القوات المؤيدة للثورة تتهم النظام بدعم «القاعدة» في أبين

معارض يمني لـ«الشرق الأوسط»: على نائب الرئيس تكليف المعارضة بتشكيل حكومة وحدة وطنية

فتاة يمنية تحمل صورة للرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، وتهتف بشعارات مؤيدة له وسط مظاهرة نظمها مؤيدو الرئيس صالح في صنعاء، أمس (أ.ب)
TT

طالب قيادي بارز في المعارضة اليمنية نائب الرئيس اليمني الفريق عبد ربه منصور هادي، القائم بأعمال الرئيس اليمني، بدعوة المعارضة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن المعارضة في تكتل اللقاء المشترك تدرس خيار تشكيل مجلس انتقالي في ظل الأوضاع الراهنة التي تعيشها البلاد، هذا في وقت خرج مئات الآلاف من اليمنيين، أمس، في مظاهرات حاشدة في معظم المحافظات اليمنية للتأكيد على استمرار الثورة حتى النصر من أجل إسقاط نظام الرئيس علي عبد الله صالح وللمطالبة برحيل أقربائه عن الحكم، في حين تظاهر مؤيدون للرئيس صالح في العاصمة، صنعاء.

وقال قيادي في المعارضة اليمنية إن تكتل المعارضة في أحزاب اللقاء المشترك يدرس تشكيل مجلس انتقالي، وتأتي هذه التصريحات بعد يوم واحد على إعلان مسؤولين حكوميين أن الرئيس علي عبد الله صالح وجه الحكومة بالبدء في التحضيرات لإجراء حوار واسع وشامل يشمل كافة القوى السياسية في الساحة اليمنية، بما في ذلك الحوثيين والحراك الجنوبي وشباب الثورة، بالإضافة إلى أحزاب المعارضة، كما قال طارق الشامي، رئيس دائرة الإعلام في حزب المؤتمر الشعبي العام لـ«الشرق الأوسط»، ونشرت تصريحاته أمس.

واعتبر حسن زيد، أمين عام حزب الحق المعارض، دعوات الحوار من جانب السلطة قديمة و«لم تنجز شيئا»، وإنها محاولة من قبل الممسكين بالسلطة حاليا للالتفاف على تنفيذ المبادرة الخليجية التي قال إن تنفيذها لا يحتاج إلى حوار، وإنما إلى «خطوات إجرائية»، وإن على نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي أن «يدعو المعارضة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية ثم تنتقل السلطة إليه، إذا كانت المبادرة ما زالت في أذهانهم». وأشار إلى أن الحزب الحاكم في اليمن (المؤتمر الشعبي العام) وقع المبادرة ولا يريد تنفيذها.

وقال زيد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن تشكيل مجلس انتقالي لإدارة شؤون البلاد، هو «الخيار البديل في ظل انعدام البترول والديزل (المازوت)». وأعرب عن خشية المعارضة من اندلاع «ثورة جياع وانتفاضة شاملة في اليمن»، جراء انعدام هذه المواد، خصوصا بعد أن شهدت الأيام الماضية اقتتالا في أكثر من منطقة بين المواطنين على المشتقات النفطية.

وأشار زيد إلى أن الوضع الراهن لا بد له من وجود حكومة، وأفق سياسي، وانتقال للسلطة، وتخفيف للقبضة العسكرية، ورفع الحصار المفروض على الشعب اليمني بعمليات التجويع.

وعن مواقف الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية من التطورات الجارية في اليمن، قال زيد لـ«الشرق الأوسط» إن ما يهم الولايات المتحدة والسعودية هو استقرار اليمن، «لأن مصالحهما في استقراره. ونحن أدرى بواقعنا. وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فنخشى أن (نتصومل)، لأن اليمنيين لن يصبروا عندما يتقاتلوا على الخبز والماء، فالماء بات منعدما ومعظم أفران الخبز أغلقت أبوابها، في حين الناس تقتتل على البترول، والمزارع ومحاصيلها مهددة بالتوقف والتلف». واعتبر ما يعيشه المواطنون اليمنيون حاليا هو «حالة حرب حقيقية ضد الشعب اليمني».

وشهدت العاصمة صنعاء، وعواصم المحافظات والمدن الثانوية، مظاهرات حاشدة تلبية لدعوة شباب الثورة في الجمعة التي أطلق عليها اسم «ثورة حتى النصر»، واحتشد مئات الآلاف في شارع الستين بصنعاء وأدوا صلاة الجمعة وهم يهتفون بمطالب تشكيل مجلس انتقالي لإدارة شؤون البلاد، وبرحيل نجل الرئيس، العميد أحمد علي عبد الله صالح، قائد الحرس الجمهوري والقوات الخاصة، وأقربائه الممسكين بأهم المؤسسات العسكرية والأمنية، عن الحكم.

