مئات الآلاف يتظاهرون في حماه بوجود السفيرين الفرنسي والأميركي.. من دون قمع قوات الأمن

مقتل 13 مدنيا برصاص الأمن في مناطق متفرقة.. ومظاهرات عمت مدن سوريا في «جمعة لا للحوار»

مئات الآلاف في حماه في «جمعة لا للحوار»
TT

تحدى سكان حماه، أمس، الحصار العسكري على مدينتهم، وخرجوا في يوم «جمعة لا للحوار» بمئات الآلاف يطالبون بإسقاط النظام، من دون أن تتعرض لهم قوات الأمن، حيث أعاد سكان المدينة ذلك إلى وجود السفيرين الأميركي والفرنسي في ما بينهم يوم أمس، بعد أن كانا وصلا إلى المدينة يوم أول من أمس.

وعلى الرغم من أن السفير الفرنسي لدى سوريا، اريك شوفالييه، توجه أول من أمس، الخميس، إلى حماه مع السفير الأميركي، روبرت فورد، فإن النظام السوري لم يأت على ذكر السفير الفرنسي في الانتقادات التي وجهها أمس لفورد. وثمة من تندر من الناشطين على صفحات موقع «فيس بوك»، بأن «مرد تجاهل النظام السوري لزيارة السفير الفرنسي هو أن وزير الخارجية، وليد المعلم، قال في وقت سابق إننا سننسى وجود أوروبا على الخريطة»، بسبب العقوبات الأوروبية التي فرضت مؤخرا على شخصيات سوريا من بينها الرئيس، بشار الأسد.

وكانت قناة «الوصال» التي يظهر فيها الشيخ عدنان العرعور في برنامج «ماذا يريد السوريون»، أول من أورد مساء أول من أمس، الخميس، في خبر عاجل، خلال برنامجه، توجه وفدين، أميركي وفرنسي، إلى مدينة حماه. ويصنف النظام السوري قناة «الوصال» على رأس قائمة قنوات الفتنة والتحريض التي تحض الشارع السوري على التظاهر، كما يعتبر الشيخ عدنان العرعور، ابن حماه المنفي منذ 4 عقود، واحدا من ألد أعدائه.

وخرجت في حماه، أمس، حيث كان متوقعا أن يكون يوما داميا بعد أسبوع من التوتر والاعتقالات والملاحقات أسفر عن سقوط أكثر 23 قتيلا، مظاهرات حاشدة توافد إليها المشاركون من مدينة حماه وريفها، وقدر عددهم بـ450 ألف متظاهر. وقال ناشطون إنه تم إلقاء كلمة باللغة الإنجليزية في ساحة العاصي تتضمن مطالب أهالي مدينة حماه، وتليت بحضور السفير الأميركي.

وبحسب مصادر محلية، التقى السفيران، الفرنسي والأميركي، عددا من الأهالي من المحتجين، كما قاما بزيارة إلى أحد المستشفيات واطلعا على الوضع ميدانيا، الأمر الذي أغضب السلطات السورية التي قامت بتنظيم مسيرات تأييد للنظام واحتجاج على التدخل الخارجي وزيارة السفير الأميركي إلى حماه. فتجمع مؤيدو النظام في ساحة الحجاز وسط العاصمة، دمشق، وفي ساحة باب توما مساء يوم أمس احتجاجا على زيارة فورد، وتأييدا «لبرنامج الإصلاح».

وبالتوازي مع ذلك، صعدت السلطات السورية يوم أمس في حدة مواجهتها للمظاهرات الاحتجاجية مستخدمة العنف المفرط الذي لم تجرؤ على استخدامه في مدينة حماه نظرا لوجود السفيرين الفرنسي والأميركي هناك، لكنها استخدمته في مناطق أخرى، وأدى إلى مقتل 13 شخصا على الأقل، بحسب ما قال ناشطون. ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤول أميركي أن السفير فورد غادر حماه بعد الظهر «كي لا يشتت الانتباه خلال المظاهرات الأسبوعية».

