منع عقد مؤتمر لمستقلين ومقربين من النظام في دمشق

النظام يحاصر مدينة حماه بالدبابات ودوي الرصاص.. وحملة اعتقالات بالجملة في ضواحيها

صورة ملتقطة من «يوتيوب» لانتشار الأمن والقناصة في مدينة درعا
TT

بعد يومين على خروج أضخم احتجاجات شهدتها مدينة حماه ضد الرئيس السوري بشار الأسد منذ تفجر الانتفاضة السورية قبل 3 أشهر، تمركزت آليات ودبابات الجيش السوري على بعض المحاور في مداخل المدينة، على وقع سماع دوي إطلاق نار كثيف، وفي موازاة حركة اعتقالات شملت العشرات في ضواحي المدينة مع توجه السلطات السورية إلى الحل العسكري لإخضاع المدينة، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن رئيس «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن.

وأشار عبد الرحمن إلى أن «97 آلية عسكرية بينها مدرعات وشاحنات وناقلات جنود تقل آلاف العسكريين اتجهت، مساء أول من أمس، نحو قرية كفر رومة الواقعة بين قرية كفرنبل ومعرة النعمان في ريف إدلب (شمال غرب)، لافتا إلى أن «المئات من سكان القرية خرجوا ليلا للتصدي ومنع تقدم الآليات، إلا أن الآليات تابعت سيرها لمباشرة العمليات العسكرية في تلك المنطقة».

وأفاد ناشطون حقوقيون عن «حملات اعتقال قام بها رجال الأمن مساء أول من أمس في عدة قرى تابعة لجبل الزاوية، كما تم هدم منازل لنشطاء في بلدة البارة واعتقال أهالي نشطاء متوارين من أجل الضغط عليهم وتسليم أنفسهم».

كانت مدينة حماه (210 كم شمال دمشق) قد شهدت أكبر مظاهرة منذ اندلاع موجة الاحتجاجات في البلاد، شارك فيها نحو نصف مليون متظاهر مطالبين برحيل النظام السوري.

في موازاة ذلك، اقتحمت، أمس، مجموعة من الشخصيات التي تطلق على نفسها اسم «شخصيات مستقلة» إحدى قاعات فندق سميراميس وسط دمشق، بعد تراجع إدارة الفندق عن قرارها باستقبالهم لإجراء مؤتمر دعوا إليه بعنوان «المبادرة الوطنية من أجل سوريا»، من أجل مناقشة سبل تعزيز البناء والحوار الإصلاحي. ولم يتمكن المجتمعون من عقد مؤتمرهم، بينما أعلن عدد من الشخصيات «انسحابهم» من المؤتمر، من أبرزهم: الباحث الاقتصادي مدير عام هيئة مكافحة البطالة حسين العماش، الذي رأى أن «ما يحصل لا يخدم سوريا، ويبدو أن بعض الجهات لا تريد للسوريين أن يتحاوروا من أجل وطنهم، ويمنعوننا من عقد اللقاء، فما بالهم يضربون مواعيد ووعودا عن حوار وطني مزعوم؟».

وعُقد المؤتمر في أجواء مضطربة نوعا ما وبعد أكثر من ساعة ونصف الساعة من التأخير عن موعده المقرر، وعلى الرغم من توزيع اللجنة المنظمة وثيقة تثبت موافقة مكتب نائب الرئيس السوري فاروق الشرع على عقد المؤتمر، فإن إدارة الفندق تمنعت في البداية عن فتح باب القاعة المخصصة للاجتماع دون أن تقدم أي خدمات للمجتمعين الذين تجاوز عددهم الـ40 من دون إضاءة أو ماء أو تكييف.

وهاجم النائب الإسلامي المعروف، الشيخ محمد حبش، بشدة «كل من أعاق عقد هذا المؤتمر»، وقال: «سنلاحقهم أمام القضاء، لقد حرمونا من الماء والضوء، وسنواصل عملنا من أجل سوريا». وبعد أقل من ساعة من عقد اللقاء، أثناء استراحة بين الكلمات التي ألقيت، تقدم رجل من المنصة وتوجه للمؤتمرين بالقول: «مؤتمركم يريد إسكات صوت الشارع، لكن الشارع يريد إسقاط النظام». وفور ذلك، انهال عليه البعض بالركل والضرب ورموه أرضا ووقع على درج القاعة ومزقت ثيابه قبل أن يتدخل البعض لحل الاشتباك وإخراجه.

كانت لجنة المؤتمر قد أشارت في بيان مسبق إلى أنه «بناء على الظرف الدقيق الذي تعيشه المنطقة عموما وسوريا خصوصا من ناحية تحديات التغيرات السياسية والتطورات التي تحصل بفعل قوى شعبية وقوى مختلفة في المنطقة.. تعمل هذه اللجنة بصفة العقلاء والمفكرين الوطنيين الذين يسعون من خلال تنوعهم ووعيهم وإدراكهم لتحديات المستقبل أن يطرحوا تصورهم للإصلاح المتكامل والضروري للمرحلة».

وعلى الرغم من أن الشخصيات المشاركة في المؤتمر تصنف نفسها في إطار الشخصيات المستقلة، فإن تصريحات البعض منهم عكست قربهم من النظام السوري. وتحدث الشيخ محمد خضر، الآتي من مدينة حمص، عن «وجود مؤامرة تستهدف سوريا إحدى قلاع الممانعة والصمود في وجه العدو الصهيوني»، مبينا أن «هناك فرقا بين الذين ينزلون إلى الشوارع للمطالبة بمطالب محقة، وبين من يضمرون لسوريا العداء ويسعون لتدخل خارجي يؤدي إلى تدمير البلد».

واختلفت التفسيرات حول سبب منع السلطات لتنظيم هذا المؤتمر، فوضع البعض ما حصل في إطار «مسرحية قام بفبركتها النظام بهدف إحراق أسماء معتدلة تعمل تحت سقفه»، بينما اعتبر آخرون أن النظام «يسعى، عبر هذا المؤتمر، إلى إنتاج معارضة من داخله تنضبط بتعليماته ويستخدمها في صراعه مع الشارع».