأوسط» إنه «اختيار بديهي سبق أن توقعناه، فالظواهري شريك لأسامة بن لادن، من دونه ما كان من الممكن تأسيس تنظيم القاعدة الذي ساهم الظواهري بدور كبير في رسم سياسته ووضع مناهجه وأفكاره وقد مارس بن لادن ضغوطا كبيرة ليقنع الظواهري بمشاركته».

وأضاف الزيات في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من دبي أنه «إذا كان عبد الله عزام قد لقن بن لادن فقه الجهاد الإغاثي فإن الظواهري هو من لقنه فقه الجهاد القتالي.. فقد كان الظواهري بمثابة عقل بن لادن وليس فقط الرجل الثاني في التنظيم». وأعرب الزيات عن اعتقاده أن الإعلان عن تولي سيف العدل قيادة التنظيم في وقت سابق يعود لما وصفه بـ«ورع الظواهري وعزوفه عن القيادة»، وقال «عند تأسيس الظواهري لجماعة الجهاد في مصر قدم على نفسه الشيخ إمام عبد العزيز رغم أن الدنيا كلها تعاملت معه بوصفه الأمير الفعلي للجهاد». ونفى الزيات وجود أي انشقاقات داخل «القاعدة» على خلفية اختيار خليفة بن لادن على أساس جهوي قائلا إن «الانتماء داخل التنظيم صارم جدا ويقوم على ولاء للعقيدة والفكرة ولا يوجد دور للقبيلة في المسألة». وقال الزيات إن «الظواهري ربما يفتقر لصداقته مع عدسة الكاميرا على خلاف بن لادن الذي يتمتع بحضور قوي وتصالح مع الكاميرا.. لكن من يعرف الظواهري والملاصق له يدرك مدى وده وبشاشته ومرحه مع أتباعه وزملائه، كما أنه لا يتمسك برأيه وينزل على رأي الشورى وقد لمسنا هذا أثناء قيادته لتنظيم الجهاد في مصر.. وبين قوسين يمكنك أن تقول إنه ديمقراطي إلى أبعد مدى».

وأشار الزيات إلى الرسالة الأخيرة للظواهري، قائلا إن «هذه الإطلالة شهدت تحولا في استراتيجية ولغة خطاب الظواهري وكأنهم يتبادلون الأدوار حينها، فقد اعتدنا أن يكون الظواهري هو من يزمجر ويتوعد، بينما يقدم بن لادن الخطاب الهادئ ويطرح مبادرات على الشعوب الغربية.. الرسالة الأخيرة للظواهري حملت سمات هذه اللغة الهادئة، في محاولة للتناغم مع الثورات العربية».

من جهته، قال كمال حبيب القيادي السابق في تنظيم الجهاد لـ«الشرق الأوسط» إن «البيان الذي أصدرته القيادة العامة للإعلان عن تولي الظواهري إمارة التنظيم أبرز قضية أن ديار الإسلام جميعها متساوية في محاولة لتأكيد على تماسك التنظيم ونفي فكرة وجود خلافات على أساس قومي».

وتوقع حبيب أن يعمل الظواهري خلال المرحلة المقبلة على لملمة شتات التنظيم وإعادة هيكلته وضبط مساره الفكري بعد أن تعرض لـ«محنة قاسية»، مشيرا إلى «أن سعي الظواهري سيتركز على تأكيد الطابع السلفي للتنظيم والعودة إلى العلماء القدامى بعد أن شطح البعض في التكفير وأوغلوا في استخدام العنف»، لافتا إلى أن التحدي الذي يواجه الظواهري في المرحلة المقبلة هو وجود نموذج جديد للتغيير قدمه الشباب العربي ولم تعد «القاعدة» الطرح الوحيد على الساحة العربية.

من جهتهـ اعتبر الدكتور نبيل عبد الفتاح المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية أن الإعلان عن تولي سيف العدل قيادة تنظيم القاعدة خلفا لابن لادن كان مناورة من «القاعدة» للتشويش ودفع أجهز الاستخبارات لارتكاب أخطاء في التحليل لكسب الوقت، مشيرا إلى أن تولي الظواهري إمارة «القاعدة» أمر بديهي، قائلا إن شرعية الظواهري في قيادة التنظيم تأسست على تاريخه الشخصي كقطب بارز في تكوين التنظيمات الجهادية، وكذلك تكوينه الفكري ودوره كمنظر آيديولوجي، ودوره في اتخاذ القرارات العملياتية الكبرى، والمتابعة اليومية.

وتابع بقوله لـ«الشرق الأوسط» إن «الظواهري يعتمد كذلك على شرعية انتقال السلطة داخل التنظيم وفقا للشورى»، مؤكدا على أن تنظيم القاعدة يعتمد الشورى بامتياز في آلياته، وتوقع عبد الفتاح أن يعمل الظواهري على تأسيس مشروعيته الجماهيرية خلال المرحلة المقبلة خاصة «أنه كان من يدير التنظيم فعليا خلال وجود بن لادن وهو يحتاج في اللحظة الراهنة للإعلان عن نفسه بعملية كبرى لدعم حضوره على رأس التنظيم ولبناء علاقته بخلاياه النائمة والنشطة على السواء».