روما تدعو إلى «تعليق فوري» للأعمال الحربية في ليبيا لأسباب إنسانية.. وباريس ترفض

الصين ترى المجلس الانتقالي الليبي «شريكا مهما في الحوار»

وزير الداخلية الليبي السابق خويلدي الحميدي يحمل صور أحفاده الذين قتلوا أثناء قصف طائرات الناتو، وذلك أثناء تشييعهم في مدينة صرمان بغرب طرابلس أمس (إ.ب.أ)
TT

دعت إيطاليا أمس على لسان وزير خارجيتها، فرانكو فراتيني، إلى «تعليق فوري للأعمال الحربية» في ليبيا بهدف إقامة ممرات إنسانية لمساعدة السكان المدنيين، وذلك في كلمة ألقاها أمام لجنتين في مجلس النواب الإيطالي، حسب ما ذكرت «رويترز».

وقال فراتيني أمام لجنة الشؤون الخارجية ولجنة السياسات الأوروبية عشية انعقاد المجلس الأوروبي في بروكسل إن «الأولوية» هي لوقف إطلاق النار في ليبيا لكن في انتظار ذلك يعتبر «تعليق الأعمال المسلحة أمرا أساسيا لإفساح المجال أمام مساعدة فورية».

وأضاف فراتيني أن الوقف الفوري للأعمال الحربية «سيتيح تجنب ما يخشاه المجلس الوطني الانتقالي أي تكريس انقسام ليبيا إلى قسمين».

وتابع «سيتيح بشكل خاص إمكانية الوصول إلى بلدات معزولة يعتبر فيها الوضع الإنساني مأساويا مثل محيط مصراتة وطرابلس نفسها».

وفي إشارة إلى عمليات حلف شمال الأطلسي، طالب فراتيني أيضا «بمعلومات مفصلة»، ودعا إلى «تعليمات واضحة ومحددة» بعد الأخطاء «الدراماتيكية» التي أدت إلى مقتل مدنيين.

وقال فراتيني «من الواضح أن هذه ليست مهمة حلف شمال الأطلسي». وتابع «نشطت الحكومة الإيطالية منذ بدء المهمة مع شركائها الدوليين للتوصل إلى حل سياسي دبلوماسي للأزمة»، في تكرار للكلمة التي ألقاها أمام مجلس الشيوخ أول من أمس على مسامع النواب. وأضاف: «إننا نشاطر مخاوف كل من يخشى إطالة أمد العمليات في ليبيا التي حدد الحلف الأطلسي انتهاء مهلتها في سبتمبر (أيلول) المقبل».

وأثارت مساهمة روما في عمليات الناتو انتقادات في إيطاليا حتى داخل الغالبية الحكومية. وطالبت رابطة الشمال، الحليف الرئيسي في حكومة سيلفيو برلسكوني بوقف الغارات الإيطالية.

ومن المرتقب أن يعقد «المجلس الأعلى للدفاع» اجتماعا في 6 يوليو (تموز) المقبل في روما لبحث التدخل العسكري الإيطالي في الخارج، لا سيما في ليبيا وأفغانستان.

وفي سياق ذلك، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، آندريه فوغ راسموسن أمس أن الحلف «سيواصل» عملياته في ليبيا تفاديا لسقوط «مزيد من المدنيين»، وذلك رغم أن روما طلبت تعليقها «فورا»، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وبدورها، ردت فرنسا بشكل قاطع على دعوة فراتيني، وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية رفضها السير في المقترح الإيطالي بحجة أن قبوله يعني توفير الفرصة للعقيد معمر القذافي من أجل إعادة تنظيم قواته.

