الأمن يقتحم جامعة دمشق ويعتقل أكثر من مائة طالب.. ويخلف عشرات الجرحى

استمرار المظاهرات الليلية.. وناشطون يتداعون لمظاهرات يوم «جمعة سقوط الشرعية»

متظاهر يحمل لوحة يطالب فيها الرئيس السوري بالرحيل
TT

علمت «الشرق الأوسط» من أوساط طلابية سورية، أن قوات الأمن مدعومة بعناصر من الشبيحة، اقتحموا المدينة الجامعية في دمشق، الواقعة في منطقة مزة، عند الساعة العاشرة تقريبا من مساء أول من أمس، واحتجزوا الطلبة في عدة وحدات سكنية.

وقال طالب في اتصال مع «الشرق الأوسط» في لندن، إن «الطلاب المحتجزين بدأوا بإطلاق هتافات من غرفهم، تنادي بالحرية وتدعو لإسقاط النظام». وبعد تحديد الغرف التي انطلقت منها الهتافات، جرت عملية اقتحام للغرف الطلبة، وجرت اشتباكات عنيفة وعمليات تخريب ونهب للغرف. واستمرت المداهمات عدة ساعات، استخدم فيها رجال الأمن الهراوات والصواعق الكهربائية والسلاح الأبيض والرصاص، وأسفرت عن جرح العشرات واعتقال أكثر من مائة طالب. ووردت معلومات غير مؤكدة عن سقوط عدد من القتلى، بعدما فرض طوق أمني حول المدينة الجامعية. ويبدو أن اقتحام الأمن للمدينة الجامعية جاء على خلفية قيام عدد من الطالبات بالتكبير ليلا لعدة أيام متتالية.

وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن أنباء أولية تحدثت عن حملة مداهمات مشابهة حدثت في المدينة الجامعية بحلب، بعد خروج مظاهرات تندد بالخطاب الذي ألقاه الرئيس السوري بشار الأسد قبل يومين. ويعد هذا أول تحرك تشهده المدينة الجامعية في دمشق، في حين أن المدينة الجامعية في حلب شهدت عدة احتجاجات. وذكر رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية أن «قوات الأمن داهمت بعنف المدينة الجامعية في دمشق، واعتقلت أكثر من مائة طالب». وأشار إلى «حدوث عدة إصابات في صفوف الطلاب عندما انهال رجال قوى الأمن وأعضاء من اتحاد الطلبة الموالي للنظام عليهم بالضرب بالهراوات».

وأضاف عبد الرحمن أن «قوات الأمن قامت بعدة حملات مداهمة واعتقلت عددا من الأشخاص في دير الزور (شرق) وحي ركن الدين في دمشق وقرية الحميدية التابعة لمدينة طرطوس (غرب) وقرية حمورية (ريف دمشق)»، من دون أن يتمكن من تحديد عدد المعتقلين.

وذكر رئيس المرصد أن «قوات الأمن السورية أطلقت النار مساء الثلاثاء لترهيب متظاهرين في أحياء الخالدية ودير بعلبة وبابا عمر وباب السباع والبياضة في حمص (وسط) منعا لمشاحنات بين مظاهرات مؤيدة للرئيس بشار الأسد وأخرى مناهضة له».

وكان الأسد قد أصدر عفوا عاما عن «الجرائم» المرتكبة قبل تاريخ 20 يونيو (حزيران)، ويعد هذا هو العفو الثاني الذي يصدره منذ بدء الاحتجاجات منتصف مارس (آذار) الماضي. وكان الأسد أصدر عفوا عاما في 31 مايو (أيار) الماضي شمل معتقلين من جماعة الإخوان المسلمين والمعتقلين السياسيين.

وجاء العفو الجديد بعدما قال الأسد في كلمته الاثنين الماضي إنه شعر بأن العفو السابق «لم يكن مرضيا للكثيرين»، مؤكدا أنه «سيتم التوسع بالعفو بشكل يشمل آخرين من دون أن يضر مصلحة وأمن الدولة ومصالح المواطنين». كما استقبل الأسد الثلاثاء وفدا من أهالي مدينة معرة النعمان بمحافظة إدلب، ممن قيل إنهم أسهموا في حماية الممتلكات العامة والخاصة وحماية عناصر مفرزة أمن المدينة من القتل على أيدي «تنظيمات مسلحة» عبر إيوائهم في منازلهم والدفاع عنهم ونقلهم إلى أماكن آمنة.

وجاء ذلك في وقت استمرت فيه المظاهرات الليلية أول من أمس في أكثر من مدينة في سوريا، إذ خرج متظاهرون في قطنا (ريف دمشق) والرقة وحمص ودير الزور، حيث هتف آلاف المحتجين «الشعب يريد الحرية»، بحسب ما أظهرت أشرطة فيديو تم تحمليها على موقع «يوتيوب» أمس.

