اليمن: عشرات القتلى والجرحى في مواجهات مع مسلحي «القاعدة» في أبين

مئات الضباط والجنود يعلنون تأييدهم للثورة.. وبعثة أممية تتقصى وضع حقوق الإنسان

يمنيون يتظاهرون في تعز أمس مطالبين برحيل الرئيس علي عبد الله صالح (رويترز)
TT

تصاعدت حدة المواجهات في جنوب اليمن بين القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح ومسلحين تقول السلطات اليمنية إنهم ينتمون لتنظيم القاعدة، حيث قتل وجرح العشرات أمس في أحدث المواجهات وفي حوادث أمنية متفرقة.

وقالت مصادر محلية إن 23 شخصا قتلوا في أبين وعدن في غضون الساعات الأربع والعشرين الماضية، وقال شهود عيان في أبين لـ «الشرق الأوسط» إن ضابطا و15 جنديا ومسلحين اثنين على الأقل، قتلوا في أحدث المواجهات التي تدور خارج مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين، حيث يسيطر المسلحون على المدينة منذ أواخر الشهر الماضي.

وذكر شهود العيان أن القوات الحكومية الموالية لصالح استخدمت الطيران في قصف مواقع وأهداف محتملة للمسلحين. وقال أحد سكان مدينة جعار، ثاني مدن محافظة أبين، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إن أطراف المدينة تعرضت لغارة جوية عنيفة من قبل الطيران الحربي اليمني، وإن الغارة لم تسفر عن خسائر، لكنها روعت سكان المدينة ونشرت الرعب في أوساطهم.

وبالقرب من مدينة زنجبار، تدور مواجهات عنيفة مع المسلحين الذين يقدر عددهم بالمئات وتجري المواجهات، بالتحديد، بالقرب من ملعب (استاد رياضي) الوحدة الرياضي الذي يبعد بضعة كيلومترات عن المدينة، وهناك تحدثت مصادر عن مقتل 5 مدنيين وإصابة 12 آخرين في قصف جوي استهدف حافلة كانت تقل عددا من النازحين هربا من جحيم المواجهات.

ونزح الآلاف من سكان مدينة زنجبار عن المدينة إلى مدينة عدن ومدن أخرى مجاورة جراء المواجهات، وأعلنت مصادر حكومية أمس، أن الفريق عبد ربه منصور هادي نائب الرئيس والقائم بمهامه وأعماله، وجه بصرف مبلغ 200 مليون ريال، أي ما يقرب من مليون دولار، للمساعدة في إغاثة النازحين من محافظة أبين، والذين تقوم جهات أممية إنسانية بمتابعة قضيتهم مع السلطات اليمنية.

وفي وقت متأخر من مساء أول من أمس، قتل العقيد في الأمن اليمني، خالد اليافعي، بالقرب من منزله في حي المنصورة بمدينة عدن. وقال سكان في الحي إن سيارة اليافعي انفجرت به، في إشارة إلى أنها ربما لغمت وفجرت عن بعد، وقام السكان بإخراج جثة الضابط اليمني من السيارة وهي متفحمة، وفي حين لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الحادث، فإن السلطات اليمنية لم توجه أصابع الاتهام إلى أية جهة.

وكانت عدن شهدت الأسبوع الماضي، عملية انتحارية بسيارة مفخخة أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود وإصابة عشرة آخرين، وقد اتهمت السلطات تنظيم القاعدة بالوقوف وراء الحادث، وتعيش عدن وضعا أمنيا منفلتا منذ فترة، خاصة أن أحمد قعطبي محافظها، استقال بعد أسابيع قليلة على تعيينه، احتجاجا على أعمال القمع واسعة النطاق التي طالت المحتجين في معظم المحافظات اليمنية.

إلى ذلك، تواصلت الاحتجاجات في معظم المحافظات اليمنية للمطالبة بـ «الحسم الثوري» وبتشكيل مجلس انتقالي لإدارة شؤون البلاد، وخرجت مظاهرات حاشدة في صنعاء وإب والبيضاء وتعز لرفع هذه المطالب، وبعض هذه المظاهرات كانت نسائية.