واستخدم الناطق باسم الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو، بمناسبة المؤتمر الصحافي الإلكتروني للوزارة، ثلاث حجج رئيسية لرفض الاقتراح الإيطالي، أولاها تقوم على التقيد بـ«الإجماع الاستراتيجي» لدول التحالف الغربي والدول الأخرى ضمنها تركيا ودول عربية المشاركة في العمليات العسكرية كما ظهر لدى اجتماعها في أبوظبي في إطار «مجموعة الاتصال» حول ليبيا. وبحسب الخارجية الفرنسية، فإن الدول المعنية أجمعت قبل أسبوعين على «تكثيف الضغوط (العسكرية) على القذافي»، الأمر الذي برز في ازدياد العمليات العسكرية اليومية التي يقوم بها أساسا الحلف الأطلسي في ليبيا. ولذا، تبدو المبادرة الإيطالية متناقضة مع التوجه العام الداعي إلى مزيد من الضربات الجوية وليس تعليقها.

أما حجة باريس الثانية، فتقوم على اعتبار أن أي تعليق للعمليات العسكرية سيكون من شأنه توفير الفرصة للقذافي لتنظيم قواته والتقاط أنفاسه ما سيعني إطالة أمد الحرب التي أخذت تلقي بظلالها على ميزانيات الدول الغربية الدفاعية بسبب تكلفتها المرتفعة. وبحسب الخارجية الفرنسية، فإن «أي تعليق (للعمليات) سيسمح للقذافي أن يكسب مزيدا من الوقت».

وأخيرا، ترى باريس أن المدنيين الليبيين سيكونون متضررين من أي «إشارة تدل على ضعف» عزيمة دول التحالف في إنجاز مهمته التي تعني، أكثر فأكثر، الإطاحة بالعقيد القذافي وليس فقط حماية السكان وفق النص الحرفي للقرار 1973 الصادر عن مجلس الأمن.

إلى ذلك، وفي تطور مفاجئ، أشاد وزير الخارجية الصيني، يانغ جيه تشي بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي المعارض أمس، ووصفه بأنه «شريك مهم في الحوار»، وأنه أصبح قوة سياسية رئيسية في البلاد.

ولم تتخذ الصين موقف أي من الطرفين في الحرب الدائرة بين قوات العقيد القذافي وجماعات المعارضة، وامتنعت عن التصويت في مارس (آذار) الماضي على قرار مجلس الأمن الذي فوض بغارات جوية يقودها حلف شمال الأطلسي ضد قوات القذافي، لكنها كانت على اتصال بطرفي الصراع للتشجيع على التوصل إلى حل سياسي.

وقال يانغ لمحمود جبريل، مسؤول السياسة الخارجية بالمجلس الانتقالي خلال زيارته بكين «تمثيل المجلس الوطني الانتقالي يتزايد بقوة يوميا منذ تأسيسه وأصبح بالتدريج قوة سياسية محلية مهمة».

وأضاف يانغ في اجتماع مع جبريل، وفقا لبيان نشر على موقع وزارة الخارجية الصينية على الإنترنت «الصين تعتبركم شريكا مهما في الحوار».

واستضافت الصين التي لم تكن قط مقربة من القذافي وزير الخارجية الليبي عبد العاطي العبيدي هذا الشهر لكن تقربها من المعارضين يمثل تعديلا في سياستها التي عادة ما تتجنب التدخل في الشؤون المحلية لدول أخرى. وقالت الصين إن اجتماعاتها في الفترة الأخيرة مع ممثلين عن الحكومة الليبية والمتمردين تأتي في إطار جهودها لتشجيع وقف لإطلاق النار والتفاوض على إنهاء الحرب.

وقال يانغ «الأزمة في ليبيا مستمرة وشعب ليبيا يعاني من صعوبات وفوضى بسبب الحرب والصين تشعر بالقلق إزاء ذلك».

وأضاف «نأمل أن يولي طرفا الصراع في ليبيا اهتماما للبلاد ومصالح شعبها وأن يأخذا في الاعتبار خطط المجتمع الدولي المتعلقة بحل الصراع وأن يوقفا القتال سريعا وأن يحلا الأزمة الليبية عن طريق الحوار».

ونقل موقع الوزارة عن جبريل قوله ليانغ إن المجلس الوطني الانتقالي يقدر موقف الصين العادل من الأزمة الليبية، ووعده باتخاذ إجراءات في الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة لحماية المواطنين الصينيين والاستثمارات الصينية.