إيران تتهم الغرب وأميركا برعاية الإرهاب.. ونجاد يشكك في 11 سبتمبر

طهران وكابل وإسلام آباد تتفق على «خارطة طريق».. وخامنئي: خطط أوباما للانسحاب من أفغانستان «استهلاك محلي»

TT

استغلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية مؤتمرا عقدته في طهران أمس عن مكافحة الإرهاب لاتهام الغرب بأنه الراعي الرئيسي للعنف السياسي ضد المدنيين، وفيما اعتبر المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي الخطط الأميركية للانسحاب من أفغانستان لـ«الاستهلاك المحلي»، اتفقت كل من أفغانستان وإيران وباكستان على توحيد جهودهم لمكافحة التشدد وأنشطة المسلحين.

وقال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في كلمة ألقاها أمام المشاركين في المؤتمر، ومن بينهم رؤساء العراق وأفغانستان وباكستان - حيث ميادين المعارك الرئيسية للحرب الأميركية على الإرهاب - إن واشنطن وإسرائيل وأوروبا «أكبر الضالعين في الإرهاب».

وقال أحمدي نجاد أمام «المؤتمر الدولي للحرب العالمية ضد الإرهاب»، إنه «من المؤسف أن أعلن أن الأفراد والجماعات المسؤولة عن هذه الحوادث (الإرهابية) تدعمها حكومات أوروبية معينة وبعض الساسة الأميركيين».

وباتهامها الغرب تقلب طهران الطاولة على الاتهامات الموجهة إليها بدعم جماعات متشددة مثل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وجماعة حزب الله، وتعتبرهما إسرائيل وحلفاؤها الغربيون منظمتين إرهابيتين.

وخلال خطابه أثناء الجلسة الافتتاحية كرر نجاد اتهاماته للولايات المتحدة بأنها «تذرعت» بهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 لإرسال قوات للمنطقة.

وقال أحمدي نجاد «نظرا للطريقة التي تم التعامل بها مع تلك الهجمات واستغلالها، فإن الأمر لا يختلف كثيرا عن الهولوكوست». وتابع «لقد استغلت الحكومة الأميركية تلك الهجمات كذريعة لاحتلال بلدين ولقتل وتشريد والتنكيل بشعوب المنطقة».

وأضاف «لو فتحت (الصناديق السوداء) لـ11 سبتمبر والمحرقة لتعلمنا أشياء كثيرة، لكن مع الأسف لا تسمح الحكومة الأميركية بذلك رغم مطالبة العالم أجمع بذلك».

وسبق أن شكك أحمدي نجاد عدة مرات في هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي راح ضحيتها 3 آلاف شخص في الولايات المتحدة، وفي المحرقة اليهودية (الهولوكوست).

من جانبه، بعث المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي برسالة إلى المؤتمر الذي لم يحضره، وقال في رسالته، التي تلاها أمام الحضور نيابة عنه مستشاره في الشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، إن واشنطن انتهجت «سلوكا إرهابيا و(قدمت) دعما ماليا وعسكريا لإرهابيين منظمين»، وأضاف أن الهجمات بطائرات دون طيار في أفغانستان وباكستان وإسقاط سفينة حربية أميركية لطائرة مدنية إيرانية في عام 1988 واغتيال عالمين نوويين إيرانيين - لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه - من الحوادث التي تتضمنها «القائمة المشينة التي لا تنسى للإرهاب الأميركي».

وقادت الولايات المتحدة حملة دبلوماسية عالمية لتشديد العقوبات على إيران التي يعتقد أنها تسعى لإنتاج أسلحة نووية، وهو اتهام تنفيه إيران. وناصب البلدان بعضهما العداء منذ ثورة عام 1979 التي أطاحت بالشاه الذي ساندته الولايات المتحدة، وما أعقب ذلك من احتلال للسفارة الأميركية في طهران.

