قائد عسكري سابق: الجيش الباكستاني ما زال يدعم الجماعات المسلحة

قال إن جماعات مثل «عسكر طيبة» و«حركة المجاهدين» تتلقى التدريب والتخطيط والحماية من قادة في الجيش

TT

ما زال الجيش الباكستاني يرعى عددا كبيرا من الجماعات المسلحة في إطار استراتيجية استخدام وكلاء وأذرع ضد دول الجوار والقوات الأميركية في أفغانستان التي يتبعها منذ ثلاثة عقود. لكن يتشكك بعض المسلحين التي قامت بتدريبهم في جدوى وفاعلية تلك الاستراتيجية على حد قول قائد عسكري بارز سابق. وقال هذا القائد إن الجيش الباكستاني دعمه كمقاتل وقائد ومدرب للمتمردين لمدة 15 عاما حتى تقاعد منذ بضع سنوات. أجرى القائد المعروف في الدوائر العسكرية لكن بهوية زائفة مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» دون الإفصاح عن هويته أو مكانه أو أي تفاصيل شخصية أخرى. يقول القائد إن قادة إسلاميين يديرون شؤون الجماعات المسلحة مثل عسكر طيبة وحركة المجاهدين وحزب المجاهدين، مع تقديم الجيش الباكستاني التدريب والتخطيط الاستراتيجي والحماية لتلك الجماعات.

وأشار إلى أن هذا لا يزال قائما حتى هذه اللحظة. تناقض رواية القائد السابق ما تقدمه باكستان منذ سنوات للمسؤولين الأميركيين منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر من تأكيدات بأنها توقفت عن دعم تلك الجماعات المسلحة في أعمالها الإرهابية. ومنحت الولايات المتحدة باكستان معونات قدرها 20 مليار دولار على مدى العقد الماضي للمساعدة في مكافحة الإرهاب. لكن يقول القائد العسكري السابق إن الجيش الباكستاني والاستخبارات الباكستانية لا تزال متمسكة بسياستها الداعمة للجماعات المسلحة باعتبارها أدوات في الصراع بين باكستان والهند على إقليم كشمير الحدودي وفي أفغانستان لطرد القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي.

وأوضح قائلا: «هناك مجموعتان تديران هذه الأمور: الملالي واللواءات المتقاعدون». وذكر اسماء عدد من المسؤولين العسكريين السابقين المشتركين في هذا البرنامج ومنهم رؤساء استخبارات سابقون وعدد من اللواءات المتقاعدين. وأضاف: «ما زال هؤلاء يلعبون دورا هاما حتى الآن».

وكان المقدم ظهير الإسلام عباسي، ضابط الاستخبارات السابق الذي أدين بتهمة التخطيط لانقلاب ضد حكومة بي نظير بوتو عام 1995 لكنه توفي من أكثر الداعمين للجماعات المسلحة نشاطا خلال السنوات التي أعقبت هجمات الحادي عشر من سبتمبر على حد قول القائد السابق.

وقال إنه رأى عباسي عدة مرات، إحداها في اجتماع لحركة طالبان وقادة عسكريين باكستانيين في إقليم خيبر باختنكوا أثناء تخطيطهم لمواجهة القوات الأميركية في أفغانستان ومرتين في مدينة مير علي التي باتت مركز المسلحين الأجانب في منطقة القبائل الباكستانية ومن ضمنهم أفراد من تنظيم القاعدة. وحضر اجتماع حركة طالبان في نهاية عام 2001 نحو 60 شخصا بعد فترة قصيرة من سقوط حكومة طالبان على حد قول القائد السابق. وحضر قادة من الجيش الباكستاني الاجتماع، وكذلك عبد السلام ضعيف، سفير طالبان لدى باكستان ومحمد حقاني، أحد أفراد شبكة حقاني.

