المعارضة تدعو أنصارها للتعاون مع لجنة تقصي الحقائق في أحداث فبراير

الحوار البحريني يدخل مفترق طرق.. والحكومة المنتخبة ستشعل النقاشات

TT

يدخل حوار التوافق الوطني الذي دعا إليه العاهل البحريني أواخر الشهر الماضي، منعطفا مهما اليوم، بل قد يمثل مفترق طرق حول اتجاه التوافق في ما يتعلق بالجانب السياسي، حيث إن المحور السياسي الرئيسي الذي سيطرح في الجلسة الثالثة للحوار في مركز عيسى الثقافي في العاصمة البحرينية اليوم يناقش موضوع «الحكومة»، حيث سيتركز النقاش حول «ضوابط وضمانات تمثيل إرادة الشعب في الحكومة، والخيارات المتاحة لتحقيق إرادة الشعب في الحكومة، بالإضافة إلى علاقة السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية».

وفي الوقت الذي جددت فيه المعارضة البحرينية تمسكها بمطلبها (حكومة منتخبة) خلال مظاهرة حاشدة من أنصارها أول من أمس، قال عضو بارز في مجلس الشورى إن الحكومة المنتخبة متروكة لرؤية الملك حمد بن عيسى آل خليفة، مشيرا إلى أن التركيبة الخليجية والخبرة التي تتمتع بها الحكومة البحرينية الآن تتطلب الاستمرارية على هذا النهج.

وقال عبد الرحمن جمشير، عضو مجلس الشورى، لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن أن نحدد إلى أين ستتجه المناقشة في هذا المحور، خاصة في ما يتعلق بالحكومة المنتخبة، ووفقا لرؤيتي الشخصية، وكون البحرين جزءا من مجلس التعاون الخليجي وأننا لا يمكن أن نخرج عما جبل عليه الوضع السياسي في المنظومة الخليجية، أو حتى في دولة الكويت الأقدم ديمقراطية في المنطقة، فإن رئيس الوزراء يعين من العائلة المالكة، ولكن مع التطور ومرور الزمن فإن الملك هو من يحدد الوقت الملائم لحكومة منتخبة أو الاستمرارية على النمط نفسه انطلاقا من الواقع البحريني. وعلينا أن نترك الرأي للملك في طريقة تشكيل الحكومة. بيد أن الخبرة التي تتمتع بها الحكومة والتي تدعم التقدم في مختلف الجوانب، وتعزيز التعاون مع دول المنطقة، قد لا تتوافر في الوقت الحالي لا في المعارضة ولا في الموالاة، ولا بد أن نصر على الوضع الحالي للحفاظ على الاستقرار الأمني والاقتصادي». ودعا عبد الرحمن جمشير الدول الغربية والأمين العام لهيئة الأمم المتحدة إلى الابتعاد عن التصريحات التي تؤزم الوضع في البحرين، ولا تخدم سير حوار التوافق الوطني الذي يتحاور فيه الآن الشعب البحريني بجميع أطيافه.

وأكد جمشير، وهو أحد المشاركين في المحور السياسي، لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوار يسير بشكل إيجابي والكل يسهم لدفع دفة الحوار نحو النجاح، عطفا على المشاركة الفعالة من ممثلي جمعية الوفاق الإسلامي (أكبر الجمعيات السياسية الشيعية المعارضة)، وذلك من خلال وجودهم وطرح مرئياتهم، في أجواء هادئة، وبعيدا عن التهديدات على الأقل على طاولة الحوار أو التهديد باللجوء إلى الشارع في حالة فشل الحوار، في حين أن الكل يدلي بمرئياته بكل حرية وشفافية.

وأوضح جمشير أن هناك تفاوتا في الطرح من المشاركين في حلقة النقاش في المحور السياسي خلال الجلسة الثانية، والتي اقتصرت على نظام المجلسين (البرلمان والشورى)، فهناك من يريد أن يحسن من شروط المنتخبين للشورى، ومطالبات أخرى بتوسيع صلاحيات مجلس النواب، فيما تركزت مطالب المعارضة على أن تكون السلطة التشريعية في المجلس المنتخب. وبين جمشير أنه وفقا للدستور فإن السلطة التشريعية تتكون من مجلسين (النواب والشورى) من دون أن يقتصر دور مجلس الشورى على الاستعانة به لأخذ رأيه دون أن يكون له قرار في التشريع، معتبرا أن كل الآراء والمرئيات ما هي إلا خيارات مطروحة، مضيفا أن الكثير من المشاركين طلبوا وضع معايير وشروط محددة لاختيار أعضاء الشورى على أساس الكفاءة والخبرة.

وأضاف عبد الرحمن جمشير في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن مجلس الشورى قدم الكثير، وأسهم في الحفاظ على التوازن الذي جاء به ميثاق العمل الوطني الذي صوت عليه الشعب، وذلك في كل النواحي وصيانة حقوق الأقليات، وضمن مشاركة المرأة التي ليس لها نصيب في الانتخابات، حيث توسعت مشاركة المرأة في مجلس الشورى ووصلت إلى ما يقارب 25 في المائة. وقال «في التشريع قمنا بعمل جيد وبشهادات نواب حاليين وسابقين، كما نشعر بالثقة، بل أصبح من الضروري وجود مجلس الشورى لحفظ التوازن».

وحول ما يطرح من أن المجلس يعطل بعض القوانين أو ما يتبناه مجلس النواب قال جمشير «بالعكس، فمجلس الشورى لم يعطل أي قانون، حتى إن القوانين المتأخرة لدى لجان المجلس عددها محدود جدا، لكن المجلس له أن يبدي الرأي أو يعارض أو يتفق مع بعض هذه القوانين من ناحية مهنية لأن مجلس الشورى يضم نخبة من المختصين وذوي الخبرات المتنوعة».

