خطاب الأسد أجج الاحتجاجات في المدن السورية.. والمعارضة تدعو لإسقاط النظام

اعتبرت الدعوة للحوار حيلة لكسب الوقت.. والبعث يدعو إلى مسيرات تأييد اليوم

عدد من النساء والأطفال السوريين يتظاهرون ضد خطاب الرئيس الأسد في أحد مخيمات النزوح في تركيا أمس (أب)
TT

لم تشف مواقف الرئيس السوري بشار الأسد غليل المعارضين السوريين، الذين خرجوا أمس في مظاهرات عفوية فور انتهاء الخطاب الرئاسي في عدد من المدن والبلدات السورية، منتقدين ما جاء فيه ومتمسكين بمطالبتهم بإسقاط النظام. ووصفت «لجان التنسيق المحلية»، التي تضم أبرز ناشطي الحركة الاحتجاجية في سوريا، خطاب الأسد بأنه «يكرس الأزمة»، مؤكدة أن «ثورتنا مستمرة حتى تحقيق كامل أهدافها».

ومع انتهاء الرئيس بشار الأسد إلقاء خطابه على مدرج جامعة دمشق، خرجت المظاهرات في عدة أحياء في مدينة حمص وهتفت «خطابك مردود عليك والشبيحة حواليك» وفي ريف حمص جرى إطلاق نار لتفريق مظاهرات خرجت في مدينة القصير. وخرجت مظاهرات مدينة حماه ومدينة اللاذقية في حي الرمل الجنوبي وهتف المتظاهرون ضد الخطاب.

وخلال ساعة عمت المظاهرات البلاد، وخرجت المظاهرات في غالبية البؤر المتوترة ففي ريف دمشق تم تشديد الطوق الأمني حول مدينة دوما والتي خرجت فيها أيضا مظاهرات وعدة مدن وبلدات في ريف دمشق. وجنوبا خرجت مظاهرات في مدينة درعا وقال ناشطون إنه جرى إطلاق رصاص لتفريق المتظاهرين، وسار المتظاهرون في المدينة الجامعية في حلب - شمال - وسراقب وكفر نبل في محافظة إدلب - شمال غرب - كما تظاهر المئات في مدينة البوكمال في محافظة دير الزور - شرق.

الى ذلك لم تشف مواقف الرئيس السوري بشار الأسد غليل المعارضين السوريين، الذين خرجوا أمس في مظاهرات عفوية فور انتهاء الخطاب الرئاسي في عدد من المدن والبلدات السورية، منتقدين ما جاء فيه ومتمسكين بمطالبتهم بإسقاط النظام. ووصفت «لجان التنسيق المحلية»، التي تضم أبرز ناشطي الحركة الاحتجاجية في سوريا، خطاب الأسد بأنه «يكرس الأزمة»، مؤكدة أن «ثورتنا مستمرة حتى تحقيق كامل أهدافها».

ورأت «لجان التنسيق»، في بيان أصدرته أمس، أن «في الخطاب تكريسا للأزمة من قبل النظام الذي يتمترس وراء الإنكار والتعامي عن رؤية الواقع الجديد الذي فرضته ثورة السوريين المستمرة حتى تحقيق مطالبها». واعتبرت أن في الخطاب «تجاهلا كاملا لجرائم الأجهزة الأمنية التابعة للنظام التي ارتكبت أعمال القتل والتمثيل بالجثث واعتقال الآلاف من المتظاهرين والنشطاء الذين لا يزال مصير معظمهم مجهولا حتى اللحظة».

وأشارت إلى أن دعوة الحوار التي وردت في خطاب الأسد هي «مجرد محاولة لكسب الوقت على حساب دماء السوريين وتضحياتهم»، معلنة رفضها لـ«أي حوار لا يكون الهدف منه طي صفحة النظام الحالي بصورة سلمية والتحول نحو سوريا جديدة، دولة ديمقراطية حرة، ولمواطنيها كافة».

وحملت «لجان التنسيق» على الخطاب الذي «لم يقترب حتى من كونه خطاب أزمة وطنية تعيشها البلاد منذ ثلاثة أشهر»، متهمة الأسد بـ«الإصرار على التعامي عن حقائق أصبحت جلية لمن يريد أن يرى، أهمها رغبة السوريين وإرادتهم من أجل الانتقال ببلدهم إلى نظام ديمقراطي حر تعددي».