وكذلك حضر الاجتماع عدة قادة من جهاز الاستخبارات الباكستاني، لكنهم متقاعدون حاليا. من هؤلاء رجل يعرف باسم العقيد إمام، لكن هويته الحقيقية هي العميد الشهير سلطان أمير الذي تولى تدريب المسلحين واللواء عباسي. وقسمت الجماعات المسلحة أفغانستان إلى مناطق منفصلة للعمليات وناقشوا كيفية «عرقلة أميركا» على حد قوله.

وأضاف أن الجيش الباكستاني ما زال يدعم حركة طالبان أفغانستان في قتالها من أجل طرد القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي من أفغانستان وأوضح أنه يعتقد أنهم سينجحون.

وما زالت الاستخبارات الباكستانية تدعم جماعات مسلحة باكستانية أخرى حتى ممن انقلبوا ضد الحكومة لأن الجيش ما زال يريد الاحتفاظ بهم كأداة تستخدمها في الصراع ضد عدوها اللدود الهند على حد قوله. وأشار إلى تبني الجيش سياسة فرق تسد، حيث حضّ على الانقسام بين الجماعات المسلحة لإضعافها وبالتالي سهولة السيطرة عليها. ورغم فقدان الجيش السيطرة على الكثير من مقاتلي هذه الجماعات وكذلك المقاتلون الأجانب في منطقة القبائل الذين ينتمون إلى تنظيم القاعدة، والذي يجاهر بعضهم بمعارضته للحكومة الباكستانية، ترددت الحكومة الباكستانية في اتخاذ أي إجراء ضدهم على حد قوله، حيث يمكن لباكستان بسهولة قتل حكيم الله محسود، القائد سيئ السمعة لحركة طالبان باكستان، لكنها اختارت ألا تفعل. وأضاف: «إذا أعطاني أحدهم 20 ألف روبية سأقوم بذلك» أي ما يعادل 235 دولارا. وأوضح قائلا: «الحكومة الباكستانية ليست معنية بالقضاء عليهم تماما. لقد اعتاد الجيش الباكستاني على الاستعانة بوكلاء». وأشار إلى وجود الكثير من المتعاطفين في الجيش الذين ما زالوا يدعمون الاستعانة بالمسلحين.

ولدى باكستان من 12 إلى 14 ألف مقاتل مدرب في إقليم كشمير ينتشرون في عدة معسكرات في باكستان يبقون عليهم للاستعانة بهم في حال اندلاع حرب مع الهند كما أوضح.

لكنه يقول إن باكستان بذلك تخسر معركتها من أجل كشمير، فأكثر سكان الإقليم يطالبون بالاستقلال ويرفضون أن يصبحوا تابعين لباكستان أو الهند. منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر وجهت باكستان اهتمامها بعيدا عن إقليم كشمير وأفغانستان ولم يعد الكثير من المقاتلين في كشمير يهتمون بهذا الصراع وقبلوا العرض الذي قدمته لهم الهند بالعفو والسماح لهم بالعودة إلى موطنهم.

ونأى آخرون مثل القائد العسكري السابق بأنفسهم عن هذا عند شعورهم بالتضليل فيما يتعلق بطريقة استغلالهم للقتال في حرب بن لادن أو لأهداف تخدم قادة كبارا يعملون على إقامة تحالف بين باكستان والولايات المتحدة للحصول على المعونات الأميركية. وقال مشيرا إلى الجيش: «هناك الكثير من الناس الذين لا يعتقدون أنهم يقومون بالأمر الصائب». وقال مشيرا إلى بن لادن: «من الخطأ التضحية بـ16 ألف شخص من أجل شخص واحد. على المرء أن يضحي بنفسه من أجل 16 ألف شخص» موضحا أنه يذكر ذلك على سبيل المثال.

وأضاف مشيرا إلى بن لادن: «لقد خسرت حركة طالبان الحكم من أجل شخص واحد. وخاضت باكستان الحرب فقط من أجل بضعة جنرالات وتخوضها الآن من أجل الرئيس زرداري» في إشارة إلى الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري. وقال أخيرا: «إن الحرب الحقيقية تخاض من أجل الوطن».

* خدمة «نيويورك تايمز»