وفي ظل استمرار الاحتجاجات، واصل المئات من ضباط وأفراد القوات المسلحة والأمن الانضمام لثورة الشباب المطالبة بالإطاحة بنظام صالح، وأعلن أكثر من 300 ضابط وجندي من الحرس الجمهوري والأمن المركزي وشرطة النجدة انضمامهم للثورة، وحضر هؤلاء العسكريون إلى «ساحة التغيير» في العاصمة صنعاء وأعلنوا تأييدهم للثورة ومطالبها.

ومنذ اندلاع الثورة الشبابية الشعبية المطالبة بتنحي صالح وبإسقاط نظامه، انقسم الجيش اليمني بين مؤيد لصالح ومعارض ومنشق عنه، وباتت معظم المناطق العسكرية مؤيدة للثورة ولم تعد سوى المنطقة العسكرية الجنوبية موالية لصالح، إضافة إلى قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي، والأولى يسيطر عليها النجل الأكبر للرئيس علي عبد الله صالح، العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح والثانية يسيطر عليها نجل شقيق الرئيس اليمني العميد الركن يحيى محمد عبد الله صالح.

على صعيد آخر، تواصل بعثة أممية أعمال تقصي الحقائق بشأن أوضاع حقوق الإنسان في اليمن، وبدأت بعثة المفوضية السامية لحقوق الإنسان زيارة إلى اليمن الاثنين الماضي ويرأسها هاني المجالي، وقد زارت العديد من المناطق في العاصمة صنعاء والتي شهدت مواجهات مسلحة بين المؤيدين والمعارضين لنظام الرئيس صالح، والتقت البعثة، أمس في صنعاء، باللواء مطهر رشاد المصري وزير الداخلية اليمني.

وقالت مصادر رسمية إن المصري أطلع البعثة على «الآثار الناتجة عن الأزمة وأسبابها وتداعياتها، وجهود الوزارة المبذولة في حفظ الأمن والاستقرار والتضحيات التي قدمها رجال الأمن في سبيل ذلك».

وأضافت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» أن الوزير أكد أن «توجيهات القيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية كانت صريحة وواضحة في امتصاص غضب البعض والتحلي بضبط النفس وعدم استخدام القوة مهما تعرض رجال الأمن للاستفزاز أو الاعتداء».

وتطرق الوزير اليمني في شرحه إلى «الاعتداءات المتكررة التي يتعرض لها رجال الشرطة والأمن في مختلف المحافظات، وكذا تحريض المواطنين والزج بهم للدخول في مهاترات مع الشرطة وتحريضهم لاقتحام واحتلال المنشآت العامة وتخريبها». واستعرض «تقارير تؤكد الاعتداءات والانتهاكات التي تعرض لها رجال الشرطة والأمن من قبل عناصر اللقاء المشترك في مختلف المحافظات، مدعمة بالأدلة والبراهين التي تؤكد على أن الشرطة كانت وعلى امتداد مرحلة الأزمة هي المعتدى عليها في حين كانت تنفذ واجبها متحلية بالصبر وبتوجيهات قيادة الوزارة المتكررة بعدم الدخول في مهاترات مع المواطنين مهما كانت الأسباب».

وقتل المئات وجرح الآلاف على يد قوات الأمن والحرس الجمهوري في جميع المحافظات اليمنية منذ بدء الاحتجاجات المناوئة للنظام، إلا أن مقتل أكثر من 50 شخصا في صنعاء في 18 مارس (آذار) الماضي والعشرات أواخر الشهر الماضي في تعز، أجج مشاعر المواطنين في جميع المحافظات والذين طالبوا بمحاكمة الرئيس علي عبد الله صالح وأقربائه وكبار مساعديه، وتعهدت فصائل في ساحات التغيير والحرية بملاحقة رموز النظام لدى القضاء الدولي، وتعول الأوساط المعارضة على التقرير الذي سترفعه البعثة الأممية بشأن الانتهاكات من أجل تعزيز المطالب بمحاكمة رموز النظام.