وفي سياق متصل، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الناشطة السورية سهير الأتاسي قولها إن خطاب الأسد «لا يرتقي ولا بأي حال من الأحوال إلى مستوى الأزمة التي يعيشها النظام قبل أن تكون هي أزمة وطن»، واعتبرت أن الأسد «لم يدرك حتى الآن أن الأحرار باتوا يريدون إسقاطه»، واصفة خطابه بـ«الاستعلائي المرتبك».

ورأت أن «بشار الأسد اليوم يتهم الأصوات الصادحة بالحرية بالتخريب، ويبيح بذلك الدماء ويستبيح المدن ويعطي الشرعية لوجود الجيش داخل المدن»، مشددة على أن «المظاهرات ستتأجج والنظام سيسقط».

وكانت دعوات ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل انتهاء الأسد من خطابه، للخروج في المزيد من المظاهرات ردا على ما جاء في مضمونه. وفور انتهاء الأسد من كلمته، خرجت مظاهرات غاضبة في الكثير من مدن وبلدات محافظة إدلب ودمشق وحمص واللاذقية وحلب وعلى الحدود التركية. ووصف معارضو النظام خطاب الأسد بأنه «مخيب جدا للآمال ومستفز»، وانتقد نشطاء الإنترنت تصنيف الأسد المحتجين على أنهم «أصحاب مطالب ومخربون وأصحاب فكر تكفيري». وردد مئات المحتجين في إربين بريف دمشق شعارات تقول «لا حوار مع القتلة»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز». وذكر رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أن «محتجين تظاهروا في الحي الجامعي بحلب، كما تظاهر آخرون في بلدتي سراقب وكفر نبل بمحافظة إدلب». وأشار إلى أن «المحتجين شجبوا خطاب الأسد الذي خيرهم بين الوصف بالمخربين أو المتطرفين أو المحتاجين».

في موازاة ذلك، أصدر حزب البعث (الحاكم)، وفق ما أكدته تقارير صحافية أمس «تعليمات رسمية لكل كوادره وموظفي القطاع العام، حتى من لم يكن منهم بعثيا، بالنزول إلى الشارع صباح اليوم للمشاركة في مسيرات حاشدة تأييدا للنظام».

وكانت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أشارت أمس إلى أن «وحدات الجيش العربي السوري ضبطت خلال تنظيفها مدينة جسر الشغور من التنظيمات الإرهابية المسلحة كميات كبيرة من الأسلحة الرشاشة والبنادق والمسدسات والقنابل اليدوية والأسلحة البيضاء، إضافة إلى كميات كبيرة من الذخائر المتنوعة وعبوات ناسفة شديدة الانفجار وأصابع ديناميت».

ونقلت عن التلفزيون السوري إشارته إلى أن «التنظيمات المسلحة في جسر الشغور استخدمت هذه المعدات في تفخيخ الطرقات والجسور المؤدية إلى المدينة التي كان من المفترض أن تعبرها وحدات الجيش، إلا أن وحدات الهندسة في الجيش استطاعت تفكيك هذه الألغام والعبوات الناسفة شديدة الانفجار بفدائية عالية نظرا للتنفيذ الدقيق الذي استخدمته التنظيمات المسلحة والخطر الكبير على حياة عناصر الجيش خلال العملية».

وأورد التلفزيون السوري خبرا مفاده أنه «تم اكتشاف مقبرة جماعية جديدة في جسر الشغور تضم جثامين عناصر من الأمن والشرطة الذين قتلتهم التنظيمات الإرهابية المسلحة». وكانت السلطات السورية نظمت أمس زيارة للدبلوماسيين المعتمدين فيها إلى جسر الشغور. وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن «السفير الأميركي روبرت فورد وأغلب الملحقين العسكريين المعتمدين في سوريا قد شاركوا في الزيارة، التي شملت مفرزة الأمن العسكري، حيث قتل 120 شرطيا في السادس من يونيو (حزيران) في هجمات شنتها (مجموعات مسلحة) على قوات الأمن، بينهم 82 عنصر أمن»، بحسب الرواية الرسمية، غير أن معارضين وشهودا نفوا الرواية الرسمية وأكدوا أن القتلى سقطوا أثناء تمرد. كما زار الدبلوماسيون «المقبرة الجماعية الأولى والثانية اللتين تم اكتشافهما في المدينة».