صحة الرئيس تزيد من حالة الشك في اليمن

يحيى صالح: على المتظاهرين التحلي باحترام النفس والعودة إلى بيوتهم

TT

قال أحد كبار المسؤولين اليمنيين المطلّعين على صحة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح إن إصابة الرئيس لن تمكّنه من ممارسة مهام منصبه لشهور مما يزيد من عدم اليقين في البلد الصحراوي الفقير الذي تخيم عليه حالة من الجمود والمراوحة. ومع استمرار وجود الآلاف من المحتجين في الشوارع وانهيار اقتصاد البلاد، يصرّ أقرباء صالح على التمسك بالسلطة وتكريس الخطاب الذي يقول إنهم العائق الوحيد أمام تولي الإسلاميين المسلحين للسلطة، بل ويؤكدون على عودة صالح إلى منصبه. نتيجة لذلك، لم يمهد سفر صالح إلى المملكة العربية السعودية لتلقي العلاج الطريق بعد للمرحلة الانتقالية، التي تدفع باتجاهها المعارضة والولايات المتحدة وحتى بعض أفراد من الحزب الحاكم، بل عوضًا عن ذلك أدى إلى تكريس الأزمة حيث ازداد مدّ الإسلاميين في الجنوب وفي اليمن الدولة ذات الـ23 مليون نسمة التي تصارع من أجل البقاء.

قال عبد الكريم الإرياني، رئيس الوزراء السابق والمستشار الرئاسي: «نحن إزاء مراوحة سياسية وعسكرية. ماذا نفعل؟ نحن بحاجة إلى التفكير في كيفية تجاوز الأزمة». وهناك عدة مقترحات مطروحة على الطاولة منها تشكيل حكومة وحدة وطنية وهو اقتراح مقدم من مجموعة من دول الخليج بقيادة المملكة العربية السعودية ويحظى بدعم الدول الغربية. الجدير بالذكر أن صالح وافق على المقترح قبل أن يصاب في هجوم بقنبلة في مسجد القصر الرئاسي منذ شهر لكنه رفض التوقيع عليه.

الآن في ظل عجز صالح، تتمثل العقبة الأكبر في طريق انتقال السلطة في أقاربه الذين يتقلدون مناصب رفيعة نافذة داخل قوات الأمن وعلى رأسهم ابنه وثلاثة من أبناء إخوته. هذه المجموعة التي يشير إليها المسؤولون اليمنيون بـ«البدلاء» ترفض شرعية الثورة التي خرج خلالها مئات الآلاف إلى الشوارع على مدى الخمسة أشهر الماضية لمناهضة نظام علي عبد الله صالح.

وقال العميد يحيى صالح، أحد أبناء إخوة الرئيس اليمني في مقابلة في مكتبه بمقر قوات الأمن المركزي شبه العسكرية التي يتولى قيادتها: «المشكلة أن باقي العالم يعتقد أنها ثورة الشباب». وتساءل قائلا: «كم عدد الذين يقفون في الميادين؟ هل يمثلون الأغلبية؟ هل يمكن للأقلية أن تحكم الأغلبية في دولة ديمقراطية؟ ينبغي أن يتحلوا باحترام الذات ويعودوا إلى منازلهم. لقد مضت خمسة أشهر وبات الوضع جد سخيف».

يتميز يحيى صالح، رجل الأعمال الناجح الذي تولى منصبه في الجيش عام 2004، بمظهر غير رسمي والذي يلبس حذاء عسكريا أسود، ويضع قدمه على طاولة صغيرة للقهوة وكثيرا ما ينفجر ضاحكا. ويحب صالح تشي جيفارا الذي يضع صورته على شاشة هاتفه المحمول وهو أمر غير متوقع من جنرال مهمته إجهاض الثورة. ويقول هو وأسرته إن المتظاهرين وعدة أطياف من المعارضة اليمنية حال وصولها إلى السلطة ستمهد الطريق إلى اختطاف الدولة من قبل تنظيم القاعدة. إنهم يخشون تسليم البلاد التي حكموها لعقود إلى خصوم سياسيين وأعداء من القبائل خاصة قبيلة الأحمر واللواء علي محسن الأحمر القائد العسكري الذي لا ينتمي إلى قبيلة الأحمر والذي دعم الحركة الاحتجاجية في مارس (آذار) الماضي بعد قتل قناصة تابعين للنظام اليمني 52 محتجًا وإطلاق النار على أكثر من 100 آخرين، بينما وقف جنود من قوات الأمن المركزي على بعد ثلاث بنايات يشاهدون ما يحدث.

وينتمي الشيخ حميد الأحمر، أكثر أفراد قبيلة الأحمر صراحة، إلى حزب الإصلاح ذي التوجه الإسلامي والذي يمثل جزءا من المشهد السياسي. ويتمتع اللواء الأحمر بصلات مع مسلحين إسلاميين عائدين من أفغانستان، رغم تقديمه لنفسه كصوت للاعتدال، بينما تقول أسرة صالح إن أي مظهر من مظهر الاعتدال عار.

قال اللواء يحيى صالح: «يرتكب الأميركيون خطئًا بدعمهم أي تغيير من شأنه أن يؤدي إلى سيطرة المتطرفين والإخوان المسلمين». كذلك رفض فكرة أن أي محاولة لدمج الإسلاميين المعتدلين في العملية السياسية سوف تقابل بقوة متطرفي حزب الإصلاح. وأضاف: «في الشرق الأوسط المتطرفون هم الأقوى، فهم لديهم السلطة، لذا لا يستطيع أحد التصدي لهم».

تعود هذه الفجوة التي توجد بين الأطراف إلى سنوات مضت، لكن الثورة هي التي جعلتها تطفو على السطح سريعًا، حيث يعتقد آل صالح أن قبيلة الأحمر هي التي تقف وراء إشعال جذوة الثورة. وكما تقضي المبادرة التي شاركت فيها دول خليجية وغربية بتخلي صالح عن السلطة تقضي بمغادرة قادة المعارضة البلاد لفترة محددة من الزمن. لقد أدت الفرقة إلى انقسام البلد، حيث يظل الوضع سجالا في شوارع العاصمة بين القوات الموالية لصالح وتلك الموالية للواء الأحمر. ويقول محللون إن السبب الوحيد وراء عدم تطور الوضع إلى الأسوأ هو أن كلا الطرفين مدجج بالسلاح. وكان اللواء صالح من أكبر المنتفعين من المعونة التي تقدمها الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب والتي جُمدت خلال الأزمة. وأشار إلى فتح تحقيق واف لمعرفة المسؤولين عن هجمات الثالث من يونيو (حزيران) على مسجد القصر الرئاسي. وقال: «تشير المؤشرات الأولية إلى تنظيم القاعدة، لكن لا بد أن ننتظر النتائج النهائية للتحقيق في محاولة الاغتيال خاصة في ضوء وجود بعض الدلائل التي تشير إلى تورط بعض رموز المعارضة في الهجوم». وقال: «لقد أدى كل من في النظام القسم وتعهدوا بحماية البلاد والثورة والوحدة. لذا أيا كانت وجهة نظرك، لن ننكث عهدنا الذي أشهدنا الله عليه».