أما الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري، فقد كرر الحديث الأميركي بشأن الحرب على الإرهاب، حيث قال في كلمته إن «قواتنا في الخنادق على خط المواجهة الفعلي لأكبر معركة في القرن الحادي والعشرين. نحن نخوض حربا لن تحدد مصير بلدنا، بل مصير دولنا والعالم بأسره». كما ألقى الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، الذي كان قد استقبل وزير الدفاع الإيراني خلال زيارة تاريخية لكابل الأسبوع الماضي في خطوة تنذر واشنطن بالخطر، إذ تخشى زيادة نفوذ طهران في المنطقة، كلمة قال فيها إنه «رغم محاولاتنا على مدار السنوات العشر الأخيرة إرساء أسس دولة، لم يحقق بلدنا السلام فحسب بل لا يزال الإرهاب يمثل تهديدا لأفغانستان والمنطقة».

وفي اجتماع خاص على هامش المؤتمر أبلغ خامنئي كرزاي بأنه يعتقد أن واشنطن تريد وجودا عسكريا دائما في أفغانستان، ونقلت وكالة أنباء «الطلبة» قوله «ما دام الجنود الأميركيون في أفغانستان، فلن يتحقق الأمن حقا».

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) عن خامنئي «إن الشعب الأفغاني يشعر بالاستياء من وجود القوات الأميركية في بلاده لأن هذا الوجود نقمة له وكذلك لجميع المنطقة»، وأضاف «إن الأميركيين باتوا أضعف في المنطقة وحتى في العالم مقارنة بالماضي، وأن قادة هذا البلد يحاولون تعويض هذا الضعف في المنطقة لكنهم لن يحققوا شيئا».

واستطرد خامنئي بأن تصريحات الرئيس الأميركي بشأن خروج القوات الأميركية من أفغانستان هي لـ«الاستهلاك المحلي»، وتابع «إن الأمن الحقيقي لن يتحقق في أفغانستان ما دامت القوات الأميركية موجودة في هذا البلد». وأكد استعداد بلاده للتعاون وتقديم أي مساعدة ممكنة لإعمار البنى التحتية وتحقيق التقدم في أفغانستان.

أما الرئيس العراقي جلال طالباني، فقد أكد، خلال المؤتمر، الرأي الذي أوضحه جميع المتحدثين بشأن ضرورة عدم استغلال الإسلام لتبرير «الإرهاب»، وحذر الدول الأجنبية من دعم جماعات مثل «القاعدة»، وقال إن ثمة فهما خاطئا في بعض المناطق باستغلال من يعتقدون أنهم متدينون، للإسلام لدعم أهدافهم الشريرة، بينما الإسلام يدعو للسلام وينبغي استخدامه ضد الإرهاب. وأضاف «أوشكت هذه الظاهرة أن تدمر بلدنا، ومن يلقون دعما ماليا أو غيره من دول أجنبية على خطأ».

وعلى هامش المؤتمر، اتفق رؤساء أفغانستان وإيران وباكستان أمس على توحيد جهودهم لمكافحة التشدد وأنشطة المسلحين. وجاء البيان المشترك لزعماء البلدان الثلاثة المتجاورة عقب إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما أن بلاده ستسحب 33 ألف جندي من قواتها المتمركزة في أفغانستان في نهاية الصيف المقبل. وقال البيان إن «الأطراف الثلاثة يؤكدون تعهدهم بالسعي للقضاء على التطرف وأنشطة المسلحين والإرهاب، فضلا عن رفض التدخلات الأجنبية، وهي الأمور المخالفة تماما لروح الإسلام والإرث الثقافي السلمي في المنطقة، ناهيك بمصالح شعوبها». وتابع البيان الذي بثته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية بالقول إن البلدان الثلاثة قررت «مواصلة الاجتماعات على صعيد وزراء الخارجية والداخلية والأمن والاقتصاد للخروج بخارطة طريق للقمة المقبلة التي ستعقد قبل نهاية 2011 في إسلام آباد».