وفي أعقاب خطبة الجمعة بصنعاء، قال العقيد عسكر زعيل، الناطق باسم قوات الجيش الموالية للثورة وباسم اللواء علي محسن الأحمر، مخاطبا المتظاهرين إن «جماجمنا ورتبنا ونياشيننا تحت أقدام الشعب إذا لم تكن من أجل الشعب وحرياته واستقلاليته»، وجاءت كلمة زعيل إثر توجيه خطيب الجمعة الشكر لضباط وأفراد القوات المسلحة الذين أعلنوا تأييدهم للثورة.

وقدر عدد المتظاهرين في تعز، بأكثر من مليون شخص بالتزامن مع وجود بعثة أممية لتقصي الحقائق بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي تعرض لها المتظاهرون والمعتصمون على يد قوات الأمن المركزي وقوات الحرس الجمهوري خلال الأشهر الماضية على اندلاع الاحتجاجات.

وفي شمال صنعاء، عاود الطيران الحربي قصف قرى مناطق أرحب ونهم في محافظة صنعاء، وقالت مصادر محلية إن قتلى وجرحى سقطوا جراء ما وصفته مصادر المعارضة بـ«العدوان» على القرى، وإن بين القتلى امرأة.

على الجانب الآخر، قالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) إن ملايين اليمنيين أدوا أمس، صلاة الجمعة في صنعاء وباقي المحافظات في «جمعة الثبات»، وإنهم أكدوا تمسكهم بالنظام والقانون وبـ«الشرعية الدستورية»، في إشارة إلى أن الرئيس صالح يحظى بتأييد شعبي.

وفي ظل الجدل المحتدم وتضارب المعلومات حول عودة الرئيس علي عبد الله صالح إلى اليمن من العلاج في السعودية، أبرزت وسائل الإعلام الرسمية اليمنية أنشطة لصالح خلال اليومين الماضيين، حيث ذكرت أنه أرسل برسالة تهنئة للأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بمناسبة إعادة انتخابه في منصبه، بالإضافة إلى لقائه بمستشاره السياسي ووزير خارجيته.. وغيرها من الأنشطة التي توحي بممارسته لمهامه الرئاسية في الوقت الذي لم يذكر الإعلام الرسمي نائب الرئيس بصفته قائما بمهام الرئيس وأعماله.

إلى ذلك، وفي ظل استمرار المواجهات في محافظة أبين بين القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح ومسلحين تقول السلطات أنهم ينتمون لتنظيم «القاعدة»، اتهمت قوات الجيش المؤيدة للثورة الشبابية النظام اليمني بالوقوف وراء محاولات عناصر «القاعدة» للاستيلاء والسيطرة على محافظة أبين بجنوب البلاد، وقالت هذه القوات، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن ما يجري في أبين هو «جريمة ومؤامرة على الوطن والأشقاء والأصدقاء والمجتمع الدولي والسلام في العالم».

وأضاف البيان: «هذا النظام الذي ما فتئ يبتز الأشقاء والأصدقاء يزعم محاربته للإرهاب، ها هو اليوم ينكشف للعالم أجمع أنه هو صانع الإرهاب وحاضنه ومربيه إذ إنه عندما رأى أن كل أساليبه الطائشة لم تجدِ نفعا في قمع الثورة السلمية عمد إلى ورقة الإرهاب التي كان يستخدمها كورقة خارجية لاستخدامها الآن داخليا وخارجيا، فأوعز إلى بعض عناصره الإرهابية الذين هم أصلا من منتسبي الأمن القومي لقيادة العمليات الإرهابية في مديرية زنجبار بمحافظة أبين بعد أن أعطى توجيهاته إلى الأمن والوحدات العسكرية التابعة للنظام في المحافظة إلى الانسحاب منها ليتسلمها الإرهابيون مع كل ما فيها من عتاد»، على حد تعبيره.

وقالت القوات المؤيدة للثورة: «إننا في قيادة أنصار الثورة الشبابية الشعبية السلمية نحمل بقايا النظام كامل المسؤولية أمام أي تطور لصالح الإرهابيين، لا قدر الله، في محافظة أبين، مناشدين في الوقت ذاته الأشقاء في دول الخليج والأصدقاء الأميركان والاتحاد الأوروبي وبريطانيا والمجتمع الدولي وكافة أحرار العالم الوقوف في وجه التصرفات غير المسؤولة لبقايا النظام التي ستقود البلاد والمنطقة والعالم إلى ما لا تحمد عقباه وهذه مسؤولية تاريخية نتحملها جميعا».