وفي حماة، تحول تشييع 9 قتلى سقطوا قبل يوم على يد قوات الأمن، إلى مظاهرة حاشدة شارك فيها الآلاف وهتفوا ضد النظام. ودعا الناشطون على صفحة «الثورة السورية» في «فيس بوك» إلى إضراب عام اليوم، بينما دعوا لمظاهرات جديدة يوم الجمعة تحت شعار «سقوط الشرعية». وذكر الموقع في الدعوة لمظاهرات الجمعة «بشار لم يعد رئيسي، وحكومته لم تعد تمثلني».

من جانب آخر، ذكر معارض سوري أمس أن تمردا وقع داخل سجن الحسكة المركزي شمال شرقي سوريا، احتج فيه السجناء على قرار العفو الرئاسي الذي صدر أمس ولم يشملهم. وقال المعارض الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية إن التمرد وقع أول من أمس «داخل سجن الحسكة المركزي بعد صدور قرار العفو الرئاسي»، موضحا أن هذا التمرد «جاء احتجاجا على العفو الرئاسي الصادر الذي لم يشمل سوى اثني عشر سجينا من أصل أكثر من ألفين من نزلاء سجن الحسكة».

ونقل المعارض عن أحد السجناء المفرج عنهم أن «السجناء كانوا قد قرروا مسبقا التمرد إذا لم يشملهم العفو»، لافتا إلى أنهم «كانوا في انتظاره». وقال شهود عيان إن «عملية أمنية كاملة شاركت فيها قوات الشرطة وحفظ النظام وعناصر من قوات الأمن تواصلت حتى ساعات متأخرة من الليل»، وأشاروا إلى أن «منطقة غويران التي يقع فيها السجن مطوقة». وأضاف الشهود أن «قوات الأمن التي اقتحمت السجن بدأت بإطلاق النار بشكل مكثف، كما أشار إلى توزع قناصة على الأبنية المجاورة للسجن».

وأضاف السجين المفرج عنه والذي فضل عدم الكشف عن اسمه أن «السجناء احتجزوا ضابطا وعددا من عناصر الشرطة كرهائن مقابل تلبية طلباتهم وشمولهم بالعفو». كما أكد السجين المفرج عنه أن «السجناء أحرقوا أحد المهاجع الرئيسية، وكسروا عددا من الأبواب وجدارا يطل على الباحة الرئيسية».

وكانت قوات الأمن قمعت في 31 مايو (أيار) تمردا في سجن حلب، ثاني كبرى مدن البلاد، انتفض خلاله المسجونون الذين يبلغ إجمالي عددهم سبعة آلاف، تضامنا مع حركة الاحتجاجات في سوريا، كما ذكرت منظمة الدفاع عن سجناء الرأي في سوريا التي تتخذ من ألمانيا مقرا.

إلى ذلك دعا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، شعوب العالم الإسلامي إلى التظاهر والاعتصام بصورة سلمية يوم الجمعة المقبل لدعم الثورة السورية. وقال الاتحاد في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «إن الشعب السوري الثائر ناله ظلم كبير طوال عقود عدة، وقوبلت ثورته السلمية بالعنف المفرط من قبل الأمن و(الشبيحة) و(البلطجية)، فراح ضحية العنف عدد كبير تجاوز الـ1300، وجرح الكثيرون وسجن منهم الأكثر».

ودعا الاتحاد إلى جعل يوم الجمعة المقبل يوم مساندة للشعب السوري، وذلك من «خلال الاعتصامات السلمية بعد صلاة الجمعة، وأداء صلاة الغائب على الضحايا، والدعاء والتضرع إلى الله تعالى تضامنا مع الشعب السوري، ودعما إلى ثورته السلمية». ودعا إلى «إقامة معارض صغيرة تشتمل على صور المآسي والمعلومات الموثقة عن الجرائم المرتكبة في حق الشعب السوري، وعمل مسيرات ورفع لافتات التأييد للمطالب السلمية المشروعة للشعب السوري والتنديد بالقمع العسكري الدموي ضده». كذلك دعا إلى «الوقوف أمام السفارات السورية في الدول المختلفة، للتعبير عن الاستنكار لجرائم النظام السوري، وتسليم السفراء خطابات احتجاج باسم الجماهير، وإرسال خطابات احتجاج على جرائم النظام السوري والدعوة إلى حماية الشعب السوري من القمع والإجرام وتوجيهها إلى المنظمات العربية والإسلامية والدولية».