ويليام هيغ وكاثرين أشتون عن خطاب الأسد: محبط ومخيب للآمال

ميدفيديف يأسف للأسد «الذي يواجه وضعا صعبا للغاية» ويهدد بالفيتو.. وأوروبا إلى عقوبات متشددة

من اليسار إلى اليمين، وزير خارجية قبرص، ماركوس كبريانو، وبريطانيا وليم هيغ، وهولندا أوري روزنثال، في حوار على هامش اجتماع لوكسمبورغ (أ.ب)
TT

أعلن الاتحاد الأوروبي في ختام اجتماعاته أمس في لوكسمبورغ، عزمه على تشديد العقوبات على النظام السوري، وحذر من أن «صدقية» الرئيس بشار الأسد للبقاء في السلطة تظل رهنا بالإصلاحات التي وعد بها.

ودعا وزراء الخارجية الأوروبيون في اجتماعهم مجلس الأمن الدولي إلى أن يحذو حذوهم، وانتقدوا تهديد موسكو باستخدام حق النقض «الفيتو». وأكد الاتحاد الأوروبي في بيان تبناه الوزراء، أنه «يعد بشكل نشط» لتشديد العقوبات المفروضة على سوريا «من خلال اختيار (شخصيات وكيانات) إضافية». وأضاف البيان أن «مصداقية وقيادة» الأسد «تتوقفان على الإصلاحات التي وعد بها بنفسه». ودعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الرئيس السوري بشار الأسد إلى بدء إصلاحات لإحلال الديمقراطية في بلاده أو «الانسحاب» من السلطة.

وأعرب هيغ، الذي كان يتحدث على هامش اجتماعه مع نظرائه الأوروبيين في لوكسمبورغ، عن الأمل في أن تتمكن تركيا من استخدام نفوذها لنقل رسالة إلى أعضاء النظام السوري «بأنهم يفقدون شرعيتهم وأنه على الأسد أن يجري إصلاحات أو أن يتنحى».

وأضاف الوزير البريطاني: «آمل أن يكون (الأتراك) واضحين وصريحين في هذا الخصوص» مع السلطات السورية. وتابع: إن «أحداثا مهمة جدا تجري في سوريا»، وأشار إلى ترقب العالم لخطاب الأسد، وتوقع «أن يستجيب (الأسد) للمطالب المشروعة» للشعب السوري، وأن «يفرج عن سجناء الرأي ويسمح بالاتصال بشبكة الإنترنت ويحترم حرية الإعلام».

لكن الخطاب الذي انتظره وزير الخارجية البريطاني، ونظراؤه الأوروبيون، وهو الخطاب الثالث للرئيس السوري منذ اندلاع الانتفاضة المتواصلة، رفع من سخونة ردود الفعل على المواقف السورية الرسمية، وبضمنها موقف بريطانيا نفسها، حيث اعتبر وزير خارجيتها خطاب الأسد «مخيبا للآمال وغير مقنع».

وذهبت مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، إلى القول حسب «رويترز» بأنها محبطة من خطاب الرئيس بشأن الإصلاحات. وقالت إن عليه أن يبدأ حوارا حقيقيا مع شعب سوريا. وأضافت في مؤتمر صحافي عقب اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي «يتعين على الرئيس الأسد أن يبدأ حوارا حقيقيا شاملا يتمتع بمصداقية.. ومن شأن شعب سوريا أن يحكم على رغبته في الإصلاح.» وتابعت «لكن يتعين أن أقول للوهلة الأولى أن خطاب اليوم كان مخيبا للآمال».

ورغم تصاعد نبرة المواقف الدولية المطالبة بمزيد من العقوبات ضد سوريا، بقي الموقف الروسي على حاله، خصوصا لجهة استخدام موسكو الفيتو ضد قرار في الأمم المتحدة يدين القمع في سوريا. وهذا ما أعاد التأكيد عليه الرئيس الروسي، ديمتري ميدفيديف، أمس، في تصريح نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، حيث قال إن موسكو ستستخدم حق النقض (الفيتو) في الأمم المتحدة ضد مسودة قرار مدعومة غربيا تتعلق بسوريا، معتبرة أن قرارا كهذا قد يستغل كغطاء لعمل عسكري.

وأضاف ميدفيديف في مقابلة مع صحيفة «فايننشال تايمز» نشر الكرملين نصها بالكامل، أن القرار الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي في مارس (آذار) حول ليبيا مهد السبيل لعملية عسكرية هناك.

