حبش: أفضل سبيل للانتقال للديمقراطية هو أن يقود هذا التحول الرئيس الأسد

الاعتداء بالضرب على مشارك طالب بإسقاط النظام

أحد المشاركين في المؤتمر أثناء مطالبته بإسقاط النظام السوري,
TT

بعد أقل من أسبوع من انعقاد المؤتمر التشاوري، الذي عقدته المعارضة السورية، وشارك فيه معارضون ومستقلون ومثقفون سوريون من مختلف الأطياف، في فندق سميراميس، شهد الفندق ذاته مؤتمر «المبادرة الوطنية من أجل مستقبل سوريا» يوم أمس، المؤتمر الأول الذي عقد في 27 يونيو «حزيران» الماضي، لم تغض السلطات الطرف عنه إلا طمعا في أن يخرج ببيان يشير إلى قبول الحوار، إلا أن البيان جاء كما وصفه برهان غليون «صفعة للنظام»، إذ خلا من أي إشارة للحوار مع السلطة، كما أعلن المجتمعون دعم (الانتفاضة الشعبية) باعتبارهم جزءا منها, وعاد ليؤكد مطالب المعارضة ذاتها في الداخل والخارج، التي تتفق مع مطالب الشارع.

النظام الذي لم يوفر فرصة لاستغلال المؤتمر لتشويه المعارضة وتشتيتها، «لم تسره النتائج». وسرعان ما تم الإعلان في وسائل الإعلام المحلية عن عقد مؤتمر «المبادرة الوطنية من أجل مستقبل سوريا» في الفندق ذاته، في «محاولة مكشوفة لتعويم المعارضة، وذلك قبل أسبوع من انطلاق الحوار الوطني الذي دعت إليه هيئة الحوار الوطني برئاسة نائب الرئيس، فاروق الشرع». بحسب ما قاله ناشط على موقع «فيس بوك» تابع وقائع مؤتمر المبادرة، التي جاءت «فصلا جديدا في مسرحيات الحوار الذي يروج له النظام، كما كشف عن انعدام فرص إقامة حوار حقيقي»، فالبداية كانت مع امتناع إدارة فندق (سميراميس) عن فتح القاعة لدخول المشاركين حتى الحصول على الموافقة الأمنية، التي وصلت بعد ساعة من الموعد المحدد لانعقاده.

المشاركون البالغ عددهم نحو مائة شخص جاءوا من مختلف المحافظات، أبرزهم النائب في مجلس الشعب والداعية الإسلامي، محمد حبش، المنسق العام للمؤتمر، وحسين عماش، مدير عام سابق لهيئة التخطيط، افتتحوا المؤتمر رغم أنف إدارة الفندق في اللوبي، إلا أنه وبعد قليل ووسط هتافات «الله.. سوريا.. بشار وبس» رددها بعض المشاركين، تم اقتحام القاعة عنوة واحتلالها، وإعلان بدء المؤتمر مجددا وتلاوة النشيد الوطني، واتهم محمد حبش إدارة الفندق بأنها قطعت الكهرباء لأكثر من ساعة عن القاعة، واتهم جهات لم يسمها بمحاولة إفشال المؤتمر، ثم قدم شكرا خاصا لنائب الرئيس، فاروق الشرع، الذي «بذل جهدا لإنجاح هذا الحوار». وقال: «مدير الفندق لا يبالي بالوطن كله». وتوعد بمقاضاته، وأضاف: «إدارة الفندق بخلت علينا بالكهرباء، ونحن نعتبر هذا نضالا، وهناك من لا يريد لهذا الحوار أن ينجح، هناك من يخطط لأن ينقل الواقع السوري إلى الواقع في ليبيا». وأكد حبش أن حل الأزمة في سوريا هو في «نصب طاولات الحوار»، واعتبر أن «أفضل سبيل للانتقال للدولة المدنية الديمقراطية، هو أن يقود هذا التحول الرئيس بشار الأسد في ولايته الدستورية، وأن نكون عونا له». ولفت حبش النظر إلى أن المشاركين يهدفون من خلال هذا المؤتمر إلى أن يكون «جسرا» للتواصل بين السلطة والمتظاهرين في الشارع.

وبعد أن ألقى حبش كلمته والنائب زهير غنوم، ومن ثم حسين عماش، بدأت المداخلات، وانسحب بعض المشاركين لعدم موافقتهم على أحد المحاور المطروحة والمتعلقة بـ«سحب الجيش وقوات الأمن من المدن السورية»، إذ اعتبروا أنه من الطبيعي في حالة وجود مسلحين في هذه المدن لجوء السلطات إلى هذا الحل.

وأحد المشاركين هب لينتقد ما قيل، وطالب بانسحاب الجيش وإسقاط النظام، وهتف بذلك عاليا، فرد عليه مشارك آخر بالضرب، وحصلت فوضى كبيرة في القاعة، وسارع رجال الأمن الموجودون في الفندق وخارجه بكثافة، إلى «شحط» ذلك المشارك، واقتادوه إلى مكان مجهول، وسط هتافات (الله.. سوريا.. بشار وبس)، في حين وقف الذي اعتدى عليه بالضرب أمام كاميرات عشرات وسائل الإعلام، ليشتم المشارك الذي طالب بإسقاط النظام، وقال: «هذا خط أحمر، والجيش خط أحمر، وهؤلاء يريدون تخريب البلد». وعندما سألته إحدى الصحافيات عن صفته التي يشارك بموجبها في المؤتمر تلكأ قبل أن يجيب: «بصفتي مواطنا سوريا، وبس». كما صرح مشارك آخر، قال إنه من المعارضة، لوسائل الإعلام بأن «هناك نوعين من المعارضة، معارضة تتكلم باسمها وتريد إسقاط النظام وتخريب البلد، ومعارضة تريد البحث عن حل».

وتوقفت فعاليات المؤتمر لنحو ساعة، لتعود وتستأنف من جديد، حيث وزعت ورقة نقاش مفتوح، تتضمن أربعة محاور: بناء السلطة، وآليات الانتقال السلمي لدولة الديمقراطية المدنية، والتشريعات الديمقراطية والدولة المدنية، والعدالة الاجتماعية والتنمية.

ودعت الورقة السلطة السياسية لاتخاذ خطوات سريعة لمعالجة الاحتقان، وبناء الثقة بين السلطة والمواطنين، من خلال عدة خطوات، الأولى مبادرة لوقف النزف بين أبناء الوطن، وسحب وحدات الجيش من المدن، وتكليف الشرطة وقوات حفظ النظام بحماية الأمن ومطاردة المسلحين، وحماية الوحدة الوطنية ومنع التحريض على الفتنة، ووقف اعتقالات الرأي، والإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين، وكفالة التظاهر السلمي مع التزام الشرطة بحماية المتظاهرين، والسماح لجميع وسائل الإعلام بتغطية الأحداث، والمحاسبة العلنية لكل من تسبب بقتل متظاهرين سلميين أو جيش أو أمن. كما تمت دعوة السلطة إلى إعلان جدول زمني للمرحلة الانتقالية لا يتجاوز 12 شهرا، وتشكيل حكومة انتقالية مستقلة تشرف على إجراءات المرحلة الانتقالية، وعقد مؤتمر مصارحة وطنية شامل في نهاية الفترة الانتقالية.