وقال عبد الرحمن جمشير «أتمنى من المعارضة أن تسير في هذا الحوار التوافقي للنهاية، ووضع مصلحة البحرين فوق أي اعتبار، عند أي قرار تتخذه، وأن تبتعد عن التأزم الذي أدخلنا في نفق مظلم، وعطل المسيرة التنموية في البلاد، كما أن اللجوء إلى أي تهديد في الشارع لن يفيد الاقتصاد البحريني بل ستكون الخسارة مضاعفة على الجميع سنة وشيعة».

على صعيد آخر، قال خليل مرزوق، القيادي في جمعية الوفاق الإسلامية والمشارك في الحوار الوطني، إن «رغبتنا صادقة لانتشال البحرين من مآزقها السياسية والأمنية المتكررة، وقررنا الذهاب للحوار، ونحن نعلم وتعلمون أنه غير جاد ولن يثمر». وقال مخاطبا أنصار جمعية الوفاق «إصرارنا على إيجاد حوار جدي ومثمر ينتشل البحرين من مآسي المشكلات السياسية مبدأ لا حياد فيه، وخياراتنا مع ما هو مطروح من منتدى حوار بهذا الشكل وهذه الأجواء مفتوحة، تحت محددين رئيسيين: تحقيق مطالبنا الوطنية بسقوفها التي ترتضونها، وما لا ترتضونه لا نرضاه أيضا».

وأضاف «نريد حكومة منتخبة لينتهي التمييز البغيض على أسس طائفية وقبلية وعائلية وعرقية، ونريد حكومة منتخبة، ونريد مشاريع إسكانية وخدمية ومرافق عامة لأنها حقوقنا، ونريد حكومة منتخبة محاسَبة من سلطة تشريعية كاملة الصلاحيات التشريعية والرقابية، ناتجة عن دوائر تعبر عن تمثيل مواطنين لا عوائل أو قبائل أو طوائف أو فئات».

واعتبر أن «الحكومة المنتخبة بإرادة شعبية، لا يمكن إلا أن تستوعب الجميع، ويستحيل أن تهمش أي مكون، فلا داعي لبث الخوف المصطنع، ولا نريد إلغاء أحد، ولن نقبل بأن يلغينا أحد بعد اليوم». وأضاف أن «التحرك هو من أجل جميع البحرينيين بمختلف طوائفهم وانتماءاتهم، وأن الحكومة المنتخبة من أجل الجميع».

وطالب خليل مرزوق أنصار جمعية الوفاق بالتعاون مع لجنة تقصي الحقائق التي أعلن العاهل البحريني عن تشكيلها وضمت لجنة محايدة برئاسة الخبير القانوني محمود شريف بسيوني، وقال إن «لجنة التحقيق في الأحداث الأخيرة يجب ألا يخاف منها أحد، ويجب أن يوثق كل انتهاك بتفاصيله بكل صدقية، وتُرسل نسخة منه لمن تثقون به من الجمعيات والحقوقيين الذين يعملون معكم»، مشيرا إلى أن «التقارير الموازية ستحدد موقف (الوفاق) من الحكم على اللجنة إن كانت حيادية أم لا».

وأضاف مخاطبا أنصاره «احتشدنا اليوم لنقول للعالم إننا صامدون ومصرون على مطالبنا العادلة، التي حصل عليها 90 في المائة من العالم، وطالب بها التونسيون والمصريون والمغربيون وحصلوا عليها، ولا يزال يطالب بها الليبيون واليمنيون والجزائريون والسوريون، وسيحصلون عليها».

وبجانب المحور السياسي الذي من المقرر أن يناقش المشاركون فيه موضوع «الحكومة»، فإن المحور الاجتماعي سيناقش موضوع «الأمن والسلم الأهلي»، حيث سيتركز النقاش حول عدة موضوعات ذات علاقة بـ«مستقبل أمن البلاد في ضوء الأزمات التي شهدتها البحرين في السنوات الأخيرة وبشكل خاص في ضوء الأزمة الأخيرة»، ويطرح على جدول أعمال المحور الاقتصادي موضوع الحكومة في إدارة المال العام، حيث سيتركز النقاش حول موضوعات من بينها «سرية المعلومات وأهمية نشرها، والمساءلة المالية في القطاعين العام والخاص، وأملاك الدولة، وجمع المال للمنفعة العامة، وإعادة توجيه الدعم ومساعدة المجتمع في التنمية، والتقليل من العجز في الموازنة، وتحديد الفئات المستهدفة، وعوائد توجيه الدعم الحكومي، بالإضافة إلى العدالة الاجتماعية». ويضمن المحور الحقوقي حرية التعبير وحرية التجمع، وستتم مناقشة «قانون المطبوعات والنشر، وتنظيم الإعلام الإلكتروني، بالإضافة إلى ضوابط تنظيم الاجتماعات العامة والمسيرات».

إلى ذلك، أوضح عيسى عبد الرحمن، المتحدث الرسمي لحوار التوافق الوطني، أن عدم اكتمال مناقشة أي محور من المحاور المطروحة على أجندة الحوار، لا يعني عدم مناقشتها مرة أخرى، مضيفا أنه سيتم إدراج المحاور التي لم تكتمل مناقشتها في الجلسات المقبلة، ومنها محور الجمعيات السياسية الذي تمت مناقشته في الجلسة الأولى ولم يكتمل النقاش حوله، وسيتم إدراجه في الجلسة المقبلة.