الانقسام يهدد الحزب الرئيسي في منظومة الحكم بالجزائر

وزراء يشنون حملة كبيرة لإبعاد بلخادم عن قيادة جبهة التحرير

TT

يواجه الحزب الرئيسي في منظومة الحكم بالجزائر، جبهة التحرير الوطني، أزمة حادة، شبيهة إلى حد بعيد بأزمة هزته عشية انتخابات الرئاسة 2004 حينما انشطر الحزب إلى جناحين، أحدهما ساند ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية ثانية، والثاني دعم الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس.

ويطالب وزراء حاليون وسابقون ينتمون إلى جبهة التحرير الوطني، برأس أمينه العام، وزير الدولة عبد العزيز بلخادم على أساس أنه «حاد عن النهج الأصيل للحزب». ورد عليهم بلخادم أول من أمس في تجمع حاشد حضره أنصاره، أنه مستعد للرحيل عن القيادة شرط أن يتم ذلك بموافقة غالبية أعضاء «برلمان» الحزب، واللجنة المركزية.

ويقود حملة معارضة بلخادم، وزير التكوين المهني الهادي خالدي ومعه الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان محمود خذري، وثلاثة وزراء سابقون هم: محمد الصغير قارة (السياحة) وصالح قوجيل (النقل) ورشيد بوكرزازة (الإعلام)، والعشرات من الكوادر الموجودين بالبرلمان والمجالس المحلية المنتخبة. وأنشأت المعارضة فضاء للتنسيق بغرض الإطاحة ببلخادم، سموه «حركة تقويم وتأصيل جبهة التحرير الوطني»، تسعى منذ عام إلى عرقلة نشاط بلخادم وتشن ضده حملة كبيرة في الصحافة.

ومن المفارقات أن هذه الأسماء كانت في خندق بلخادم، وخاضوا معه معركة سياسية وقضائية ضد الأمين العام الأسبق علي بن فليس في 2004، رافضين أن يساند الحزب ترشح شخص آخر للرئاسة غير عبد العزيز بوتفليقة.

ولا يفوت «التقويميون»، كما تسميهم الصحافة، تنقلات بلخادم إلى الولايات إلا وجمعوا له عشرات المناضلين الغاضبين لمطالبته بالرحيل. واحتشد معارضوه بالعاصمة أول من أمس، أمام مبنى النقابة المركزية، حيث التقى بلخادم أنصاره، ورفعوا لافتات كتب عليها «ارحل» و«يا للعار الشكارة دخلت للدار». ويقصد بـ«الشكارة» في مفهوم غالبية الجزائريين، أموال الرشوة والفساد. وبلخادم متهم من طرف معارضيه، بفتح الباب للمرتشين ليكونوا أعضاء في «اللجنة المركزية» التي تضم 352 عضوا.

وقال بلخادم في التجمع الذي نظمه، إنه يتحدى «التقويميين» إن كانوا يستطيعون تنحيته بواسطة مؤسسات الحزب. وأوضح أن مطلب «تطهير اللجنة المركزية من الدخلاء على الحزب والمفسدين» لا يمكنه التجاوب معه، بذريعة أن أعضاء اللجنة المركزية اختارهم المؤتمر التاسع للحزب الذي عقد العام الماضي. وذكر قيادي الحركة «التقويمية» محمد الصغير قارة لـ«الشرق الأوسط»: «حزبنا كبير ورائد، ولكن بلخادم جعل منه ملجأ للذين لا مكان لهم بيننا من رؤوس الفساد، لهذا لا بد أن يرحل ولن نوقف هذه الحملة حتى يرحل». وأشار إلى أن «الوضع الذي آلت إليه الجبهة في عهد بلخادم، سيقودنا حتما إلى الكارثة في الانتخابات التشريعية والمحلية العالم المقبل». ويسود اعتقاد في الأوساط السياسية أن القلاقل التي يعيشها حزب الأغلبية، تفسح المجال للحزب الغريم «التجمع الوطني الديمقراطي» ليخطف منه الريادة.

وفي الجهة المقابلة، يذكر عبد الحميد سي عفيف عضو «المكتب السياسي» لـ«جبهة التحرير» ومن أكثر المقربين لبلخادم، لـ«الشرق الأوسط»: «هؤلاء الإخوة (المعارضون) ثارت ثائرتهم لأن أسماءهم لم ترد في تشكيلة المكتب السياسي، وهم يبحثون عن مواقع ريادية لا غير». وهون سي عفيف من أزمة الحزب قائلا: «جبهة التحرير متعودة على مثل هذه الهزات، فنحن حزب يختلف عن الأحزاب الحاكمة في البلدان التي تشبه نظام الحكم ببلادنا، فقد تعاقب على قيادته 12 أمينا عاما في مدة 50 سنة، ونحن حزب ديمقراطي يقبل بالرأي الآخر بل لا يمنع ثورة الآخر. وسوف نتجاوز هذا الانقسام».