وقال ناشطون إن المشاركين في مظاهرة حماه من أبناء بلدات طيبة الإمام وخطاب واللطامنة وصوران، تعرضوا لدى عودتهم من حماه، عند مفرق قمحانة، لإطلاق النار عليهم من قبل «شبيحة النظام»، أسفر عن وقوع نحو 30 جريحا. وأضاف الناشطون أن أهالي حلفايا الذين هبوا لمؤازرة أهالي حماه، تعرضوا بدورهم لإطلاق نار من قبل قرية الوزة، مما أسفر عن إصابة شخصين بجراح وتم إسعافهما بنقلهما إلى مستشفى الحوراني. وقال الناشطون إن أهالي حلفايا، ورغم إطلاق النار عليهم، تابعوا مسيرهم إلى حماه وانضموا للمتظاهرين في ساحة العاصي.

وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية نقلا عن منظمتين حقوقيتين، أن قوات الأمن قتلت أمس، خلال تفريقها المظاهرات، 6 متظاهرين في مدينة الضمير في ريف دمشق و5 متظاهرين في حمص (وسط) ومتظاهرين اثنين في حي الميدان بوسط العاصمة، دمشق. وأكد رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، للوكالة «مقتل 6 أشخاص عندما أطلق رجال الأمن النار لتفريق متظاهرين في مدينة الضمير (ريف دمشق)». وأعلن رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان، عبد الكريم ريحاوي، عن «مقتل 5 متظاهرين في مدينة حمص (وسط) ومتظاهرين اثنين في حي الميدان وسط العاصمة، دمشق، بنيران رجال الأمن خلال تفريق مظاهرات».

وفي مدينة الرستن القريبة من حماه، قال ناشطون في معلومات غير مؤكدة، إنه بعد خروج مظاهرة عقب صلاة الجمعة، تم إطلاق رصاص حي لتفريق المتظاهرين، في حين قامت مجموعة من «الضباط الأحرار»، الذين سبق وانشقوا عن الجيش، بمهاجمة المقار الأمنية.

وفي معرة النعمان في محافظة إدلب (شمال غربي)، قالت مصادر محلية إن الدبابات توجهت يوم أمس من وادي الضيف إلى الطريق العام لمنع عبور متظاهري القرى الشرقية إلى معرة النعمان، وجرى إطلاق نار عليهم، مما أسفر عن سقوط قتيل وعدد من الجرحى.

وتجمع عدد كبير من أهالي إدلب في معرة النعمان في مظاهرة حاشدة قدرت بأكثر من 50 ألف متظاهر، وقد قامت قوات الأمن والجيش بإطلاق الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين، أدى إلى سقوط 3 قتلى وعدد كبير من الجرحى، بعدها شهدت المدينة نزوحا للسكان مع استمرار إطلاق الرصاص وتوجه آليات الجيش نحو المدينة مع قطع كامل للاتصالات.

وأفادت مصادر محلية بوجود نحو 11 مصابا في إدلب بحالة خطيرة جدا، ووجود جثث قتلى في المستشفى الوطني الذي تحاصره قوات الأمن وتقوم باعتقال المصابين. وقد خرجت مظاهرات في قرى إدلب؛ بنش وسراقب وخان شيخون وكفر نبل تفتناز.

وفي دمشق، خرجت مظاهرة كبيرة في حي ركن الدين لنصرة حماه، تدعو إلى رفض الحوار مع النظام. إلا أن قوات الأمن سارعت إلى تفريق المتظاهرين بإلقاء كثيف للقنابل المسيلة للدموع. كما قامت قوات الأمن بإطلاق الرصاص الحي على مظاهرة أخرى خرجت في دمشق في حي الميدان. وهذه المرة الثانية التي يستخدم فيها الأمن الرصاص الحي لتفريق مظاهرة الميدان التي تخرج من جامع الحسن.

إلى ذلك، قال ناشط حقوقي، أمس، إن متظاهرين جرحوا مساء أول من أمس بالقرب من دمشق عندما أطلق رجال الأمن النار عليهم أثناء مشاركتهم في مظاهرة ليلية. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «رجال الأمن أطلقوا النار مساء الخميس لتفريق متظاهرين كانوا يشاركون في تظاهرة ليلية في مدينة حرستا (ريف دمشق) مما أسفر عن سقوط عدد من الجرحى». وأشار الناشط إلى أن «إصابة بعضهم خطرة» دون أن يتمكن من تحديد عدد المصابين. وتشهد مدينة حرستا المجاورة لمدينة دوما (15 كلم شمال دمشق)، معقل الاحتجاجات في ريف دمشق، حضورا أمنيا كثيفا منذ 3 أسابيع.