الجيش السوري يدخل قرية متاخمة للحدود التركية.. وأنقرة قلقة من العمليات العسكرية

أوغلو: السوريون الذين يفرون من الجنود مدنيون.. نساء وأطفال لا يمكن أن يكونوا إرهابيين

لاجئون سوريون في مخيم للاجئين في بلدة يايلادغي في هاتاي التركية (رويترز)
TT

دخل الجيش السوري أمس قرية الناجية المتاخمة للحدود التركية، بحسب ناشطين حقوقيين، في وقت عبرت فيه تركيا عن قلقها من نشر جنود سوريين قرب الحدود، وأكدت أنها تراقب العمليات عن كثب.

ونقلت صحيفة «حريات» التركية عن مسؤولين سوريين، أن أنقرة «قلقة بشكل كبير من العمليات العسكرية للجيش السوري على بعد مرمى حجر من الحدود، ومن التوبيخ السوري لطلبات أنقرة بإجراء إصلاحات». وذكرت الصحيفة نقلا عن مسؤول في الخارجية التركية، أن وزير الخارجية أحمد داود أوغلو انتقد العمليات العسكرية على الحدود التي تسببت في عبور العديد من السوريين هربا من العنف. وأضافت الصحيفة أن المسؤولين الأتراك عبروا عن قلقهم لوزير الخارجية السوري وليد المعلم، «لأنهم لم يقتنعوا بالادعاءات السورية بأن التحركات العسكرية التي تحصل على بعد بضع مئات من الأمتار عن الحدود، هدفها البحت القبض على إرهابيين».

وذكرت الصحيفة نقلا عن المسؤول، «إن أوغلو قال إن السوريين الذين يفرون من الجنود هم مدنيون، والعديد منهم نساء وأطفال لا يمكن أن يكونوا إرهابيين». وأضاف المسؤول أن تركيا ستراقب رد الفعل السوري على المخاوف التي رفعتها، في الأيام المقبلة.

وقالت «حريات» إنه من المتوقع أن تنتهي العمليات العسكرية السورية على مقربة من الحدود خلال أسبوع. وقال مسؤول استخباراتي سوري سابق، رفض ذكر اسمه، إن العمليات العسكرية قرب الحدود «ليست استعراض قوة وإن القوات سيتم سحبها خلال أسبوع». وأضاف: «لم نفكر قط في أي استعراض للقوة وليس هذا الوضع على الحدود التركية، لقد أرسلنا قوات إلى معظم المناطق الحدودية منذ بدء الاضطرابات بالقرب من الحدود، لأنها تعطي منفذا سهلا للإرهابيين من الخارج».

وشرح أن سوريا أرسلت جنودا أكثر إلى الحدود التركية من المناطق الحدودية الأخرى، «لأن أعمال الشغب كانت أكثر خطورة ودامت لفترة أطول». وقال إن الجيش السوري «بدأ يستعيد السيطرة على المناطق قرب الحدود مع تركيا»، مشيرا إلى أنه مع بدء عودة السكان إلى قراهم، سيبدأ الجنود في التحضير للمغادرة خلال أسبوع. وأضاف المسؤول السوري للصحيفة، أن دمشق «شعرت بالإهانة» من الإصرار التركي على إجراء إصلاحات، وقال: «تركيا مارست ضغوطا علنية علينا حول الإصلاحات. تركيا بلد صديق، ولكن لا يمكنها أن تعطينا نصائح حول سياستنا الداخلية. هذا الأمر يغضبنا».

من جهته، قال دبلوماسي تركي سابق، إن الرئيس السوري بشار الأسد سيتعين عليه أن يرحل «ربما خلال شهر وربما خلال عام». وقال اوزديم سانبريك في مقابلة مع صحيفة «حريات»، إن «الجني خرج من القمقم في سوريا، والنظام يحاول شراء الوقت، ولكن من غير المنطقي أن نتوقع انتقالا إلى نظام متعدد الأحزاب. سيكون من الصعب على النظام أن يبقى على قيد الحياة، وسيكون من الصعب على بشار الأسد أن يستمر في السلطة. سيغادر، ربما خلال شهر وربما خلال سنة، لا يمكننا التنبؤ أين سيحل الوقت».