وتابع الرئيس الروسي قائلا: «لست مستعدا لدعم قرار (على غرار) القرار الليبي إذ أرى بوضوح أن قرارا جيدا تحول مجرد ورقة عملت كغطاء لعملية عسكرية لا معنى لها».

وأضاف ميدفيديف «لن يصدر قرار كهذا، فروسيا ستستخدم حقوقها كعضو دائم بمجلس الأمن»، في إشارة إلى الفيتو الذي يمكنها من نقض أي قرار بالمجلس.

وتابع «لكن يمكن أن تصدر مناشدات أو إعلانات دولية تتعلق بسوريا، بما في ذلك من مجلس الأمن».

وكانت بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال وزعت مسودة قرار تدين الحملة العسكرية السورية على المعارضة، فيما قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن أي عضو دائم بمجلس الأمن يسعى لنقض القرار «عليه أن يتحمل ضميريا تبعة ذلك».

غير أن ميدفيديف قال «في الوقت الراهن لست متأكدا من الحاجة لقرار، لأنه يمكن أن ينص القرار على شيء بينما تأتي الأفعال بشيء آخر. قد يقول القرار ندين استخدام القوة في سوريا، بينما تنطلق بعد ذلك الطائرات الحربية في السماء».

وتابع «سيقال لنا عندئذ: حسنا يقول القرار إننا ندين وقد أدنا، وأرسلنا ببعض طائرات القصف (...) لكني لا أريد ذلك، لا أريد أن أتحمل ضميريا تبعة ذلك».

لكن ميدفيديف لم يخف الصعوبات التي يواجهها النظام السوري، وقال إن سوريا «تواجه خيارا صعبا للغاية. شخصيا أشعر بالأسف تجاه الرئيس الأسد الذي يجد نفسه في موقف صعب للغاية، فما أراه هو أنه يريد إدخال تعديلات سياسية في بلاده، ويريد إصلاحات»، لكنه «تأخر بعض الشيء فيما يتعلق بتلك الإصلاحات، ثم سقط ضحايا كان يمكن تجنب سقوطهم، وهو الأمر الذي ستقع تبعته في الأغلب على ضمير السلطات» في سوريا.

وأقر الاتحاد الأوروبي، حتى الآن، سلسلتي عقوبات تتضمنان تجميد أموال وعدم منح تأشيرات دخول لـ23 مسؤولا في النظام السوري بينهم الأسد. وقالت مصادر دبلوماسية إن الاجتماعات مستمرة على مستوى الخبراء بهدف اتخاذ قرار بحلول نهاية الأسبوع، في شأن إضافة 15 اسما لأشخاص وشركات مرتبطة بالنظام إلى قائمة المشمولين بالعقوبات.

ولدى وصوله قال وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي إن «الأنباء الواردة من سوريا مقلقة، وتردنا صور غير إنسانية». وقال نظيره في لوكسمبورغ جان اسلبورن «لسنا بعيدين عن حرب أهلية».

و«اعترف» الاتحاد الأوروبي في إعلانه بدور الوسيط التركي الذي يتمتع بنفوذ كبير لدى الأسد والتزم «بالتعاون» معه وغيره من الشركاء الإقليميين لمواجهة الأزمة السورية.

وقال وزير الخارجية السويدي كارل بيلت «فرضنا عقوبات وسنقوم بتشديدها على الأرجح. لكن طالما لزم مجلس الأمن الدولي الصمت فإننا في وضع صعب». وتابع «حتى الآن يمكن اعتبار صمت مجلس الأمن الدولي نوعا من التسامح غير المباشر حيال ما يحصل في سوريا وهذا غير مقبول». وقال فسترفيلي إن «الأوروبيين سيضغطون في الأمم المتحدة في نيويورك من أجل سياسة عقوبات واضحة» حيال سوريا.

وفي بيانهم، دعا الوزراء الأوروبيون مجلس الأمن الدولي إلى «تحمل مسؤوليته»، إلا أنه وبهدف تجنب تكرار السابقة التي أدت إلى عمليات عسكرية في ليبيا بتفويض من الأمم المتحدة، تبدي روسيا والصين والهند والبرازيل ترددا في أي إجراء يتجاوز إدانة قمع المعارضة السورية.

إلى هذا، انفردت موسكو بمطالبتها المعارضة السورية بالتفاوض مع الحكومة السورية. ونقلت وكالة الأنباء الروسية «إنترفاكس» أمس، عن وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، قوله، إنه يتعين على معارضي الحكومة السورية إظهار «مسؤولية تجاه بلدهم». وذكر لافروف أن رفض الحوار سيكون له مردود سلبي تجاه الخطوات المتأخرة من قبل الحكومة في اتجاه الإصلاح.