ونفى الدبلوماسي أن تكون تركيا تعطيه فرصة لقيادة العملية الانتقالية، بل إنها تحاول اعتماد مقاربة أكثر طراوة. وقال: «سيكون من الخطأ اتباع سياسة إبقاء الأسد في السلطة، ولا أعتقد أن تركيا تقوم بذلك.. تركيا تتبع سياسة حتى لا يتسبب موت النظام في خطر لا على الشعب السوري ولا على الأمن في تركيا». واعتبر أن تشجيع تركيا على خروج سريع للأسد من السلطة «سيزيد من حدة التوتر بسبب غياب بديل عنه»، وقال: «يجب أخذ إيران في الحسبان هنا، دعم تركيا للمعارضة السورية قد يؤدي إلى عداوة إيرانية تجاه تركيا».

ميدانيا، دخل الجيش السوري قرية الناجية المتاخمة للحدود التركية في إطار متابعة انتشاره في ريف إدلب (شمال غربي)، وأفاد ناشط حقوقي بأن الجيش السوري تدعمه دبابات دخل السبت (أمس) قرية الناجية الواقعة قرب الحدود السورية - التركية حيث يتجمع آلاف اللاجئين الفارين من القمع. وقال الناشط في اتصال أجرته معه وكالة الصحافة الفرنسية، إن «وحدات من الجيش تؤازرها دبابات وناقلات جنود دخلت صباح اليوم (أمس) قرية الناجية وانتشرت فيها»، مشيرا إلى أن «عملية الانتشار تأتي ضمن إطار نشر الجيش السوري في منطقة إدلب (شمال غربي)».

وتقع قرية الناجية القريبة من الحدود التركية على الطريق المؤدي من جسر الشغور (شمال غربي) إلى اللاذقية (غرب). ودخل الجيش السوري تدعمه دبابات يوم الخميس الماضي، قرية خربة الجوز (شمال غربي) الواقعة قرب الحدود السورية - التركية، في خطوة اعتبرتها واشنطن تمثل «تطورا مقلقا للغاية من قبل السوريين».

وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أعلنت الجمعة أن الجيش السوري أكمل انتشاره في القرى المحيطة بجسر الشغور (شمال غربي) قرب الحدود التركية التي كان دخلها الأسبوع الماضي لطرد «تنظيمات مسلحة» منها. وأدى وصول القوات السورية الخميس إلى مشارف الحدود التركية إلى مغادرة نازحين سوريين كانوا أقاموا مخيما عرضيا على طول عدة كيلومترات من الحدود بين البلدين مترددين في العبور إلى تركيا خشية عدم التمكن بعدها من العودة إلى ديارهم. وعبر أكثر من 1500 سوري الخميس الحدود السورية - التركية مع اقتراب الجيش السوري، مما رفع عدد اللاجئين السوريين لتركيا إلى 11700. وتدعو سوريا اللاجئين في تركيا للعودة إلى قراهم. وقد أعلن رئيس الهلال الأحمر السوري أمس أنه يضمن سلامتهم إذا قرروا العودة إلى بلادهم، بحسب ما أفادت به وكالة أنباء الأناضول التركية أمس. وصرح عبد الرحمن العطار، رئيس الهلال الأحمر السوري، لصحافيين أتراك من دمشق قائلا: «باسم الهلال الأحمر نضمن أن الحكومة السورية لن تحاسبهم وأنهم لن يتعرضوا إلى أي إجراء من قوات الأمن». وقال إنه «مع العفو الشامل المعلن فلن يتعرضوا إلى الاستجواب». ووقع الرئيس السوري بشار الأسد الثلاثاء «مرسوما يمنح عفوا شاملا عن الجرائم المرتكبة قبل العشرين من يونيو (حزيران)».

وأضاف العطار أنه ينتظر إذنا من السلطات التركية لزيارة مخيمات اللاجئين. وقال «طلبت من الهلال الأحمر التركي زيارة المخيمات في تركيا.. وسبب هذه الزيارة هو أنني أريد أن أتحدث مع الذين يريدون العودة إلى سوريا دون أن يتعرضوا إلى أي ضغط». وأعرب عن «الأمل بأن يفعل الهلال الأحمر التركي ما هو ضروري كي يعود اللاجئون». وأكد أنه أبلغ بأن مجموعات مسلحة في سوريا تمنع اللاجئين من العودة إلى ديارهم، وأن الحكومة اتخذت إجراءات لضمان أمنهم.